ثقافة رسالية

كيف يؤثر الإنصات على تحسين علاقاتك وحياتك؟

قال ــ تعالى ــ: {وَهُوَ ٱلَّذِيٓ أَنشَأَ لَكُمُ ٱلسَّمۡعَ وَٱلۡأَبۡصَٰرَ وَٱلۡأَفۡـِٔدَةَۚ قَلِيلٗا مَّا تَشۡكُرُونَ}.
دعت امرأة صديقاتها لتناول كعكة من صناعة يدها، ولما حضرت الكعكة واستعد الجمع للأكل قطع صوت المرأة الصخب بكلمة “سألقي عليكن مكونات هذه الكعكة”، فذكرت ضمن المكونات الزرنيخ وهو سم قاتل، لم تسأل أي من صديقاتها عن الزرنيخ وهرعن للأكل سريعاً
ألم تسمعن ما قلت؟ فيه زرنيخ! سمعنا لكن لم ننتبه.
المطلوب هو الاستماع وليس مجرد السماع هناك فرق كبير، فمن أعظم نعم الله علينا نعمة الأذن، والتي نستطيع شكرها بالإستماع، لكننا قليلاً ما نستمع للآخرين، كم هو صعب أن نستمع للآخرين في الخارج ونحن نسمع ضجيج عقولنا من الداخل؟
الاستماع للآخرين يعطيك فرصة لتتعلم، وأخرى لتتواصل مع الآخرين الذين يعطونك مفاتيح قلوبهم ويفتحون لك صناديق أسرارهم.
تكمن خطورة وأهمية الاستماع في أنه وسيلة الهداية والضلال، وهو في نفس الوقت طريق القلب أو لنقل: تربطه علاقة قوية بالقلب {وَنَطۡبَعُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمۡ فَهُمۡ لَا يَسۡمَعُونَ}.

⭐ تكمن خطورة وأهمية الاستماع في أنه وسيلة الهداية والضلال، وهو في نفس الوقت طريق القلب


الطرف للمقابل بمجرد أن تستمع له سيشعر بأنك تقدّر وجوده وتعطي أهمية لكلامه ومشاعره، وهذا الشعور سرعان ما سيتحول إلى طاقة إيجابية تنعكس على قلبه وحياته، وبالتالي تنعكس على قلبك أنت المصغي وعلى حياتك، سيحاول ذلك الشخص أن يبادلك الإحترام والمشاعر الطيبة وسيشعر أنك حملت ثقلاً كبيراً عنه، مع أنك لم تتعب في الحقيقة، بينما لو فعلت العكس مع من يخاطبك فسيشعر بالإهانة ويحاول معاملتك بالمثل.
وكذلك من أهمية الاستماع أنه وسيلة القادة الناجحين، وسيلة حلّت الكثير من المشاكل وانتصرت في الكثير من الحروب وجذبت الكثير من القلوب.
عندما علم أعداء الرسول الأعظم محمد، صلى الله عليه وآله، بخطورة هذه الوسيلة؛ وجهوا أسلحتهم الإعلامية ودعاياتهم وأساليبهم الخبيثة لنزع هذا السلاح الفتاك من رسول الله(سلاح الاستماع)، وكانت خطتهم هي ثني رسول الله عن الاستماع لعامة الناس والبسطاء وذلك بتعييره بالاستماع وتقبيح قضية الاستماع والاستنقاص ممن يستمع.
فنزلت الآية القرآنية لتأييد الرسول وتأييد وسيلته المفضلة وهي الاستماع قبل التكلم، قال ــ تعالى ــ: {وَمِنۡهُمُ ٱلَّذِينَ يُؤۡذُونَ ٱلنَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٞۚ قُلۡ أُذُنُ خَيۡرٖ لَّكُمۡ يُؤۡمِنُ بِٱللَّهِ وَيُؤۡمِنُ لِلۡمُؤۡمِنِينَ وَرَحۡمَةٞ لِّلَّذِينَ ءَامَنُواْ مِنكُمۡۚ وَٱلَّذِينَ يُؤۡذُونَ رَسُولَ ٱللَّهِ لَهُمۡ عَذَابٌ أَلِيمٞ} (سورة التوبة آية: 61).

⭐ من أهمية الاستماع أنه وسيلة القادة الناجحين، وسيلة حلّت الكثير من المشاكل وانتصرت في الكثير من الحروب وجذبت الكثير من القلوب

بقي أن نعرف ممن نسمع وماذا نسمع؟
أما ممن نسمع؟ فمن الجميع، حتى الأعداء، قال النبيّ، صلى الله عليه وآله: “اطلبوا العلم ولو بالصين فإنَّ طلب العلم فريضةٌ على كلّ مسلم”، وقل أمير المؤمنين الإمام علي، عليه السلام: “الحكمة ضالة المؤمن، فخذ الحكمة ولو من أهل النفاق”، وقال عليه السلام: “الحكمة ضالة المؤمن، فاطلبوها ولو عند المشرك تكونوا أحق بها وأهلها”. (ميزان الحكمة؛ ج1).

ماذا نسمع؟
1- نسمع الهدى، قال ـ تعالى ــ :{ٱلَّذِينَ يَسۡتَمِعُونَ ٱلۡقَوۡلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحۡسَنَهُۥٓۚ أُوْلَٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ هَدَىٰهُمُ ٱللَّهُۖ وَأُوْلَٰٓئِكَ هُمۡ أُوْلُواْ ٱلۡأَلۡبَٰبِ}.

2- نسمع مشاكل الناس واقتراحاتهم وملاحظاتهم وتنبيهاتهم.

3- نسمع العلم، قال ــ تعالى ــ: {وَلَا تَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ قَالُواْ سَمِعۡنَا وَهُمۡ لَا يَسۡمَعُونَ}.

عن المؤلف

كرار المدني/ طالب في كلية الإدارة والاقتصاد

اترك تعليقا