تربیة و تعلیم

دور المعلم في بناء المنهج وتنفيذه وتقويمه وتطويره وربطه بالحياة

شهدت المجتمعات اليوم كثيرا من التغيرات في كل ناحية من نواحي الحياة، وتأثرت بها واستجابت لها بدرجات متفاوتة، بالقدر الذي تسمح به الظروف الخاصة بكل مجتمع من هذه المجتمعات، وقد أثرت حتمية التغير على كل ناحية من نواحي التربية فيها، سواء ما يتعلق منها بفلسفة التربية وأهدافها ومناهج التعليم، أو دور المدرسة وعلاقتها بالمجتمع.

وقد تأثر بالضرورة دور المعلم ووظائفه ومسؤولياته الجديدة في هذا المجتمع المتغير، وما تبع ذلك من أهمية أعداده وتأهيله للدور الجديد الذي سوف يؤديه داخل هذا الإطار الذي تحكمه عوامل التغيير المختلفة، ومن هذا تعددت أدواره امام المنهج التعليمي، لاسيما وأن المنهج أداة التربية ووسيلتها في التعليم ولكونه على مساس مباشر مع هذا المنهج، من خلال العمل على توظيفه من خلال عملية التنفيذ صار له الدور المهم في وضع ما يسهم في تخطيطه وتقويمه وتطويره وربطه بالحياة المتعلمين.

  • دور المعلم في بناء المنهج

ويعد المعلم من أهم عناصر العملية التعليمة، فعلى الرغم من التطور التكنولوجي وتزايد الوسائل التعليمية الحديثة، إلا أن المعلم يعد مركز ومحور العملية التعليمية الناجحة، فهو العنصر البشري المدبر والمحرك لتنفيذ المناهج الدراسية والوقوف على مدى ملائمتها للطلاب، وحاجاتهم واستعداداتهم، ومدى ملائمة عناصر العملية التعليمية الأخرى لبعضها البعض.

ويعتبر إشراك المعلم في تخطيط المنهج الدراسي من الاتجاهات الحديثة التي نادى بها خبراء التربية، وذلك لكون المعلم على بينة من طبيعة طلابه، و أمكاناتهم الذاتية،  ومن المعلوم ان المدرس هو المسؤول عن تخطيط الفعالية التربوية داخل الصف، وقد أكدت الاتجاهات الحديثة وجهة النظر هذه وعلاقتها بالتربية من خلال نظرتها الى الصف كوحدة تعليمية وأعطي للمدرس دورا متزايدا في التخطيط لمناهج المدرسة وخاصة في حقل اختصاصه .       

إن المعلم يعيش مع تلاميذه داخل الفصل وخارجه أحيانا وفي إثناء قيامهم بأي نشاط سواء داخل المدرسة أو خارجها، فهو مطالب هنا بان يكون قادرا على رصد ما يجري من تفاعلات بينه وبين تلاميذه

وهذا ما يستدعي عند تخطيط المناهج الدراسية لا بد للمعلم من تزويد المشاركين في عملية تخطيط المنهج الدراسي بالمعلومات، من خلال جمع البيانات حول المتعلمين وحاجاتهم، وما يناسبهم من موضوعات لتضمينها في المنهج، وللقيام بهذه المهمة ينبغي “إتقان  مهارات أعداد الاستبيانات واستطلاعات الرأي وبطاقات الملاحظة، كما لابد أن تتوفر فيه مهارة أدارة المناقشة والتوصل الى استنتاجات وغيرها من المهارات الأساسية، التي تجعله في موقف يستطيع ان يحصل فيه على معلومات وافيه من التلاميذ.        

كما أن للمعلم دور فاعل في اختيار محتوى المنهج الدراسي وتنظيمه وإعداد الأنشطة والأدوات المساعدة، حيث أنه المسؤول عن اختيار استراتيجيات التدريس وأساليب التقويم، وتنفيذ المنهج بصورة تربوية ناجحة بالاستعانة باستراتيجيات وطرق التدريس المناسبة لكل موضوع من موضوعاته، وعندما يصل المنهج إلى صورته المبدئية، يقوم المعلم بتجريبه ومن ثم يقوم بتقديم تغذية راجعة يقترح من خلالها أي إضافة أو حذف أو تعديل.

  • دور المعلم في  تنفيذ المنهج

المدرسون أو معلموا المنهج يق عليهم العبء الأكبر في عملية تنفيذ المنهج وتختلف أدوارهم في عملية التنفيذ باختلاف الفلسفة، التي يقوم عليها المنهج والتصميم الذي يقدم به الى المتعلمين فقد يكون مخططا، ومنظما وموجها، وموجها ومرشدا وقائد وقدوة وغير ذلك ومن بين أداوره في عملية التنفيذ :

  • تنظيم البيئة الصفية.
  • توجيه المتعلمين نحو مصادر التعلم.
  • تكييف المنهج مع متطلبات المتعلمين وإمكانياتهم المتوافرة.
  • استخدام طرائق التدريس التي تزيد الفاعلية في التعليم والتعلم.

يجتهد مصممي المناهج عند تخطيطهم وبنائهم للمنهج في اختيار مادة التعلم، ويبقى للمعلم القرار الأخير في أقرار ما يقوم بتدريسه لطلابه يوما بيوم، وتحديد أهداف التعلم التي يسعى لإكسابها وبناء خبرات التلاميذ، وتحسين بيئة التعلم وجذب اهتمامهم والربط المنطقي بين المفاهيم ومهارات التفكير وتعزيز تفكير الطلاب وتقويم تقدمهم ومن هذا يتطلب منه عند تنفيذ المنهج:

  1.  تغطية المفاهيم الرئيسية بعمق كاف لضمان فهم الطلاب.
  2. مساعدة المتعلمين في استخلاص المفاهيم الرئيسية.
  3. الأخذ بالاعتبار خبرات الطلاب السابقة، والمفاهيم التي لديهم وتصحيح المفاهيم الخاطئة منها.
  4. تقديم خبرات ذات معنى وعزو المفاهيم ومواضيع الدرس الى ظواهر مباشرة أو غير مباشرة من البيئة.
  5. يسمح ويساعد المتعلمين على طرح أفكارهم والتعبير عنها.
  • دور المعلم في تقويم المنهج

إن للمعلم دور أساسي في عملية تقويم المنهج، فمعرفته بآليات تقويم المنهج ومعاييره وأساليبه ضرورية لصنع تلك التقويمات اليومية اللحظية لعمله، لهذا أصبح ضروريا تزويد المعلمين بالتقنيات والمفاهيم، التي يمكن ان تمنحهم القدرة على التقويم أنشطتهم كأفراد مهنيين.

 وينبغي النظر الى المعلم بوصفه عاملا محوريا في جودة الخبرات التي تقدم للتلاميذ، فهو الأقدر من الناحية العملية الإجرائية على أعطاء تصورات وملاحظات تقويمية عن المنهج (إيجابياته وسلبياته).

يعتبر إشراك المعلم في تخطيط المنهج الدراسي من الاتجاهات الحديثة التي نادى بها خبراء التربية، وذلك لكون المعلم على بينة من طبيعة طلابه، و أمكاناتهم الذاتية

 لذا ينبغي تعزيز مفهوم المعلم الباحث في مؤسسات الأعداد والتدريب، قبل الخدمة وإثنائها ليساهم مع الإطراف الأخرى في الانتقال الى الخطوة اللاحقة إلا وهي تطوير المنهج.                     

إن المعلم يعيش مع تلاميذه داخل الفصل وخارجه أحيانا وفي إثناء قيامهم بأي نشاط سواء داخل المدرسة أو خارجها، فهو مطالب هنا بان يكون قادرا على رصد ما يجري من تفاعلات بينه وبين تلاميذه، بحيث يستطيع المعلم من خلال ذلك معرفة مستويات الدافعية ومستويات الإقبال او الأحجام عن خبرات المنهج المراد تطويره والاستعداد والفاعلية بين التلاميذ.

 وعندما يصل المعلم الى قرارات بشان عيوب المنهج الذي يقوم بتنفيذه يجب أن تتاح له الفرصة لمناقشة كل شي مع زملائه من المعلمين والموجهين وكل المعنيين بأمر المناهج التربوية للوصول الى ما يقوم المنهج بالطريقة الصحيحة.    

  • دور المعلم في تطوير المنهج

لاشك ان لدى المعلمين أفكار لتطوير المنهج الذي يقومون بتدريسه كونهم هم العماد في عملية تعليمه أو تدريسه، وهم الأقرب الى فهمه من خلال معرفة موأمته أو عدم موأمته للمتعلمين، أو مواطن الضعف، أو القوة، أو ما هو نافع وغير نافع بالاعتماد على درجة النفع من الضرر.

 وبذلك فهو يسهم في وضع ملاحظاته التي سبق وان اشرنا إليها في دوره بعملية التقويم، فتطوير المنهج يشمل جزء من المنهج “ويقصد به؛ أن فعل التطوير يحدث لعنصر واحد من عناصر المنهج الدراسي، وانه ليس مجرد محتوى فقط، بل انه أهداف وطرق تدريس واستراتيجيات وأنشطة مصاحبة ووسائل تعليمية وأساليب تقويم.

 ويجب ان تتم عملية التطوير لجميع عناصره بصورة متكاملة، وهذا لا يقوم إلا من خلال الرؤية المتكاملة التي يكون فيها المعلم عنصرا من عناصر القائمين على تطوير المنهج، كونه المسؤول الأول والمباشر على تنفيذه، وقد يكون التطوير من خلال الإضافة والحذف، ويقصد بذلك إضافة أو حذف جزء من المادة العلمية أو بعض الصور والإشكال والتدريبات، أو الأسئلة وتتم عادة بناء على آراء المعلمين أو شكاوى الطلاب أو بناء على وجهات نظر بعض القيادات التربوية….”.                           

ومن ذلك يكون للمعلم الدور الكبير والمهم في تطوير المنهج كونه من المساهمين في تخطيطه، أو تنفيذه وكذلك اختيار المحتوى الخاص بما يتعلق بالمادة الدراسية، وكذلك ما يقوم به من دور في تقويمه فعندئذ يكون التطوير جزء من مهمته فهو يضع الملاحظات الخاصة بما يجب ان يكون عليه المنهج من خلال حذف أو إضافة أو تعديل ما يمكن تعديله.

  • المعلم وربط المنهج بالحياة

الحديث عن المنهج وربطه بالحياة هو حديث عن دور المعلم بربط المنهج مع بيئة المتعلم، كونها تمثل كل العوامل الخارجية التي تؤثر تأثيرا مباشرا، أو غير مباشر على الفرد منذ بداية مرحلته، وتشمل البيئة بهذا المعنى العوامل المادية والاجتماعية والحضارية، التي تسهم في تشكيل شخصيته المتنامية وفي تعيين أنماط سلوكه أو أساليبه في مجابهة المواقف المختلفة، فهو عند ذلك يركز على جانبين مهمين في ربطه المنهج بالحياة:

أولا: المصادر الطبيعية: وهي ذلك الجزء من المجتمع الذي يجده الأفراد طبيعيا حولهم.

ثانيا: الثقافة: وهي الجزء الموضوع من قبل أفراد المجتمع المعين خلال تاريخهم الطويل، ولا يمكن للمنهج المدرسي ان ينجح في تحقيق ما وضع من اجله دون تحديد موقفه بدقه من كلا الجزأين.

وبذلك يحاول المعلم مساعدة المتعلمين من خلال المنهج على :

  1. التعرف على مصادر الثروة الطبيعية في بيئتهم، بما يناسب مع مستوى نموهم والعمل على تنمية وعيهم بأهميتها ومعرفتهم بأساليب الانتفاع بها.
  2. تنمية المهارات التي تتصل بالتعرف على خامات البيئة وظواهرها، والتدريب على استخدام الأساليب، والوسائل المناسبة التي تمكنهم من حسن الانتفاع بها.
  3. استخدام الأسلوب العلمي في التفكير الذي يمكنهم من فهم الظروف والأسباب التي أدت الى توطين هذه المصادر الطبيعية، وما يتصل بها من ظواهر مختلفة، وابتكار الطرق والوسائل لتحسن علاقة الإنسان بالبيئة.
  4. تنمية اهتمامات التلاميذ بدراسة البيئة والإسهام في حل مشاكلها.
  5. تنمية الجهات المناسبة نحو البيئة، مثل النظرة العلمية الى ظواهرها ومكوناتها، والمحافظة على مواردها، وتقدير جهود الدولة والهيئات والافراد لصيانة ثورتها وحسن الانتفاع بها.

وكل ذلك كي تتعدل نظرة التلميذ الى البيئة الطبيعية وسلوكه نحوها، وما يربطه من العواطف السامية بها.                                  

أما ما يخص الجانب الأخر للحياة وهو الجانب الثقافي، اذ يحاول المعلم مساعدة المتعلم من خلال ربط المنهج بالجانب الثقافي لحياة المتعلم، من خلال تأكيده على توضيح العناصر التالية:

  1. العناصر العالمية: وهي العناصر التي يشترك فيه جميع أفراد المجتمع؛ كإنشاء المساكن، ونوع الملابس، وشكلها وطريقة تناول الطعام.
  2. الخصوصيات: وهي العناصر التي تقتصر على فئة معينة من الناس؛ اي يعرفونها ويقومون بعملها دون سائر أفراد المجتمع كالتدريس أو المحاماة او الطب.
  3. المتغيرات: هذه العناصر ليست عالمية ولا خصوصية، بل تقع بين الاثنين وتكون حسب نوع المجتمع كالاختراع والاكتشاف.

ومن ذلك نفهم ان المنهج لا تأتي ثماره، ولا يكون ذا قيمة، ما لم يظهر ما يتحسسه المتعلم وما يعيشه وما يبصره، وما يتعلق بحياته، وبذلك يكون أكثر تأثيرا على شخصيته من خلال بناءها معرفيا، وتجريبيا وبما يعيشه من شواهد لها مساس مباشر بحياته، ومن ذلك يظهر دور المعلم في ربط المنهج بالحياة كونه يوائم مابين المنهج وما بين جوانب الحياة الرئيسية التي تم ذكرها.

المصادر

  1. إبراهيم، فاضل خليل، أساسيات في المناهج الدراسية، دار ابن الأثير للطباعة والنشر، 2001.
  2. جبر، سعد محمد العرنوسي، ضياء عويد حربي، المناهج البناء والتطوير، دار صفاء للنشر والتوزيع، ط1، عمان – الأردن، 2015
  3. الزويني، ابتسام وآخرون، المناهج وتحليل الكتب، دار صفاء للنشر والتوزيع، ط1، عمان – الأردن ، 2013
  4. الشربيني، فوزي عبد السلام و الطناوي، عفت مصطفى،  المناهج مفهومها – أسس بنائها- عناصرها- تنظيماتها، مركز الكتاب للنشر، ط1،  2015.
  5. عطيه، محسن علي، المناهج الحديثة وطرائق التدريس، دار المناهج للنشر والتوزيع، عمان – الأردن، 2009.
  6. المسعودي، محمد حميد مهدي و آخرون، المناهج وطرائق التدريس في ميزان التدريس، دار الرضوان للنشر والتوزيع، ط1، عمان- الأردن، 2015.

عن المؤلف

م.م حسين رشك خضير/ كلية التربية الأساسية/ جامعة ميسان

1 تعليق

اترك تعليقا