رأي

متلازمة القطيع‌‌‏

متى نبدأ نفكّر بمصلحة الوطن ونترك التفكير بالمصلحة الضيّقة للجماعة الحزب والطائفة والقبيلة؟

إذا ما تأملنا ملياً سنجد أن كثيراً مما نعانيه هو نتيجة لهذه الثقافة، أعني التفكير الضيّق بنجاة الجزء وليذهب الباقي للجحيم. أنظر ما فعلت السياسة بالمجتمع عندما جعلته شِيَعاً، تعطي كل جماعة الفتات لترضيها، حتى لو كان بالمقابل ثمن لك أن تغرق سفينة الوطن.

‏المشكلة تكمن أن الشخص أو الجماعة المبدئية عندما يرون غيرهم، كلٌ يهتم بجماعته ويرتّب أمورهم، ويجلب المكاسب لهم، تصيبه “متلازمة القطيع” فيفكّر بالالتحاق بالركب. ويتّسع الرقع إذا ضَغَط جمهورهم: لماذا لا نعمل مثل الآخرين؟ لماذا نحن نختلف؟ لماذا لا نفكّر بأنفسنا مثل الآخرين؟

وكل سارق يعطي الشرعية لسراق جدد، وكل انتهازي و وصولي يشجّع آخرين للالتحاق بالقطيع، وكل مرتشي يقول لآخرين إلحقوا قبل أن يفوتكم القطار، وكما إن “مناعة القطيع” تعطي المناعة، كذلك فساد القطيع ينشر الفساد في كل أركان المجتمع، بحيث تشكّك بالجميع ولا تستطيع أن تشخّص الشريف منهم.

‏هنا يأتي “البطل” فينبري ويعطي النموذج المتحرّر من الضِيق هذا، ويتقدم الصفوف الأمامية لإصلاح هذا الوطن؛ الوطن كله، سترى الناس حينها يدخلون في دينه أفواجا.

الناس تشعر بالخطر يحيق بالوطن، والخطر يدعوك لإنقاذ الدائرة الأضيق فالأضيق، ولكن “البطل” فقط مَن يعلم أن نجاتنا بنجاة الوطن.

والمؤشرات تقول أن الوعي بدأ يتشكّل نحو هذا التفكير الجمعي نتيجة الإرهاصات التي نمر بها، ولذلك نحن بحاجة إلى الالتفاف حول رموز وطنية اكثر من كل وقت، لتوحّد الخطاب المطالب بالإصلاح.

لكن المطلوب تلاقي هذه الجهود لضبط البوصلة ورسم خارطة الطريق لمشروع إنقاذ وطني للخروج من دوّامة متلازمة القطيع.

  • كاتب من الكويت

عن المؤلف

حسن ضياء الدين

اترك تعليقا