تربیة و تعلیم

الأزمات بالتدريس لا نتوقعها بل ننتظرها (أزمة كورونا أنموذجا)

عملية التعليم والتعلم عملية تتوقف على عوامل كثيرة تتعلق بالمتعلم والمعلم والمادة التعليمية، ومن هذا نجد المهتمين بهذا المجال أخذ يركز على كل جانب من هذه الجوانب من اجل الوصول الى ما يكفل تحقيق ما يمكن تقديمه للوصول الى تعلم أفضل، ومع وجود كل من هذه العوامل وما يتعلق بها من مشكلات أو حلول هنالك ما يسمى بنمط التعليم الذي يشكل الطابع العام والرؤية العامة التي تصف هذه العلمية في إي مكان ما.

وهذا ما يحدده بالأساس هو عملية التدريس التي تفسر الكيفية التي يتم بها نقل المعلومات والمعارف الى المتعلمين، فإذا كان “التدريس داخل حجرة الدراسة في المدارس أو الجامعات أو المعاهد؛ يكون بنقل المعلومات من المعلم إلى المتعلم  مباشرةً ولا يتم استخدام ألأساليب والإمكانات التكنولوجيّة المتطوّرة فيه، باستثناء بعض الوسائط أو الوسائل المستخدمة عادةً في العملية التعليمية مثل شاشة العرض والعروض التقدمية وغيرها مما هو مألوف ومعمول به يكون ذلك النمط من التعليم هو تعليم تقليدي”.

 

توفير المناخ التنظيمي الملائم لإظهار الإبداع في الأداء يعود بفوائد جمة على هذه المؤسسات وعلى العاملين فيها ككسب الشهرة أو السمعة الحسنة وما تسعى إليه الجامعات هو التوفيق بين ما يسعى الأفراد إلى تحقيقه

 

أما أذا كانت عملية “التدريس لا تتم بصورة مباشرة ما بين المعلم والمتعلم أي عن طريق استخدام وسائل الاتصال غير المباشرة “الوسائط و الوسائل التكنولوجية” بزمن محدد يكون نمط التعليم هو “الكتروني متزامن” أما إذا كان بزمن غير محدد فيكون نمط “التعليم الكتروني غير المتزامن” وكلا النوعين ينطويان تحت ما يسمى بالتعليم عن بعد”، ومن هذا نفهم ان عملية التدريس هي التي تحدد طبيعة التعليم و نوعه وكل ما كانت عملية التدريس مرنه كلما كانت العملية التعليمية أكثر تقدما وتماشيا ومواكبه، والركن الأساس لهذه المهمة هو المدرس ( المعلم، المدرس، الأستاذ الجامعي)، لأنه المحور الرئيسي في تحديد نوع ونمط التعليم وطبيعته، وهذا لا يأخذ بنا بعيدا بوجود ما تعرضت له كل مقومات أنظمة المؤسسات لاسيما التعليمية  في العراق وغيره من بلدان العالم من توقف بسبب الوباء القاتل جائحة كورونا أو ما يسمى بـ(كوفيد 19 ).

اذ نجد هذه الأزمة جعلت الجميع لاسيما القائمين على هذه المسؤولية امام قرارات حادة، إما إيقاف التعليم واستئانفه بعد انتهاء هذه الأزمة وهو ما عمل به  في بداية انتشار الوباء، ألا ان ذلك جعلهم امام سقف زمني غير محدد، وأما مواصلة العملية التعليمية بطريقة أخرى وبشكل الكتروني وهو ما حدث فعلا، جعل المدرس (التدريسي) في الجامعات العراقية يقف امام أمر واقع لابد من تفعيله والقيام به، ولا يكون ذلك إلا من خلال تعلمه للاستخدامات الالكترونية وكيفية توظيفها في خدمة العملية التعليمية لمواصلة تدريس المواد وتعليمها، وظهر ذلك من خلال الإقبال على الورش الالكترونية التي تحقق هذا المفهوم أو من خلال التواصل الاجتماعي الذي يظهر فيه مفهوم  التعليم الالكتروني هو المتصدر كموضوع متداول وشائع بين المتواصلين أو من خلال الاستفتاءات (الاستبيان).

اذ نجد المعظم انه قد تعلم الكثير وطور نفسه في هذا المجال اضطرارا وليس على وجه التعميم من اجل تجاوز هذه الأزمة، وهذا مع انه جيد، ألا انه يظهر لنا نقاط الضعف التي تتعلق بشخصية التدريسي العلمية لاسيما المتعلقة بهذا المجال :

  • تطور شخصيته العلمية مع انه التعليم في الأغلب كان ذو نمط تقليدي وان بدايات كل التدريسيين كانت مبنية على هذا الأساس ألا انه لا يمنع من ان يطور التدريس شخصيته العلمية من خلال التعامل مع تجارب ومعطيات الأمم الأخرى بدافع تطوير الذات.
  • المواكبة والحديث عن المواكبة هو حديث عن تحديث الأفكار وتجديدها والتدريسي من أولى مهامه وضرورياته تحديث الأفكار لأنه يتعامل مع كائن متطور في قبلياته الجسمية والعقلية ومختلف في توجهاته ومع ان الأجيال الحالية هي أكثر إقبالا على التعامل معطيات العصر التكنولوجية فلابد من قراءة وتعلم كل ما يتعلق بهذا المجال وكيفية توظيفه بما يخدم قضيته التعليمية.
  • الثقافة: الثقافة تتطلب من الفرد ان يتزود بأفكار الآخرين ومتعلقاتهم، والمثقف في مجال معين هو الأكثر اطلاعا والماما به، والتدريس يعتبر مجالا مهما انبثق عن تطويره الكثير من الدراسات والنظريات والآراء التي تخدم تحقيقه، ومن هذا يلزم التدريسي ان يكون قد ثقف نفسه بهذا المجال الذي هو ضمن مجال عمله وهذا ما يظهر التقصير بهذا الجانب التنموي لشخصيته العلمية المتعلقة برصيد أداءه المحتمل.

هذا ما يتعلق بالتدريسي أما ما يتعلق بالمؤسسة التعليمية “فتشهد الجامعات محاولات جادة لتطوير أنظمتها كافة وتحديثها سعياً منها لتعزز مكانتها التنافسية، وهذا ما فرض عليها دوراً جديداً لتكون قادرة على تلبية احتياجات مجتمع عصر المعلومات والمعرفة، إذ لا تستطيع أي مؤسسة تعليمية أن تنظر في تحسين الجودة والكفاءة في أنظمتها دون أن تعطي لأعضاء هيئة التدريس بما يمتلكون من كفايات ومؤهلات، وبما يتميزون به من سمعة وكفاءة علمية وبما يقدمونه من خدمات تعليمية، وإنتاج علمي، وأنشطة اجتماعية أولوية خاصة .

 

الثقافة تتطلب من الفرد ان يتزود بأفكار الآخرين ومتعلقاتهم، والمثقف في مجال معين هو الأكثر اطلاعا والماما به، والتدريس يعتبر مجالا مهما انبثق عن تطويره الكثير من الدراسات والنظريات والآراء التي تخدم تحقيقه، ومن هذا يلزم التدريسي ان يكون قد ثقف نفسه

 

فأعضاء هيئة التدريس يمثلون محوراً أساسياً من محاور الارتكاز في العمل الجامعي، وعليهم تتوقف مدى كفاية التعليم الجامعي وجودته؛ إذ من خلال سمعتهم ومكانتهم وجهودهم تقاس سمعة الجامعة وقوتها، وتقويم الأداء الوظيفي لعضو هيئة التدريس يعد من أهم المجالات التي ينبغي الاهتمام بها، لما له من أهمية في تحسين الأداء وزيادة فاعليته، ويجب أن تكون هذه العملية شاملة ومستمرة لتكشف عن مواطن القوة، فيتم تعزيزها، ومواطن الضعف، فيتم تقويمها والتقويم ليس غاية بحد ذاته، إنما هو وسيلة لتحقيق حسن الأداء.

ولا يمكن أن يتم ذلك إلا إذا خضع الأداء إلى عمليتي التقويم والتطوير المستمرتين، وعملية التقييم هي واحدة من أهم وظائف رؤساء الأقسام في الجامعات،وهي تحتلُّ جزءاً من اهتمام القيادات التربوية وراسمي السياسات وصانعي القرار، وهي أساس للقرارات التي تتخذ بشأن أداء المدرس، وهي من المعايير المهمة لترقيته، وتثبيته في الخدمة، وفي تحديد راتبه ومكافآته، وذلك في معرفة ما إذا كان العضو قد تفوق على المستوى المحدد، أو أنه حقق هذا المستوى، أو فشل في تحقيقه، وهي مفيدة في تسليط الضوء على إنجازاته، وتشجعه على تطوير، كفاءته، وتعزيز أدائه في التدريس والبحث العلمي وخدمة الجامعة والمجتمع.

وتوفير المناخ التنظيمي الملائم لإظهار الإبداع في الأداء يعود بفوائد جمة على هذه المؤسسات وعلى العاملين فيها ككسب الشهرة أو السمعة الحسنة وما تسعى إليه الجامعات هو التوفيق بين ما يسعى الأفراد إلى تحقيقه، وما ترنو إليه الجامعة من أهداف، أو تقديم الخدمات المتميزة ذات الجودة العالية، أو إدخال الطرق والأساليب الحديثة التي تطور الإدارة بموجبها خدماتها المقدمة للطلبة وللمدرسين والعاملين والجمهور المتعامل معها”، كل ذلك بدافع تكامل الشخصية من حيث أدائها والسعي الى تسليحها بما يمكنها من مواجهة ظروف وتغيرات أنماط العمل.

إلا ان الصعوبات التي واجهت التدريسي في أداءه مع التقصير العلمي الخاص به يقع الجزء الكبير من هذه المسؤولية على عاتق المؤسسات التعليمية من حيث فرض القواعد والقرارات التي تحكم طبيعة العمل في محيطها، ومما وجدناه بخصوص ما يتعلق بضرورة إلمام الشخصية العلمية بعض المجالات الالكترونية هو امتحان الكفاءة في الحاسوب الذي يسبق عملية المتقدم للدراسات العليا والذي يحرز في المتقدم درجة النجاح لمجرد الحضور فقط بغض النظر عما يقدم فيه من مواد أساسية بسيطة غير كفوءه في مواجهة التغيرات والتطورات.

ولا يمكن الأخذ بها كقياس لحكم على المتقدم بأنه ملما بذلك، وأيضا نجد هنالك دورات الترقيات العلمية والترفيعات الوظيفية التي تتناول تعليم أساسيات الحاسوب من برامج طباعة وغيرها، وكل ذلك أيضا لا يفي بجعل التدريسي متمكنا من التعاطي والتماشي مع ما يقدمه التطور التكنولوجي الذي صار يغطي المساحة الكبرى من مستويات التعليم المختلفة وذلك ما يظهر ان المؤسسة التعليمة يظهر تقصيرها اتجاه تقديم الخدمات الضرورية اتجاه عضو الهيئة التدريسية وبما ينمي شخصيته العلمية في كيفية التعامل مع أدوات ووسائل وخدمات تقديم المعلومات الالكترونية سواء أكان ذلك بجعل الإلمام مثل هذه المهارات الالكترونية مؤهلا للقبول بالعمل في التعليم الجامعي أو تقديم الورش والحلقات التعليمية الخاصة بتقديم ما يسهم بتنميتهم بشكل حقيقي.

وكل هذه الأمور يجب ان توضع بالاعتبار كجزء من شخصية التدريسي في مجال التعليم وكذلك المؤسسة التعليمية  وان لا يكون التعامل  مع ذلك تعاملا آني وقت الأزمات أي وضعها موضع التوقع فقط بل يجب ان يكون التعامل مبني على انتظارها كأنها تحدث فعلا أو في طريقها للحدوث وهذا جزء من نمط شخصية التدريسي وطبيعة المؤسسة التعليمية بان يكون جانب التفكير بالمستقبل يأخذ مأخذه الجدي حتى لا نقع أزمة أخرى مشابهة ومن ذلك يكون من أولى المبادئ التي يقوم عليها التدريس هي أن الأزمات لا نتوقعها بالتدريس بل ننتظرها.

—————————————–

  • عبد المجيد، حذيفة مازن، العاني، مزهر شعبان، التعليم الالكتروني التفاعلي، مركز الكتاب الالكتروني، ط1، عمان – الأردن، 2015،ص 11
  • الاتربي، شريف ، التعليم الالكتروني والخدمات المعلوماتية، العربي للنشر والتوزيع، ط1، القاهرة- مصر، 2015، ص 11
  • الصرايره خالد احمد، الأداء الوظيفي لدى أعضاء الهيئات التدريسية في الجامعات الأردنية الرسمية من وجهة نظر رؤساء الأقسام فيها، مجلة جامعة دمشقالمجلد 27 – العدد الأول + الثاني– 2011 جامعة مؤته ، الاردن. ص 602

عن المؤلف

م.م حسين رشك خضير/ كلية التربية الأساسية/ جامعة ميسان

اترك تعليقا