أسوة حسنة

مدرسة الامام الصادق ودورها الرسالي

لو سأل سائل أن مسألة السيدة فاطمة الزهراء، عليها السلام، والصحابة تثير الشجون، و ربما الاحقاد بين الطرفين فالسكوت افضل او عدم التعمق في الاحداث ما دام الاسلام وصل مشارق الأرض ومغاربها، ونحن اقرب ما يكون للوحدة الإسلامية والتقريب بين المذاهب.

والسؤال الذي نطرحه ونحن نتحدث عن الإمام الصادق، عليه السلام:  لماذا لا تُدرس علوم الإمام الصادق وفقهه في الجامعات الإسلامية في بلاد المسلمين، وهو سلسيل النبوة ومن ذرية النبي الأكرم، صلى الله عليه وآله؟

من يجيب عن هذا  التساؤل المشروع؟

لنلقي نظرةً عن ما قاله المسلمون بحق الشخصية الفذة وكيف تركوها وحجّموا فكرها بل منعوا تدريس الفقه الجعفري.

نذهب الى إمام السلفية؛ احمد بن تيميه الحراني، يقول في كتاب منهاج السنة: “فإن جعفر بن محمد لم يجيء بعد مثله”.

ويقول الجزري: “وثبت عندنا ان كلا من الإمام مالك، والإمام ابي حنيفة درسا عند ابي عبدالله جعفر بن محمد الصادق حتى روينا عن الإمام ابي حنيفة انه قال ما رأيت افقه منه”.

🔺 الإمام  الصادق، عليه السلام، حوى كلَّ العلوم، وحاز قصب السبق بها، والمجلس مورد عذب كثير الزحام

ويقول ابن خلكان في موضع آخر في كتاب وفيات الاعيان: “لُقّب بالصادق لصدقه في مقالته وفضله اشهر من ان يذكر”.

فاذا كان هذا فضله وعلمه وشرفه، لماذا لا يُدرّس علوم اهل البيت، في الجامعات الإسلامية؟ ولماذا لا تكون دروس هذا الإمام العظيم وكلماته وحكمه وارشاداته وعلومه في السياسية والاقتصاد والاجتماع والحقوق والطب وفي الفيزياء والكيمياء والفلك وفي الفقه والاصول والعقائد، لماذا لا تكون جزءاً من المناهج المدرسية لشتى المستويات والصفوف وفي مختلف الاختصاصات؟

الإمام  الصادق، عليه السلام، حوى كلَّ العلوم، وحاز قصب السبق بها، والمجلس مورد عذب كثير الزحام – الكل فيه ما يغنيه – فالإمام، عليه السلام، في مجلسه الرفيع يروي السُنة عن آبائه، وما يقوله يجري عند الشيعة مجرى الأصول، فإذا أبدى الرأي في واقعة معينة جعله الشيعة مجعلَ السنة والتزموها باعتبارها نصاً عنه أما أهل السنة فيأخذونه مأخذ اجتهاد الأئمة.

  • محاربة ظاهرة الالحاد والملحدين في المجتمع الإسلامي.

إذا جاءه المناظرون من كل فج عميق، أو التلاميذ الفقهاء، يمثلون أقطار الإسلام، ويجادلون في الأصول أو الفروع، فهو البحر لا تنزفه الدلاء، يروي العقول ويشفي الصدور.

فالديصاني، زعيم فرقة ملحدة، وصاحب “الإهليلجة” طبيب هندي، وعبد الكريم بن أبي العوجاء) عربي ملحد، وعبد الملك مصري يتزندق، وعمر بن عبيد شيخ المعتزلة، وأبو حنيفة إمام الكوفة، ومالك إمام المدينة، وسفيان الثوري، وغيرهم.

 كل هؤلاء تملأ مجادلاته الكتب معهم، ولا يضيق صدراً بجدالهم؛ بل يضرب الأمثال، بمسلكه معهم واتساع صدره لهم، على الحرية الفكرية التي يتيحها الامام، عليه السلام، للناس في مجلسه، ليفهموا العلم، أو ليؤمنوا عن فهم، دون إكراه أو إعنات، وعلى سعة الخلاف الفقهي لكل اتجاهات المسلمين، وعلى اليسر والرحمة في الشريعة.

 فكل هذه أسباب لنشر الإسلام وخلود فقهه يقول ابن المقفع – وهو متهم بالمجوسية أو بالزيغ على الأقل – إذ يومئ إلى الإمام الصادق، عليه السلام في موضع الطواف: هذا الخلق ما منهم أحد أوجب له بالإنسانية إلا ذلك الشيخ الجالس.

ويذهب ابن أبي العوجاء ليناظره فتعتريه سكتة، فيسأله الامام: ما يمنعك من الكلام؟ فيقول: “إجلالاً لك، ومهابة منك وما ينطق لساني بين يديك، فإني شاهدت العلماء وناظرت المتكلمين فما تداخلني من هيبة أحد منهم ما تداخلني من هيبتك”.

رأه الإمام مرة بالحرم فقال له: ما جاء بك ؟

 قال: عادة الجسد وسنة البلد ولتبصر ما الناس فيه من الجنون والحلق ورمي الحجارة. قال الصادق: أنت بعدُ على عنوك وضلالك يا عبد الكريم؟

 فذهب يتكلم.

 فقال الإمام: لا جدال في الحج، ونفض رداءه من يده وقال: ان يكن الأمر كما تقول، وليس كما نقول، نجونا ونجوت، وان يكن الأمر كما نقول، وليس كما تقول، نجونا وهلكت. وأي صبر في حرية الفكر كمثل هذا الصبر من الامام الصادق وحيث تؤدى المناسك!

  • الإمام جعفر الصادق  نتاج قرن كامل

قال الامام الشافعي: “ماذا لقينا من ابناء علياذا احببناهم قتلنا وإذا عاديناهم دخلنا النار”، تنحني كل أقلام العلماء عندما يذكر اسمه الشريف وتدين له با الفضل والافضلية.

تلقى الصادق، عليه السلام، من أبيه كل ما وعاه قلبه وقرأ كل ما حوته كتبه، واستمع إلى علماء العصر، وانتفع بعلوم جده القاسم بن محمد بن ابي بكر (١٠٦)، وكان مثلاً عالياً للأمة وواحداً من الأعمدة السبعة المسمين (علماء المدينة السبعة يعلن عمر بن عبد العزيز أنه لولا خوف الفتنة من بني أمية لاستخلفه على الأمة، ويوصي عمر عماله أن يكتبوا السنن من عنده.

 فهذا رجل له ورع عمر بن عبد العزيز، وعنده كل علم المدينة، وانه ليستطيع أن يقول – من صلة على الوثقى بأبيه محمد بن أبي بكر – إنه أوثق أهل بيته صلة برسول الله، صلى الله عليه وآله.

🔺 الامام الصادق في مجلسه الرفيع يروي السُنة عن آبائه، وما يقوله يجري عند الشيعة مجرى الأصول، فإذا أبدى الرأي في واقعة معينة جعله الشيعة مجعلَ السنة والتزموها باعتبارها نصاً عنه

استغل الامام، عليه السلام، بحنكتة وبعد نظره وترقبة الحذر لانهيار الدولة الأموية، ومقولتة المشهوره بعد انزال جثمان زيد الشهيد وحرقة ورمي رماده في النهل قال: الان قرب زوال ملك بني امية.

وبعد سنه ١٤٠للهجرة و انتصار راية الرضا من آل محمد، وحصول فترة التحول هذه، استغل هذه الفترة بنشر علوم اهل البيت، عليهم السلام، ما استطاع الى ذلك سبيلا، بعدما كان مطلبه وتاكيده على شيعتة ومحبيه هو طلب العلم.

مؤلفاته: قال الشيخ المظفري ما روي عنه بلا واسطة ثمانون كتاباً، وبواسط سبعون كتاباً .

تلاميذه: أخذ عنه العلم والحديث أكثر من أربعة آلاف رجل. المصنفون من تلاميذه صنف المئات من تلاميذه في. مختلف العلوم والفنون.

مجيئه إلى العراق: أشخصه المنصور العباسي إلى العراق مرات متعددة، وقد هم أن يقتله في بعضها وكان يستغل وجوده في العراق لنشر العلم، حتى قال الشيخ الحسن بن علي الوشا : أدركت في هذا المسجد – يعني مسجد الكوفة – تسعمائه شيخ كل يقول  حدثني جعفر بن محمد.

ملوك عصره:

أ- من بني أمية:

  1. إبراهيم بن الوليد
  2. مروان بن محمد، الملقب بالحمار.
  3. هشام بن عبد الملك.
  4. يزيد بن عبد الملك، الملقب بالناقص.

ب – من بني العباس: السفاح، والمنصور.

وكانت مدة إمامته أربع وثلاثون سنة.

عمره: هو أكبر الأئمة ع  سناً، فعمره الشريف على الرواية الأولى من مولده ٦٨ سنة، وعلى الثانية : ٦٥ سنة.

ونحن في هذا الوقت الصعب من تظافر قوى الاعداء على المسلميين، واستخدام لغة الجهل والتضليل لغرض اخفاء الوجة الحقيقي للرجال الذين يمثلون خط الرسالة المحمدية الاصيلة، ما احوج ما يكون لدراسة منهج اهل البيت، عليه السلام، دراسة فقهية مقارنة القصد منها ان يطلع جيل الشباب على ما سطره اجدادهم في هذا الميدان فقد اخذوا قصب السبق في إبراز علوم الامام الصادق، عليه السلام، في مؤتمرات والمحافل الدولية.

استشهاده: توفي في الخامس والعشرين من شهر شوال سنة ١٤٨، متأثراً بسم دسَّه إليه المنصور العباسي على يد عامله على المدينة، محمد بن سليمان، فأن القتل لهم عادة، وكرامتهم من الله الشهادة واستشهد ع كما استشهد الإمام الحسن السبط، صلوات الله عليهم أجمعين.

قبره: دفن في البقيع مع أبيه الباقر، وأجداده زين العابدين، والحسن المجتبى، عليهم السلام.

عن المؤلف

كريم الموسوي

اترك تعليقا