تربیة و تعلیم

 شهر رمضان وفرص التوازن النفسي؟

كل المسلمين حول العالم ينتظرون قدوم شهر رمضان المبارك، لكن دوافع الانتظار تختلف من مكان لآخر ومن شخص لآخر، فمنهم من ينتظره ليمارس فيه العبادة ومنهم من ينتظره ليعيش اجواء وطقوس اعتاد عليها، وفي الحصيلة النهائية لا تخلو من فوائد عظيمة لمن يود الاستزادة.

 فما هي ابرز انعكاسات شهر رمضان المبارك على الفرد المسلم؟

 نحن المسلمون الشيعة نعتقد كل الاعتقاد ان شهر رمضان هو محطة ايمانية روحانية خالصة وهي نقطة تفتيش للذات الانسانية، فالانسان المؤمن لابد له ان يحاسب نفسه بين فترة وآخرى، ومن بين اهم الفترات التي يراجع فيها العبد سلوكياته هي شهر رمضان، وهذه ما يعضد ادعاءنا بأننا عباد لله ومستثمرين لكل الفرص التي تربطنا بالله عز وجل.

  • كيف يحق الانسان التوازن النفسي؟

عبر عدة سلوكيات يمكن للانسان ان يُعزّز من توازنه النفسي المطلوب للعيش بسلام وامن داخلي كبير، ومن اهم هذه السلوكيات هي:

  1.  في شهر رمضان المبارك يرتبط الانسان بلسوكيات عبادية روحانية عظيمة تبتعد به عن ضغوطات وتراكماتها المختلفة، إذ ان اغلبنا ان لم يكن جميعنا يركض وراء توفير مستلزمات الحياة التي بدونها يعيش الانسان نقص في جانب من جوانب الحياة، وهذا الدوران المستمر لعجلة الحياة بهذه الشاكلة يوتر الانسان ويقلقه مما يؤثر على مستوى صحته النفسية، وهنا يكون دور العبادة اشبة بخافظ الضغظ وعامل من عوامل تقليل الضغط.
  2. حين نعبد الله نقصد بلوغ عدة اهداف منها نيل رضا الله الذي هو الهدف الاعلى والاسمى ومن هذه الهدف تبرز عدة اهداف فرعية منها تحقيق توازن بين نفس الانسان وجسده.

🔺 في شهر رمضان المبارك يرتبط الانسان بلسوكيات عبادية روحانية عظيمة تبتعد به عن ضغوطات وتراكماتها المختلفة

 إذ ان النفس البشرية تحتاج الى التخلّص من كل ما لوثها من سموم وإحباطات وطاقات سلبية، فهي معركة حقيقية بين ما يتطلبه الجسد أو بالأحرى ما عودناه عليه وما تحتاجه النفس لتناضل بدورها مع شقيها الإيجابي والسلبي، فتنتهي المعركة بكبح جماح شهوات الجسد ورغباته الأرضية والسمو بالنفس وتغذيتها بكل القيم والمثل العليا السماوية.

  •  وفي شهر رمضان فرصة كبيرة يبتعد عبرها الانسان عن الروتين اليومي الذي يمارسه طوال احد عشر شهراً من شعور السنة، إذ ان الانسان لديه فرصة لإعادة ترتيب اولويات حياته ومهامه من الاهم الى المهم ومن ثم الاقل الاهمية بما يناسب قدراته واستعداداته وارتباطاته وظروفه أيضا.
  •  حين فرض الله الصيام على عباده لم يرد يكن منهم الامساك عن الطعام والشراب وباقي الشهوات، بل اراد ان يختبر صبر العباد و يقيس قابليتهم على التحمل وبالتالي التساوي بين عباد الله الفقير منهم والغني، والحكمة من ذلك الشعور بمعانات المعوزين ومن ثم تذكر النعم التي ينعمون بها طول العام و شكرها واحترامها لضمان ديموتها وعدم زوالها.
  • في شهر رمضان فرصة كبيرة لان يراجع الانسان بعض سلوكياته واعادة مناقشة بعض الافكار التي اعتاد على التعامل معها كمسلّمات، فمجرد التفكير في اسباب منع الله لبعض الامور و الاستسلام للافكار العقلانية ومحاولة تعميهما او تطبيقها بصورة جدية اكثر من ذي قبل هي عودة الى الذات الانسانية وهذه بحد ذاتها غاية عظيمة.
  • في  شهر رمضان تتوفر لدى الانسان بصورةعامة والزوج بصورة خاصة فرصة لمشاركة اهل بيته بعض الاجواء التي اعتاد عليها، مثل مساعدة الزوجة في تحضير مائدة الافطار وغسل الاواني وغيرها، حيث ان مثل هذه السلوكيات تشعر الزوجة والاطفال بأن الاب لديه نوع من الاهتمام والرغبة في خدمتهم وهذا ما يعزز مستوى الصحة النفسية لدى الاب والابناء والزوجة.

🔺 نجعل من شهر رمضان محطةً للشحن النفسي والعقائدي والروحي وفرصة لإعادة النظر في أسلوب عيشنا وطريقة تفكيرنا

في الختام سيدي القارئ الكريم اوصي نفسي قبل ان اوصيك: ان نجعل من شهر رمضان محطةً للشحن النفسي والعقائدي والروحي وفرصة لإعادة النظر في أسلوب عيشنا وطريقة تفكيرنا، لا ان يكون فاصلاً زمنياً مؤقتاً نعيشه ويمر بل يجب ان تبقى آثاره وقّادةً في نفوسنا لنحيا حياة كريمة آمنة ومستقرة وهذا الذي يبحث عنه الانسان.

عن المؤلف

عزيز ملا هذال/ ماجستير علم النفس

اترك تعليقا