مناسبات

لنعرف إمامَ زماننا

روي عن الإمام الصادق، عليه السلام: “اللَّهُمَّ عَرِّفْنِي نَفْسَكَ فَإِنَّكَ إِنْ لَمْ تُعَرِّفْنِي نَفْسَكَ لَمْ أَعْرِفْ نَبِيَّكَ، اللَّهُمَّ عَرِّفْنِي رَسُولَكَ فَإِنَّكَ إِنْ لَمْ تُعَرِّفْنِي رَسُولَكَ لَمْ أَعْرِفْ حُجَّتَكَ، اللَّهُمَّ عَرِّفْنِي حُجَّتَكَ فَإِنَّكَ إِنْ لَمْ تُعَرِّفْنِي حُجَّتَكَ ضَلَلْتُ عَنْ دِينِي”.

ترى لماذا علينا معرفة إمام زماننا

إنَّ معرفة الإمام وتولِّيه والإلتزام بأوامره ونواهيه والتعلّم عنه، كلّ ذلك يضمن للإنسان الدين الصحيح، والصراط المستقيم، وهذا ما أشار إليه هذا الدعاء المرويِّ عن الإمام الصادق، عليه السلام.

وللنبي دوران أساسيان:

 الأول: تبليغ التشريع الإلهي وشرحه وبيان تفاصيله، وهي مجموعة قوانين تضمن للانسان من خلال الالتزام بها خير الدنيا والآخرة .

والدور الثاني: قيادة المجتمع الانساني وهي لأجل تطبيق هذه الأحكام وتحقيق المصالح للوصول للأهداف الالهية .

🔺 كي نتبع الامام لابدَّ لنا من معرفته، فجاء عن النبي وعلى آله السلام : “من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة الجاهلية

وبعد أن ختمت النبوة بالنبي محمد، صلى الله عليه وآله وسلم، فلا نبي بعده ولا رسالة بعد رسالة الإسلام، كان الضمان الوحيد لاستمرار الاسلام بكل ما فيه من قوانين وتشريعات هو خط الامامة ليحفظ التشريعات من التحريف، كما جاء في الروايات قول الرسول، صلى الله عليه وآله وسلم : “أنا مدينة العلم وعلي بابها “.

وهذا ماجاء في آياته تعالى التي نزلت في يوم الغدير الأغر،{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الإِسْلامَ دِيناً}.(سورة المائدة: ٣).

فالإمام هو الصراط المستقيم وهو قطب الرحى بعد النبي، كما قال النبي، صلى الله عليه وآله وسلم : “من كنت مولاه فعلي مولاه”.

وكي نتبع الامام لابدَّ لنا من معرفته، فجاء عن النبي وعلى آله السلام : “من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة الجاهلية”. والّا لأضاع الانسان ميزان الحق وتمييزه عن ماهو باطل وفاسد .

ووجود الامام من رحمة الله ولطفه بعباده واستمرار الهداية الانسانية يكون من خلال الإمام، فقد قال الله تعالى مخاطباً: {إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ}.

ففي زمن السيدة الزهراء، عليها السلام، كان إمام الزمان أمير المؤمنين، عليه السلام، وبعد شهادة الامام علي، عليه السلام، كان إمام ذلك الزمان الامام الحسن المجتبى، عليه السلام، وهكذا الى أن جاء زمن وكان إمام ذلك الزمان الامام الحجة بن الحسن العسكري، عجل الله فرجه الشريف.

والإمام المهدي لا يقدر على بيان الأحكام بنفسه للناس ولا قيادة المجتمع بشكلٍ مباشر وظاهر، لأنه غائبٌ عن الأنظار ومأمور بالاستتار، والقيادة تتطلب تواصلاً ظاهريا مع المجتمع وتفاعلاً مباشراً معه، فهل يعقل من اللطيف الخبير في هذه الحالة أن يترك الناس دون أن يبيّن لهم ما يقيم الحجّة عليهم ويكون فيه صلاحهم؟!

وكلُّ هذا يدلّ على لزوم وضرورة وجود شخصٍ قادر على بيان الأحكام وقيادة المجتمع في زمن غيبة الإمام المهدي، عجل الله تعالى فرجه الشريف، وبالنيابة عنه، وهذا الشخص يصطلح عليه بالفقيه، الذي سيحتجّ به الإمام على الناس عندما يسألونه: لماذا تركتنا ولم تبيّن لنا ما هو مفروضٌ علينا؟

 عندها سيكون الجواب بالتأكيد ما مضمونه: لقد أمرتكم بالرجوع إلى الفقيه القائد العارف الورع، الذي يعدُّ الرجوع إليه رجوعاً إلى المعصوم نفسه ومقدمة مهمة وشرطاً أساسياً للتمهيد لظهوره والتعجيل في فرجه، لأنه من لم يتحمّل حكم نائبه ولم يلتزم بأمره فمن المؤكد أنَّه لن يتمكّن من تحمّل حكم الإمام المهدي، عجل الله تعالى فرجه الشريف، ولا أوامره.

و ليس المقصود بمعرفة الإمام معرفة اسمه وتاريخ مولده واسم أبيه وأمه، لأنه من البديهي أن مثل هذه المعرفة لا تجعل الإنسان ممهّداً،  بل المقصود من المعرفة هنا معرفة منزلته ومقامه عند الله ومعرفة صفاته وشمائله، وأنه الحافظ للدين والدنيا، والهادي إلى الله، وأن له الولاية الكبرى، وهو الأمانة المحفوظة ومستودع الأنوار وخزانة علم الله ــ عزّ وجلّ ــ وباب الله الذي منه يؤتى.

🔺 ليس المقصود بمعرفة الإمام معرفة اسمه وتاريخ مولده واسم أبيه وأمه، لأنه من البديهي أن مثل هذه المعرفة لا تجعل الإنسان ممهّداً

ومن الأحاديث التي حثّت على أهمية معرفتهم عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال:  “إنما يعرف الله عز وجل ويعبده من عرف الله وعرف إمامه منّا أهل البيت ومن لا يعرف الله عز وجل ولا يعرف الإمام منا أهل البيت فإنما يعرف ويعبد غير الله”،  وعن الإمام الصادق عليه السلام أيضاً قال:  “لا يقبل الله من العباد عملاً إلا بمعرفتنا”.

ثم إنَّ معرفة الإمام شرط من شروط التمهيد لظهوره، وهي قبل ذلك جزء من معرفة الأئمة الاثني عشر، عليهم السلام، كما أشار النبيّ إلى عددهم قائلاً لسلمان الفارسي: الأئمّة بعدي إثنا عشر، ثمّ قال:  كلّهم من قريش، ثمّ يخرج قائمنا فيشفي صدور قوم مؤمنين، ألا أنّهم أعلم منكم، فلا تعلّموهم ألا انّهم عترتي، من لحمي ودمي ما بال أقوام يؤذوني فيهم لا أنالهم الله شفاعتي”.

  •  وجوب معرفة الإمام عليه السلام

١- الصون من الإنحراف والضلالة:

بالابتعاد عن الامام يبتلى الناس بالفساد والضلالة، وخلاصهم الوحيد هو الاقتداء بالامام، قال الإمام الكاظم، عليه السلام: “ما ترك عزّ وجلّ الأرض بغير إمام قطّ منذ قبض آدم، عليه السلام، يُهتدي به إلى الله عزّ وجلّ، وهو الحجّة على العباد من تركه ضلّ ومن لزمه نجا حقّاً على الله عزّ وجلّ”.

٢ المنع من بطلان العمل:

إنَّ قبول الأعمال والمنع من بطلانها يكون في قبول ولاية الأئمّة المعصومين، عليهم السلام، قال الباقر، عليه السلام لزارة بني الإسلام على خمسة أشياء: على الصلاة، والزكاة، والحجّ، والصوم، والولاية.

قال زرارة: فقلت: وأيّ شيء من ذلك أفضل؟

 فقال: الولاية أفضل، لأنّها مفتاحهنّ، والوالي هو الدليل عليهنّ أما لو أنّ رجلاً قام ليله، وصام نهاره، وتصدّق بجميع ماله، وحجّ جميع دهره، ولم يعرف ولاية وليّ الله فيوالي، ويكون جميع أعماله بدلالته اليه ما كان له على الله جلّ وعزّ حقّ في ثوابه ولا كان من أهل الإيمان”.

٣ الوصول للسعادة الأبدية:

نعم نبي الأمة استشهد ولكنَّه، صلى الله عليه وآله قال:  “معاشر النّاس من أراد أن يحيى حياتي ويموت ميتتي فليتولّ عليّ بن أبي طالب وليقتد بالأئمّة من بعده”

٤ النجاة من ميتة الجاهلية:

وقد جاء تصريح بعدد من الروايات التي مفهومها أن من لم يعرف إمام زمانه مات ميتتة جاهلية، أي أن حاله حال من مات قبل الإسلام .

إن معرفة الإمام صاحب الزمان عليه السلام نوعان، معرفة لعامة الناس أن يعرفوا إمامهم المفترض الطاعة، ومعرفة خاصة تسمى معرفته بالنورانية، وينبغي التعرف عليها من الروايات والأدعية والزيارات الصادرة عن الأئمة عليه السلام والتي هي كنز من المفاهيم الإسلامية والمعارف الإلهية، غاية الأمر أنها عميقة تحتاج إلى فهم، والفهم يحتاج إلى تأمل ومعايشة لمدرسة الوحي الإسلامية.

عن المؤلف

المُدربة: عبير ياسر الزين

اترك تعليقا