ثقافة رسالية

هل نحن مستعدون لنشر الثقافة الحسينية؟

قال تعالى: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}. (سورة آل عمران: 104).

إن احياء قضية عاشوراء ونشرها، تعد من اهم المسائل على جميع الأصعدة ولاسيما في الاطار العبادي، فاقامة العزاء لشهيد قدّم كل شيء في سبيل الإسلام هو امر بالغ الاهمية ولا يتهاون عنه ابدا، كونه له دور في استمرارحرارة دمه الثائر ضد الظالمين والطغاة.

“حسين مني وانا من حسين”، هذه الجملة الواردة في الروايات الشريفة عن خاتم الانبياء، تعني بأن الحسين من نفس رسول الله ورسالته تحى بالحسين، فكل ما نعيشه من بركات الإسلام هي نتيجة تلك التضحية العظيمة لسبط رسول الله، صلى الله عليه واله، والتي يسعى أعداء الإسلام الى محو آثارها بكل ما يستطيعون ولكن هيهات ان يكون لهم ذلك.   

📌 الامام الحسين، عليه السلام، لا يظلم أحدا، ولكي ننقل هذا المفهوم للمجتمع يجب ان نبتعد عن ظلم الآخرين، أكراماً وحبا بالإمام ورسالته التربوية والأخلاقية العظيمة.

فمتى نكون اهلا لمسؤولية نشر الثقافة الحسينية؟

 وما هي أدوات نجاح ذلك؟

حين تكون كلمتنا هي كلمة الله ـ سبحانه وتعالى ـ، بأن نأمر بالمعروف وننهى عن المنكر، ان نحارب الفساد والظلم، ان يكون خُلُقنا هو القران الكريم، ان نبتعد عن الغيبة والنميمة، ان ننظف لساننا من قبيح الكلام، ان نخدم الآخرين بما يرضي الله ـ عزوجل ـ وهي قمة العبادة، ان نوزن الكلمات قبل الكلام، ان يلين قلبنا ولا يقسى، التواضع امام الناس.

فعندما نسير على نهج الامام الحسين، عليه السلام، وقد يبدو ذلك صعبا، فنحن لا نرتقي لشخصية الإمام المعصوم، لكن هل فكرنا أو حاولنا أن نلتزم بالسير على خطاه؟

فمثلا الامام الحسين، عليه السلام، لا يظلم أحدا، ولكي ننقل هذا المفهوم للمجتمع يجب ان نبتعد عن ظلم الآخرين، أكراماً وحبا بالإمام ورسالته التربوية والأخلاقية العظيمة.

أن نفهم ونعي جيداً الأهداف التي انطلق من أجلها الإمام الحسين، عليه  السلام، وهي الإصلاح في الأمّة، من خلال رفض الظلم والجور والعدوان، والسعي بجدية لتحقق العدالة ونصرة المظلوم .

يريد منا الامام، عليه السلام، ان يكون قلبنا محبا للجميع دون تمييز او عنصرية او طائفية، فبقدر أهمية احياء الشعائر الحسينية من إقامة مجالس العزاء، وكافة الأنشطة التي تعبر عن عظيم الفاجعة، يبحث ،عليه السلام عن التسامح والمحبة التي تجمع تلك الأكف والدموع التي تقرح الصدور والعيون بحرارة المصاب.

والبعض يتساءل: لماذا هذا التركيز وإعطاء الأهمية لهذا الموضوع؟

 والجواب هو: أن اهل البيت، عليهم السلام، يعلمون جيداً انه لا يمكن أن يبنى مجتمعا بالكراهية والحقد، فلا يمكن أن يصنع هذا الوطن إلا بقواعد المحبة التي تشكل البذرة الصالحة لتحقيق السلام والعدل فيه .

فإن اردنا نشر الثقافة الحسينية وجعلها مؤثرة في المجتمع بكافة اطيافه ومذاهبه، علينا ان نعيش بشكل حقيقي القيم التي تجلت يوم كربلاء، باخضاعها تحت مجهر الواقعية لاستنباط العبر العظيمة منها وتطبيقها عمليا.

📌لا يمكن ان ننقل قيمة التعاون التي ضربت أروع صورها في واقعة الطف حين تعاون الشيوخ والشباب والأطفال، تحت مبدأ واحد وهو الفداء في سبيل الدين، ونحن لا نتصف به ولا نسعى لتفعيله في المجتمع

فلا يمكن ان ننقل قيمة التعاون التي ضربت أروع صورها في واقعة الطف حين تعاون الشيوخ والشباب والأطفال، تحت مبدأ واحد وهو الفداء في سبيل الدين، ونحن لا نتصف به ولا نسعى لتفعيله في المجتمع.                                          

وأيضا لا يمكن ان ندعو الى تثمين قيمة العبادة، كالإصرار على الصلاة يوم عاشوراء، ونحن مقصرون في هذا الجانب.

ولكي نكون مستعدين لنشر الفكري الحسيني في ارجاء المعمورة، لابد ان تكون ادواتنا المستخدمة لذلك صحيحة، ولعل ابرزها الاعلام الرصين الهادف.

فكل عقيدة ليس معها إعلام تموت، وكل فكرة لا يدعمها إعلام تنمحي وتتبخر، لذلك أي إنسان يخترع فكرة لابد أن يخترع معها إعلاماً يدعمها ويبقيها، ومن هنا نلاحظ أن الإعلام ضروري لأن له أثرين:

الأول: أنه يرسخ مبادئ الفكرة في نفوس أتباعها والمعتقدين بها.

الثاني: أن الإعلام يجعل للفكرة حضوراً واقعياً بحيث لا يمكن نسيانها ولا تكذيبها، ولا محوها ،لأنها سجلت في التاريخ بواسطة الإعلام.

ومن نفس المنطلق تأتي الشعائر الحسينية لتكون إعلاماً ناصعا لقضية سيد الشهداء، فكل الشعائر المرئية والمسموعة بشتى ألوانها كالبكاء، والحضور في المجالس العزائية، ولبس السواد، ونشر رايات الحزن، والمواكب، وزيارة الامام الحسين عليه السلام، والفن والشعر والرسم الحسيني، هي مظهر إعلامي واضح وداعم لقضية عاشوراء.

حيث تسهم في ترسيخ المبادئ الحسينية في النفوس، إضافة الى أنها تشكل حضوراً لكربلاء على أرض الواقع الإسلامي بحيث لا يمكن تجاهلها ولا التغافل عنها.

فلا يكفي أن يقول الفرد أنا موالي لأهل البيت، عليهم السلام، وهو لا يبرز محبته لهم وارتباطه بهم، إذ ان من أعظم مظاهر المودة، إقامة هذه الشعائر بألوانها المختلفة.

 فلولا الاصرار في كل عام على إحياء تلك الشعائر، لربما انمحت فاجعة الطف منذ امد بعيد، ومن هنا تبرز أهمية هذه المنابر في نشر الثقافة الحسينية وابقاء جذوة كربلاء متقدة على مر العصور.

عن المؤلف

زينب علي عمران

اترك تعليقا