ثقافة رسالية

ماذا تعرف عن الفساد؟

قال لي: ان محيطي موبوء والمجتمع من حولي يكثر فيه ارتكاب المعصية، وكدتُ مراراً ان ازل؛ فماذا افعل؟

قلت له: أمام كل مفسدة من مفاسد المجتمع، على الانسان ان يتعامل معها ضمن مستويات ثلاثة:

اولاً: أن يطهِّر محيطه منها فلا يتعرض لها قدر الإمكان، فكلما قلَّ تعرض الإنسان لعوامل الفساد، كلما قلَّ احتمال تلوث قلبه بها، فمن يتجنب مواضع الشبهة والتهمة، يسهل عليه ضبط إيقاع قلبه او عَقْلَ (1) شهوته و الأخذ بزمام نفسه، فمن لا ينظر الى الحرام يقل اشتهائِه له، ومن لا يجالِس اهل المعصية لا يتطبع معها، وهكذا.

فاجعل بينَك وبينها ـ قدر الإمكان- بُعدَ المشرقين، وفِر منها فرارك من السباع الضارية. فـ”لا تدوس على الجنيّ ولا تقول بسم الله” حسب المثل العراقي.

ثانياً: ولكن مهما طهَّر الإنسان محيطه، واختار رِفاقه و إصحابه بعناية و دقة، إلا انَّه لا يمكن أن ينعزل عن المجتمع، فهو امرٌ مستحيلٌ وخاطئ، لأنه وان ضمن عدم تأثُّره به، إلا انه يفقد التأثير فيه ايضاً.

 والمجتمع أنواع و أرناگ(2) تجد فيه الجيد والرديء، والصالح والطالح، فبالتالي يتعرض الانسان ـ شاءَ ام ابى- الى عوامل الإنحراف، ومسبباتها، فهنا عليه ايضاً أن يزكّي نفسه، ويقوّي ارادته، من اجل عدم التأثر بعوامل الانحراف، وان احاطَت به من كل جانب.

ومن أسباب ذلك، ان يتخذ الإنسان قراره مُبكِّراً، بأن لا يقع في الحرام وان جاءَ طارِقاً بابه، او متوسِّلاً اليه.

3- وهل يكفي أن يُحَصِّنَ الإنسانُ نفسه عن الفساد؟

او لستَ محباً لأبناء مجتمعك؟ او لا تحب اخاك و اباك و جاركَ و صديقك؟ او لا تحُبَّ الخير لهم؟ او لا تعتقد بأن الفَساد شرُ و سوءُ وشؤم واذى و مصيبة؟ ثم او ليس كل أبناء بلدك اخوانك و اخواتك؟

هل ترضى أن تكون انتَ محصَّنا وهم يتعرضون لكل عوامل الانحراف ويتساقطون تباعاً كأوراق الخريف؟!

بالطبع كلا.

فالدرجة الثالثة، هي محاولة اجتثاث الفساد كُلِّه، حتى ترتاح انتَ منه، ويرتاح الناس كلهم منه مرة واحدة، وهذا امرٌ يتطلب ارادةً وجُهداً وجِداً وهمةً وايماناً.

فطهِّر مُحيطك، و حصِّن نفسك، و حارِب الفساد كله.

واطلب العون في كل مرحلة من الله ـ تعالى ـ .

📌 توضيح:

(1) سُمي العقل عقلاً، لأنه يعقل النفس، والعقل – في اللغة- شد ارجل الجمل حتى لا تقوم من مقامها، وفي الحديث النبوي “العقل عِقالٌ من الجهل، والنفس مثل اخبث الدواب ان لم تُعقل حارت”

(2) “ارناگ”  تعبير يستخدمه اهل الكويت، وكأنه جمع مُعرب لكلمة “رنگ” اي اللون في الفارسية.

عن المؤلف

السید محسن المدرّسي

اترك تعليقا