رأي

ومن نهى عن المنكر ارغم انوف المنافقين

عبارة عجيبة، في حديثٍ لأمير الكلام وسيد المؤمنين الإمام عليٍ، عليه السلام، والملاحظ في الحديث ربط النهي عن المنكر بالمنافقين.

كيف؟

نظرياً؛ من المفترض أن يكون الحديث عن “الفاسقين”، لأن المنافق بطبيعة الحال يتمظهر بجانبٍ ايماني ولا يُظهر فسقه او كفره.. فكيف يكون نهي “الفاسق” عن المنكر، مُرغِماً لأنف “المنافق”؟

هذا ما شغلني فترة.. حتى أظهرت لي تجارب الحياة دقة كلام الامام، عليه السلام، رأيت بالفعل اكثر الناس تألماً من نهي المؤمن عن المنكر: المنافقون.

 إن الشغل الشاغل للمنافق هو مسك العصا دائماً من الوسط، ارضاءً للجميع، فلكي يحافظ على مكانته عند اهل الايمان والصلاح يتمظهر بمظهرهم، ويرفع شعاراتهم، بل ربما تراه اكثر اهتماماً بتلك المظاهر والشعارات.

ما الذي يفضحه، ويُعَرِّيه؟

موقف اهل الايمان من المنكرات

لأنه سيكون حينئذ امام خيارين، احلاهما مر: اما الوقوف مع المؤمنين – وهذا لا يمكن للمنافق، لأن للمواقف ثمن وتضحية بالسُمعة او المال او النفس- او فُقدان مركزيته الظاهرية.

فلذا فإن “النهي عن المنكر” اكثر ايلاماً للمنافق  من الفاسق!

فلذا عادةً يبحث عن الخيار الثالث:

 تراه؛ بدل أن يعاضد المؤمن في نهيه عن المنكر، يحاول جُهدَ الإمكان البحث عن تبريرٍ لنهي المؤمن عن نهيه للمنكر! ولو كان ذلك على صورة زلة هنا او مغالطةٍ مفضوحة هناك.

فالذين قادوا حملة تسقيطٍ على الخطيب الفاضل وصاحب الأخلاق الطيبة الشيخ جعفر الابراهيمي، لم يهتموا ابداً بكلمة “اسود” او “ابيض”، لأنهم يعلمون حقيقة ان هذه الكلمة – في اسوء الاحتمالات- زلة غير مقصودة وهم يعملون انهم كالغريق الذي يتشبَّث بالقشة!

ولكن اَلَمَهُم حقيقة من صراحة الشيخ و طرحه الواضح. فاعتراضهم على “النهي عن المنكر”، لا شيء آخر، وتألموا من موقف اغلبية الشعب العراقي الرافض لمظاهر الفسق والفجور، وهم بذلك يفضحون انفسهم لا اكثر.

فكما ان الأمر بالمعروف هو شدٌ لظهور المؤمنين، فإن النهي عن المنكر فضيحةٌ للمنافقين.

فاستمروا في النهي عن المنكر بالقلب واللسان واليد .. رَحِمَكُمُ الله.

عن المؤلف

السید محسن المدرّسي

اترك تعليقا