خلال السنوات الماضية، ومن خلال الندوات في الجامعات والبرامج الشبابية، كنت ألاحظ بشكل واضح مشروع “التطبيع” ثقافياً، فعدم تفاعل الشباب مع “القضية الفلسطينية”، بل و عدّها أمراُ من الماضي كان يقلقني كثيراً.
كنت أفكر في كيفية إيصال أهميّة هذا الصراع وحقيقته إلى الجيل الصاعد، لاسيما كان بعضهم يعدها “مشروعاً تجارياً” لبعض الدول والجماعات، وأن مسألة “المقاومة” أصبحت قضية قديمة، وعلينا الانطلاق نحو المستقبل بالقبول بالواقع، متأثرين بالصورة التي رسمتها لهم وسائل الإعلام عن هذا الكيان.
لكنّ بفضل الله –تعالى-، جاءت هذه المعركة لتغيّر المعادلة بشكل كبير، فتفاعل الشباب مع هذه الأحداث وخصوصاً مع ما يقع من جرائم ضد المدنيين العزّل، قلبت المعادلة.
فجيل الألفين، لا يعرف شيئاً عن مجزرة قانا الأولى عام 1996، ولا الثانية عام 2006، وكثير منهم لا يعرف عن “محمد الدرة” شيئاً، لكنّهم اليوم يرون جريمة مستشفى المعمداني بأعينهم، ويرون كيف أنَّ أكثر من 400 طفلاً يُقطع اشلاءً خلال عشرة أيام دون أي رادع من الدول المدافعة عن حقوق الإنسان!
يرون كيف رفع الكيان القناع عن وجهه الحقيقي وكشّر عن انيابه ضد الإنسانية، ويصرّح بأنّه ينظر إلى غيره على أنهم “حيوانات بشرية”!
فالكيان بأفعاله وجرائمه جعل الشباب يفهم حقيقة هذا الصراع، ويؤمن بالقضية على أنّها قضية حق وباطل، ظالم ومظلوم، فقد جعل الشباب يؤمن بأن ثقافة المقاومة “ضرورة” في عالم لا يفهم سوى منطق القوّة، كما جعله يكتشف حقيقة هذا الكيان الخاوي، فلم يعد هو صاحب الكلمة العليا في المنطقة، فنحن لسنا بحاجة إلى أن تقوم الأنظمة العميلة بشيء، بل يمكن للشباب المؤمن بقضيته أن يغيّر المعادلة.
