أسوة حسنة

أبوطالب مثال للمنهاج التربوي وكفالة اليتيم

تأثر البعض بالتاريخ المزيف، واتخذه دينا له، مقلداً النهج الأموي بحقده ومظالمه على الرسالة، وأصحاب رسول الله، صلى الله عليه وآله، مردداً بلا ورع ولا بحث عن الحقيقة تلك الإكذوبة الأموية القديمة: إن أبا طالب مات كافراً!

 اسمه: عبد مناف بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي.

 ألقابه: سيد البطحاء، وشيخ قريش، ورئيس مكة وبيضة البلد، والشيخ، وشيخ الأباطح.

كنيته: أبوطالب وهو لقب غلب عليه حتى لم يُعرف أحد يناديه باسمه الأصلي (عبد مناف).

 ولادته: ولد عام ۸۸ قبل الهجرة، بعد حفر زمزم وقبل عام الفيل ومولد النبي صلى الله عليه وآله، بخمس وثلاثين سنة.

سيادته على قومه: كان أبوطالب يتمتع بشخصية – قوية مهابة في نفوس قومه طاهراً مستقيماً يقلدونه في أفعاله، ولا يتقدمونه بأمر إلا بعد أن يستشيرونه وكانت رئاسة قريش بعد عبد المطلب لأبي طالب وكان أمره نافذاً. (أسنى المطالب لابن دحلان).

🔺 رجل سقى الإسلام بذرة في حقل مجدب، ورعاه أملوداً ليناً في مهب الإعصار

أبوطالب يخلف أباه: ورث أبوطالب كلَ مناصب أبيه ومكانته الاجتماعية، فقد كان قوي الشخصية سامياً في أخلاقه، شجاعاً طيب النفس، فأصبح سيد بني هاشم، ولم يكن هو الابن الأكبر لعبد المطلب.

واحتل السيادة لقريش رغم فقره، لأن السيادة تحتاج الى المال الكثير وهو لا مال له ولنا قيل: لم يكن أحد يسود قريشاً بلا مال سوى أبي طالب، قال الإمام علي بن أبي طالب: “أبي ساد فقيراً وما ساد فقيرا قبله”.

وحين توليه لمكانة أبيه أوكل سقاية الحاج لأخيه العباس بن عبد المطلب، لأن هذه المهمة تحتاج الإنفاق الكثير، والعباس لديه المال، وكان أبوطالب واسع التفكير أصيلا في تربيته إنه الفرع الذي التزم بمبادئ الحنفية، فنجده أول من سنَّ القسامة في الجاهلية.

نحن أمام سيرة رجل، لعبت فيها الأهواء دوراً كبيراً، ومشت بها الأقلام المأجورة، ناكبة عن صراط الحق، ملقية على الحقيقة ستاراً صفيقاً شأنها مع كل حقيقة صارخة ناصعة، تصدها عن الهوى الجموح، والعاطفة الرعناء فتعمل فيها مسخاً وتشويهاً لتجعل منها متداعي الستر.

رجل خط بسيرته – في التاريخ – سطوراً على إشراق حرف، فكان من المجاهدين في الطليعة، وكان من أنصار المباديء القويمة، ورسل الإنسانية وهداتها في الرعيل الأول.

رجل نصر المبدأ القويم، وكل القلوب له جافية، وكل العيون تنظر إليه نظرة شزراء، يتطاير منها الحقد، وترف بالعداء المستفحل، وتنذر بالمقاومة والعصيان والثورة لإطفاء هذه الشعلة المتقدة فتمتد منها أيدٍ لتعصف بهذا الجيل الجديد ذي القبس البهي الذي عشى بشعاعه العيون الرمداء.

ولكن هذا الحصن المنيع يقف – أمامها – شامخاً، مدلاً بقوته، متحدياً لها في إرادتها الهوجاء فترتد هذه الأيدي، وقد ظنت أنها ستنال ما تريد، وهي أفرغ ما تكون، فتفيض القلوب بالحقد على هذا النصير – أيضاً – وتغضب ولكن غضب الخيل على اللجام.

🔺 فلنتخذ من شخصية ابي طالب مثالا حياً لكفالة الايتام او مراعاة ظروفهم القاهرة في هذا شهر الفضيل شهر الرحمة والغفران مما تجود به انفسنا

رجل سقى الإسلام بذرة، في حقل مجدب، ورعاه أملوداً ليناً في مهب الإعصار، ووليداً نعيم الظفر، فاشتد وقوي، وانتشر منه نور، دون أن ينال منه عدو ما أراد، حتى جف هذا النبع الدفاق، والراعي المخلص الأمين.

قامت الظروف بدورها، فطرت مجرى التاريخ، فوضعت الأحاديث وتفسيرها، حتى صار وضع الأحاديث واختلاقها بضاعةً لن تبور، ورائجة السوق فكثر الوضاعون الذين يريدون هدم الشخصيات الحقيقية  للإسلام.

 ان المنهج التربوي الذي خطّهُ أبوطالب ومحافظته على العهد ووديعة الرسالة، مهما كان الثمن غاليا، وان ذهب ماله وجاهه واولاده جميعا فداء واضاحي لأجل النبوة والرسالة الخاتمة، فكان رد الدَين من النبي لاكرم، صلى الله عليه وآله، تجاه عمه حزنه وتأثره الشديد لفقده.

  • كان الهدف الاول لهجرة النبي الأكرم الى يثرب

لقد فقد النبي  الأعظم، صلى الله عليه وآله، والمسلمون نصيراً قوياً، وركناً شديداً من أركان الحماية المنيعة القائمة بوجه قريش وهو أبوطالب منيه فقد دافع عن النبي، وعن دعوته، بيده ولسانه، وولده، وعشيرته، وكل مواهبه وطاقاته، وضحى من أجله بمركزه وماله وعلاقاته الاجتماعية.

 فاعتقدت قريش أنه سيضعف عزمه عن مواصلة جهوده، بعد أن مات ناصره، فنالته بعد وفاة شيخ الأبطح بأنواع الأذى، مما عجزت عنه في حياة عمه العظيم، ووجدت الفرصة للتنفيس عن حقدها، وصبَّ جام غضبها على ذلك الذي ترى فيه سبباً لكل مشاكلها ومتاعبها.

 فأخذ مشركو قريش يسومون الرسول، صلى الله عليه وآله، والمسلمين أبشع أنواع الاضطهاد، واشتد الضغظ عليهم، ومن هنا فقد كان لابد من تحرك جديد يعطي للدعوة دفعة جديدة، ويجعلها أكثر حيوية، وأكثر قدرة على مواجهة الأخطار المحتملة، لذا كان من الطبيعي أن يبحث الرسول الأكرم، صلى الله عليه وآله، عن مكان آخر تتوفر له فيه حرية الحركة، والدعوة إلى الله، بعيداً عن إيذاء قريش ومكائدها وإيجاد وسيلة لرفع هذا الضغط عن المسلمين، فكان كل ذلك وسواء دافعاً إلى الهجرة هذه شخصية الفذة.

  • مثال لكفالة الايتام في عراق كثر فيه الأيتام

فلنتخذ من شخصية ابي طالب مثالا حياً لكفالة الايتام او مراعاة ظروفهم القاهرة في هذا شهر الفضيل شهر الرحمة والغفران مما تجود به انفسنا، لانهم اصحاب الفضل الاكبر فقد ضحوا بذويهم في الجهاد المقدس دفاعا وامتثالالعقيدتهم الحقة، ولا ننسى ايتام غزة الإباء والصمود فالواجب على كل مسلم غيوران يساهم ولو بنزر يسير من ماله لاطفال فلسطين.

عن المؤلف

أ.د سادسة حلاوي حمود ــ جامعة واسط ــ قسم تاريخ الأندلس والمغرب

اترك تعليقا