أسوة حسنة

كريم أهل البيت عليهم السلام

هو الحسن بن علي بن أبي طالب، عليه السلام، ولد ليلة الثلاثاء، النصف من شهر رمضان المبارك، في السنة الثالثة للهجرة في المدينة المنورة.

بويع بالخلافة في الحادي والعشرين من شهر رمضان سنة أربعين هجرية، ومدة إمامته عشر سنوات، وقع الصلح بينه وبين معاوية سنة إحدى وأربعين .

لقِّب بالأمير، الحجة، الكفيُّ، السبط، الولي . وكنيته: أبو محمد، أمَّا نقش خاتمه: “حسبي اللَّه”، ” لا إله إلا اللَّه الملك الحق المبين”، ” العزة للَّه وحده”.

عن الصادق، عليه السلام: حدّثني أبي، عن أبيه، عليه السلام: “أنّ الحسن بن عليّ بن أبي طالب عليه السلام، كان أعبد الناس في زمانه، وأزهدهم وأفضلهم، وكان إذا حجّ، حجّ ماشياً، وربّما مشى حافياً، وكان إذا ذكر الموت بكى، وإذا ذكر القبر بكى، وإذا ذكر البعث والنشور بكى، وإذا ذكر الممرّ على الصِراط بكى، وإذا ذكر العَرْض على الله، تعالى ذكره، شَهِق شَهْقة يُغشى عليه منها.

🔺 عن الصادق، عليه السلام: حدّثني أبي، عن أبيه، عليه السلام: “أنّ الحسن بن عليّ بن أبي طالب عليه السلام، كان أعبد الناس في زمانه، وأزهدهم وأفضلهم، وكان إذا حجّ، حجّ ماشياً، وربّما مشى حافياً

لقد عانى الامام الحسن، عليه السلام، مظلومية من أهل زمانه، ومن صفحات التاريخ الاسلامي وبعض شيعته، على مستوى فهم حركته السياسية المباركة وصلحه مع معاوية، وبعض الاتهامات بتعدد الزوجات المفرط الذي لايليق بالامام، عليه السلام.

وبعد استشهاد أمير المؤمنين عليه السلام، خطب الإمام الحسن، عليه السلام، خطبةً قال فيها :”أيها الناس من عرفني فقد عرفني، ومن لم يعرفني فأنا الحسن بن محمد رسول اللَّه صلى الله عليه وآله أنا ابن البشير، أنا ابن النذير..”، وكان عدد المبايعين له أكثر من أربعين ألف.

  • صلح الامام الحسن عليه السلام  مع معاوية

إنَّ هذه الخطوة الدقيقة والخطيرة التي قام بها الإمام، عليه السلام، لم تكن واضحة لدى أذهان أكثر الناس مما شكل ضبابية في فهم موقف الإمام الحسن، عليه السلام، وهي على قسمين: وكلاهما تذكر عظمة وأهمية الصلح إلا أنَّ الثانية تذكر الأسباب .

منها: الرواية عن الإمام الباقر، عليه السلام قال:”يا سدير اذكر لنا أمرك الذي أنت عليه فإن كان فيه إغراق كففناك عنه وإن كان مقصراً أرشدناك”.

إلى أن قال عليه السلام: “أمسك حتى أكفيك إن العلم، الذي وضع رسول اللَّه، صلى الله عليه وآله عند علي، عليه السلام، من عرفه كان مؤمناً ومن جحده كان كافراً ثم كان من بعده الحسن، عليه السلام، قلت: كيف يكون بتلك المنزلة، وقد كان منه ما كان دفعها إلى معاوية؟

 فقال: اسكت فإنه أعلم بما صنع، لولا ما صنع لكان أمر عظيم”.

و منها: الرواية المروية عن نفس الإمام المجتبى، عليه السلام، عن أبي سعيد قال: قلت للحسن بن علي بن أبي طالب، عليه السلام: يا ابن رسول اللَّه، صلى الله عليه وآله، لمَ داهنت معاوية وصالحته، وقد علمت أن الحق لك دونه وأن معاوية ضال باغ؟

 فقال عليه السلام :”سخطتم عليّ بجهلكم بوجه الحكمة فيه ولولا ما أتيت لما ترك من شيعتنا على وجه الأرض أحد إلا قُتل”

 ومن أهمِّ الأسباب التي دعت الامام الحسن، عليه السلام لقبول الصلح :

١- عدم رغبة جيش الامام بالقتال.

٢- التواطؤ مع معاوية من قبل الكثير من القادة والجنود.

٣- الخيانات المتكررة المتمثلة الالتحاق بمعاوية .

٤- شيوع البلبلة والاضطراب في صفوف القادة والجنود .

٥- عدم الاخلاص للقيادة الشرعية .

إنَّ الصلح الذي أبرمه الامام وضع الامام في موضع قوة

ومعاوية في موقع ضعف على المدى القريب والبعيد، وللصلح شروط:

١ – أن يعمل معاوية بكتاب اللَّه وسنة رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسيرة الخلفاء الصالحين .

٢ – ليس لمعاوية بن أبي سفيان أن يعهد لأحد من بعده عهداً.

٣-  الناس آمنون حيث كانوا في العراق والشام والحجاز وتهامه.

٤ – أمان الشيعة وأصحاب علي عليه السلام على أنفسهم وأموالهم ونسائهم وأولادهم.

٥ – أن لا يبغي للحسن ولا لأحد من أهل بيته غائلة سراً وعلانية، ولا يخيف أحداً منهم.

٦ – أن تكون الخلافة للإمام الحسن عليه السلام من بعده فإن حدث به حدث فلأخيه الحسين وليس لمعاوية أن يعهد به لأحد.

٧ – أن لا يسميه أمير المؤمنين.

٨ – أن لا يقيم عنده شهادة.

٩ – أن يضمن نفقة أولاد الشهداء من أصحاب الإمام علي عليه السلام .

١٠-  ترك سبّ الإمام علي عليه السلام والعدول عن القنوت عليه في الصلاة.

١١ – أن لا يتعرض لشيعته بسوء، ويصل إلى كل ذي حق حقه.

وعلى المؤمنين أن يعلموا أنَّ ماقام به الامام الحسن عليه لسلام  هو صلح وليس بيعة، وهناك فرق، فالصلح لايعدُّ اعترافاً من الامام بمشروعية معاوية، فقد كان شرطه ألا يسميه أمير المؤمنين .

🔺 عن الصادق، عليه السلام: حدّثني أبي، عن أبيه، عليه السلام: “أنّ الحسن بن عليّ بن أبي طالب عليه السلام، كان أعبد الناس في زمانه، وأزهدهم وأفضلهم، وكان إذا حجّ، حجّ ماشياً، وربّما مشى حافياً

لذلك كانت هناك نتائج لهذا الصلح، ومن أهمها :

١- انكشاف الوجه الحقيقي لمعاوية، حيث قال: إني واللَّه ما قاتلتكم لتصلّوا، ولا لتصوموا، ولا لتحجّوا، ولا لتزكّوا، إنكم لتفعلون ذلك، وإنما قاتلتكم لأتأمّر عليكم وقد أعطاني اللَّه ذلك، وأنتم كارهون.

٢ – انكشاف انحراف معاوية وعدم تنفيذه لبنود الصلح، قال: قال: ألا أنّ كلّ شي‏ء أعطيته للحسن بن علي تحت قدمي هاتين لا أفي به.

٣- انكشاف طغيان معاوية واكراهه للناس على البيعة.

٤ – لم يستطع معاوية في زمن الإمام المجتبى، عليه السلام، أن يقيّد حركة الصالحين من أتباع الإمام، وكان لهم دورا إيجابيا ومميزا في تحريك الأمة.

٥ – توسيع القاعدة الشعبية لأهل البيت، عليهم السلام.

وفي النهاية فكلُّ ذلك جعل الأمة تعي حقيقة هذا الطاغية، وبذلك يكون الإمام عليه السلام قد وصل إلى ما سعى لأجله، من تمهيد الطريق للقيام بثورة الإصلاح لأخيه الإمام الحسين عليه السلام، وبذلك كما ذكر الشهيد محمد باقر الصدر (رض) في كتابه “تعدد الأدوار ووحدة الهدف”، أدى إمامنا دوره على أكمل وجه، فسلام عليه يوم ولد، ويوم استشهد، ويوم يبعث حياً.

عن المؤلف

المُدربة: عبير ياسر الزين

اترك تعليقا