تربیة و تعلیم

بين الوالدين و الأبناء كيف تبنى الثقة؟

تربية الطفل من اصعب المهمات الانسانية واكثرها تعقيداً وربما خطورة وهي ايضاً تشكل تحدياً كبيراً للوالدين، سيما في وقتنا الحالي الذي اختلف عن السابق بأغلب التفصيلات ان لم يكن جميعها، فتربية اليوم مبينة على اهداف مستقبيلة يضعها الوالدين لخط سير ابنائهم من البداية وصولاً الى تلك الاهداف، لئلا يقعوا في المحظور وهذا الذي يشغل غالبية الآباء ويجعلهم يحرصون على تفاديه من مراحل مبكرة من حياة الطفل.

من هذه المسؤولية تحديداً تبرز عدة مخاوف لدى الابوين كما الابناء ومنها الخوف من توتر العلاقة بين الطرفين، فالعلاقة بينهما هي أولى العلاقات التي يبنيها الطفل مع محيطه الاجتماعي، وهي بالتأكيد تؤسس لجميع العلاقات التي تأتي بعدها، فالبداية لا بد من ان تكون سليمة حتى تستمر العلاقات التالية سليمة وبعيدة الخدوش ايضاً وهذا الامر بالطبع ليس هيناً بالمرة.

⭐ الثقة بين الآباء وابناءهم من شأنها ان تسهم في اقامة علاقات ايجابية متزنة تعزز من ثقة الطفل بنفسه وتنعكس على الثقة بين طرفي العلاقة

الثقة بين الآباء وابناءهم من شأنها ان تسهم في اقامة علاقات ايجابية متزنة تعزز من ثقة الطفل بنفسه وتنعكس على الثقة بين طرفي العلاقة، وبالتالي تعزز الاستقلالية والفضول الايجابي واحترام النفس وبناء مهارات أفضل، والقدرة على  اتخاذ القرارات المناسبة في الامور الهامة، لذا نحن ندعو الى تحسين العلاقة مع الطفل لضمان هذه المكتسابات التي ستبقى ملازمة لحياة الطفل، وعكسها سيعاني الطفل من علات نفسية يصعب تصحيحها او معالجتها وبالتالي خسارة جزء كبير من الصحة النفسية.

  • كيف نبني الثقة مع ابنائنا؟

عبر عدة سلوكيات قد تبدو غير عادية وبسيطة لكنها في الحال تؤسس لبناء ثقة كبيرة بين الوالدين وابناءهم طوال حياتهم ومن هذه السلوكيات ما يأتي:

  1. إشراك الطفل في صناعة الرأي العائلي، إذ ان الطفل حين يرى ان والديه مهتمَين برأيه ويسمعون له سيجعله يشعر بالثقة بنفسه ومن ثم الثقة بهم لانه يرى ذاته غير مهمش ووجوده في العائلة مهم، وهو ما يجعله يثق بوالديه ويسعى لارضائهم واراحتهم بشتى الوسائل وهذا احد مكاسب بناء الثقة بينهم.
  2. حين يريد الوالدان ان يبنون ثقة بينهم وبين ابناءهم عليهم ان يوفون بوعودهم اياهم، على سبيل المثال سيدي القارئ الكريم حين تعد ابنك بشراء دراجة هوائية له في حال حصوله على معدل عالٍ في امتحانات نهاية العام الدراسية، صار واجباً عليك ان تشتري الدراجة وان كنت في اكثر الظروف حرجاً، لكون عدم والوفاء يسبب خلل ثقة الابن بك وقد لا يثق بوعودك ثانية وهنا يفقد الابوان امتثال ابنهم لقرارات او تعليمات لاحقاً.
  3. من الامور التي تزيد من عملية  بناء الثقة بين الوالدين وابنائهم هي تكليفهم بأعمال منزلية تتناسب وقدراتهم الجسمانية، فحين تطلب منه ان يجلب الخبز من المخبز القريب من المنزل، ذلك يجعل منه يشعر بأن والديه يعتمدون عليه ويثقون به وهو ما يمنحه دفعة معنوية لانجاز المهمات التي توكل اليه، وبالتالي يعتمد على نفسه تدريجياً وصولاً الى الاعتماد التام على نفسه وهذا مكسب كبير للطفل ولابويه.
  4. من الاهمية بمكان ان يركّز الوالدان على اهمية الوقت العائلي، إذ يحتاج الطفل الاعتراف به واحترام فرديته اضافة الى تخصيص وقتاً ثابتاً تجتمع فيه العائلة مع بعضها ويكون جزءاً من روتينك اليومي، لكون هذه التجمعات ستوطد اواصر الثقة بين الابناء والآباء عبر شعورهم بالانتماء الحقيقي للاسرة.
  5. من الامور التي تبني الثقة بين الآباء والابناء هو اطلاع الابوين على خصوصيات ابنائهم سيما التي تتعلق بالدراسة والصداقات والاهتمامات والتفضيلات، أذ ان الابن حين يرى اهتمام والديه بهذه التفصيلات يجعله يشعر بالارتياح وهو ما ينعكس ايجاباً على العلاقة بينهما، وهذا ايضاً مكسب عظيم للاثنين معاً، هذه ابرز الامور التي من شأنها بناء علاقة ثقة بين الوالدين وابناءهم والعكس هو الصواب بالتأكيد والخسائر حينها ستكون جسمية.

عن المؤلف

عزيز ملا هذال/ ماجستير علم النفس

اترك تعليقا