ثقافة رسالية

لعد ما نفرح بعد؟!

كلمةٌ متكررة تسمعها كلما نهيتَ عن منكراتٍ تُصاحِب مراسيم فَرح، عُرساً كانت، أو احتفال تخرُّج، أو رأس سنة لكن توقّف عندها قليلا، وانظر معي.

من أساليب ابليس في غواية الانسان أن يجعل المعصية، والمنكر، جزءاً من حياته، ونمطاً لعيشه، أي أن ممارسة الفعاليات اليومية الطبيعية يُصاحِبُها تلك المنكرات، ولأن الانسان مجبولٌ على تلك الفعاليات الطبيعية، فإنَّه لا يمكن الاستغناء عن المنكر أبداً.

فكل انسان لابد أن يأكل ولا (بروتوكولات) طبيعية في الأكل، سوى أن تضع اللقمة في فمك! هذه هي الطبيعة، لكن اذا نجح ابليس في أن يجعل محرَّماً جزءاً من بروتوكلاتها، سيضمن استمرار الحرام في حياة هذا الانسان تكتيكٌ ناجح حقاً.

ومثله في ذلك ما يصنع أصحاب الرساميل، في تعويد الناس على سُلعَة معيَّنة زائدة، باعتبارها جزءاً من (التقاليد) في حدثٍ حياتي، أرأيت كيف جُعلت (البالونات الملوَّنة) جزءاً لا يتجزأ من ديكور أعياد الميلاد والأفراح؟ فما علاقة البالون بالأفراح؟ لا علاقة حقيقية سوى علاقة (ثقافية) مرتبطة بـ(نمط العيش) وما في ذهن المجتمع من متطلِّبات أعياد الميلاد.

فكما أنّ البالونات الملوَّنة صارت جزءاً من تقاليد أعياد الميلاد – رغم كونهما معاً تَرَفاً أصلا-، كذلك صارت الكعكة والشمعة، وفي بعض الأحيان – مع الأسف- أجواء المنكر من غناءٍ ورقصٍ واختلاطٍ محرَّم، أو تواجد المسكر النجس حتّى!

فالفَرَح في مناسبةٍ ما، أمرٌ طبيعي،  صار مقروناً بالمنكرات –عند بعضهم-، فاذا ما نهيتَه عن المنكر، لا يستطيع التفريق بينهما، فيظنّ أنَّك تنهاه عن الفرح نفسه.

فما الحل؟

الحل واضح: (التفكيك) و ممارَسَة الفعاليات اليومية، والحياتية، دون مصاحبتها لأي مُنكَر.

فاذا كان التمشّي، أو الرياضة في النادي، مصاحباً للاستماع لغناءٍ صاخِبٍ أو هادئ محرَّم فاترك الغناء لا الرياضة أو التمشّي، وإذا كان مسامرة الأصدقاء، مصاحباً لكلامٍ فاحِش، أو غيبة او نميمة، أو خوضٍ في آياتِ الله، فاترك ذلك لا المسامرة، وإذا كانت الدراسة الجامعية، مصاحبةً للاختلاط غير المحتشم، أو الأجواء الفاسدة، فاترك الاختلاط والأجواء، لا الدراسة، وإذا كان طلب الرزق، وكسب المال، مصاحباً للمال الحرام والرشوة والغش، فاترك المال الحرام لا الكسب وهكذا.

والجامع المشترك بين كل ذلك:

أنَّك يمكن أن تُمارِس حياتك، فتَعِش حياةً طَيِّبة، فتفرح، أو تحزن، تأكل، تلعب، تسافر، تدرس، تتزوَّج..، ولكن دون أن تلوِّثها بشيءٍ من الحرام. {كُلوا من رزق ربِّكم واشكروا له}.

بل، إن البحث عن الطاهِرِ الطيِّب في كُلِّ شيء، وحذف كُلَّ زائد فاسد هو جزءُ شكرِ النعمة عليك{بلدةٌ طَيِّبةٌ وربُّ غفور}.

بلد طيب، وربٌّ غفور، فهل تطلب أكثر من ذلك؟

مع مهمة بسيطة: تطهير الحياةِ من الحرام، ثم ممارستها.

لعد ما نفرح؟

لا يا صديقي افرح في مكان الفرح لكن لا تخرِّب الفرح لا تلوثِه افرح عَدِل بل عيش عَدِل.

عن المؤلف

السید محسن المدرّسي

اترك تعليقا