ثقافة رسالية

تدرّب على الاستجابة للمحيط

لأنّك لا تستطيع أن تعيش وحدك في هذه الحياة فلابد أن تتعلم كيف تتناغم مع المجتمع الذي تعيش فيه، فتكون جزءاً فاعلا منه، وتقبل كلّ خير تراه، وتدفع عن نفسك وعن مجتمعك الشر الذي يواجهك، فتكون ممن يعمل بالمعروف ويأمر به، وينتهي عن المنكر وينهى عنه.

بعض الناس عندهم خاصة سيئة مثلثة الاضلاع: التنافر، والتقاطع، والتمانع، ومن ثمّ عدم الاستجابة للمحيط الذي يعيشون فيه، وهو أمر مرفوض لأن “المؤمن آلِف مألوف متعطف” “ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف” “من تألف الناس أحبوه” كما قال أمير المؤمنين، عليه السلام، وكذلك يقول رسول الله، صلى الله عليه وآله: “خير الناس أنفعهم للناس”.

🔺 بعض الناس عندهم خاصة سيئة مثلثة الاضلاع: التنافر، والتقاطع، والتمانع، ومن ثمّ عدم الاستجابة للمحيط الذي يعيشون فيه، وهو أمر مرفوض

ومن هنا وضعتْ أمام الانسان قائمتان من الصفات وطُلب منه أن يعمل بإحداهما وأن يرفض الاخرى، فالقائمة التي يجب أن يعمل بها تتضمن المواد التالية: المداراة، الرفق، الرضا، التحمّل، المسامحة، المعاشرة، التعاون، اللين، النصرة، التواضع، التواصل، وما شابه ذلك، وكلها صفات تؤكد التآلف مع الناس، والاستجابة لكل عمل من اعمال الخير.

والقائمة الاخرى تتضمن المواد التالية: الجفاء، الحدّة، الخلوة، العداوة، اللجاجة، الخصومة، الريبة، الغدر، الفرقة، الفحش، النميمة، الغِيبة، الشماتة، الاساءة، السخط، والتقاطع، وكلها من صفات تنفّر الانسان من مجتمعه، وتنفّر مجتمعه منه.

ولكي نتعلم كيف نستجيب للمحيط الذي نعيش فيه فلابد من أن نتمرن على ذلك؛ مثلا خصص لنفسك يوما بين وقت وآخر تقول فيه: نعم، موافقا على كل طلب معقول يُطلب منك، وقد تجد نفسك مدعوا لأمور لا ترغب فيها في ذلك اليوم، فربما يُطلب منك مثلا سفرٌ لا تريده، او يطلب منك العطاء، او يطلب منك ان تبدل عملك، او يطلب منك ان تكتب كتابا، او تضع حدا لمقاطعة صديق قديم، او يطلب منك الدخول في تجمع معين او ما ذلك ذلك.

حاول أن تجيب على كل ذلك بنعم، إلا ما يرتبط بأمر غير معقول؛ كأن تعطي مالا لا تملكه، او يكون صعبا عليك مثل تبديل عملك لانك ملزم به إلا بما هو معقول، ولا شك أن النتائج ستكون عظيمة في تعليمك، بل قد تقوم باعمال لم تكن تتوقع أن تكون قادرا على القيام بها.

ولقد حدث لبعض الناس أن حقّقوا نتائج عندما قاموا بهذا التمرين، فلم يكونوا مؤلفين، فطُلب منهم التأليف، ولانهم كانوا قد قرروا ان يقولوا: نعم، في ذلك اليوم، فقد بدأوا رحلة جديدة مع التأليف وجاءت كتبهم نافعة.

بعضهم قام بهذا التمرين، فطلب منمهم القاء محاضرة ولم يكونوا من الذين يثقون بانفسهم في هذا المجال، ولكنهم ألقوا مجموعة من المحاضرات النافعة.

🔺 إن الشخصية القادرة على التعايش مع الظروف المختلفة في المجتمع، والاستجابة للمتغيرات المتنوعة هي شخصية قوية قادرة على الثبات امام العواصف والشدائد

بالطبع ليس المطلوب أن تقول كل يوم: نعم، لكل ما يُطلب منك، إنما بعض الايام وفيما هو معقول من الطلبات، ولابد أن يتكرر هذا التمرين بين فترة وأخرى.

إن الشخصية القادرة على التعايش مع الظروف المختلفة في المجتمع، والاستجابة للمتغيرات المتنوعة هي شخصية قوية قادرة على الثبات امام العواصف والشدائد.

ولابد أن نشير هنا الى نقطة مهمة وهي: صحيح أننا مطالبون بالتناغم والاندماج في المجتمع والاستجابة له، ولكن لا يعني ذلك أن نستجيب لطلبات تخالف القيم والمثل، كما أن الاندماج في المحيط لا يعني التخلي عن الدِين والحق، كما يحصل للبعض حينما يهاجر الى المجتمعات الغربية، بل إن المطلوب هو التوزان بين الاستجابة العاقلة للمحيط وبين المحافظة على القيم والمثل الدِين.

عن المؤلف

آية الله السيد هادي المدرسي

اترك تعليقا