ثقافة رسالية

اليَهوُدُ وَالحَرب مِنَ العَهدِ القَدِيمِ إِلَى القُرآنِ الحَكِيمِ (5)

قال تعالى: {بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ}.(سورة الحشر: 14).

  • الحرب اليهودية

الحديث عن هؤلاء الأشقياء الجبناء في الحرب يطول ولكن سأختصره في هذه العُجالة بعد هذه المقدمات السريعة، وذلك لأننا نخوض في هذه الأيام معركة من أشدِّ وأشرس المعارك التي واجهته في تاريخه الإجرامي منذ أن وُجد كغدَّة سرطانية في جسد الأمة العربية والإسلامية وراح يفتك بهما ليس لقوته وشدَّته وبطشه وشجاعته أبداً فهو أجبن من فأر، وأنتن من جرذ، ولكن هناك ظروف صنعها الاستكبار العالمي له ليكون شرطياً لمصالحه، وكلباً غير وفيّ لحراسة أمنه القومي كما تسميه إمبراطورية الشر العالمي.

اليهود كتابهم المقدس المزعوم وما يسمونه بالعهد القديم يطفح بالجرائم، ويسبح بالدماء، لأن رب الجنود لا يقبل إلا بالقتل لأبسط عقوبة، وأما حربه فهي حرب الإبادة الجماعية للبشر، والأرض المحروقة لكل شيء لأنه لا يشفي غليله إلا الدماء البريئة لا سيما من أتباع السيد المسيح، ثم الأميين من أتباع الرسول الخاتم محمد، صلوات الله عليه وآله.

ولذا هم يتمنون الحرب، ويسعون لإشعالها لكما سنحت لهم الفرصة، ولكن ليس ليحاربوا بأنفسهم لأنهم جبناء جداً ويخافون من الموت بشكل عجيب حتى تحداهم القرآن الحكيم مرَّتين في مجرَّد تمنيهم للموت حيث قال: {قُلْ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ هَادُوا إِن زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاء لِلَّهِ مِن دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ}(سورة الجمعة: 6).

وقال سبحانه لهم:{قُلْ إِن كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الآَخِرَةُ عِندَ اللّهِ خَالِصَةً مِّن دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُاْ الْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ * وَلَن يَتَمَنَّوْهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمينَ}(سورة البقرة: 95).

⭐ اليهودي عنكبوتي الفكر والمعيشة ولم يكن في يوم من الأيام بشري أو آدمي بالمعنى الدقيق للكلمة

ومَنْ يريد أن يحارب ويقاتل فإنه سيضع نصب عينيه الموت أولاً، ولهذا شبابنا الأعزاء ومجاهدونا الأبطال يتنافسون على ذهاب الأنفس في سبيل الله ويتمنون ويرغبون بالموت أكثر مما يتمنى ويرغب أولئك الأشقياء بالحياة، لأنهم يحفظون ويرفعون كلمة الإمام السجاد (عليه السلام) شعاراً لهم: “أَما عَلِمْتَ أَنَّ الْقَتْلَ لَنا عادَةٌ وَكَرامَتَنَا الشَّهادَةُ”. (اللهوف: ص ٩١).

  • اليهودي لا يحارب

هذه الحقيقة الغائبة عن الأفكار والأذهان في الأمة العربية والإسلامية وهي السِّر الذي اكتشفته المقاومة الإسلامية البطلة، وتحاول أن تجعل الآخرين يكتشفونه أو لا أقل يتعلمونه من رجال المقاومة الذين عرفوا هذا السِّر عن هؤلاء اللعناء في كتاب الله وعلى لسان الأنبياء والرسل الكرام جميعاً.

اليهودي عنكبوتي الفكر والمعيشة ولم يكن في يوم من الأيام بشري أو آدمي بالمعنى الدقيق للكلمة، لأنهم مخلوقات تافهة وينظرون لغيرهم بالمنظار الذي في دواخلهم وأعماقهم، وعقدة الحقارة عندهم، ولذا تراهم منبوذين مطرودين من المجتمعات البشرية كلها منذ القِدم، وكأنهم عندما تشَّربوا في قلوبهم حب العجل الذهبي الذي عبدوه وتركوا موسى وهارون (عليهما السلام) واتبعوا هرطقات وكفريات السَّامري، صاروا جميعاً مثله وشملتهم الآية الكريمة في قوله تعالى: {قَالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَن تَقُولَ لَا مِسَاسَ}.(سورة طه: 97).

فتراهم مشرَّدون مشتتون لا يأويهم مجتمع، ولا يركنون إلى بيئة تحتملهم على قذارتهم، ووساختهم، وعنصريتهم التي يرون أنفسهم أنهم بشر والباقي حيوانات وحشرات يستحقون الموت والقتل، ولكن يقتلونهم بأيدي بعضهم البعض وليس بأيديهم لأنهم ليسوا من رجال القتال والحرب أبداً، بل هم يريدون من الآخرين أن يقاتلوا عنهم كما يفعل الأعراب من قرن الشيطان الآن مع غزة، حيث يدافعون عنهم ويسقطون كل الطائرات والصواريخ اليمانية التي تريد أن تربك العدو المتغطرس المستقوي بأقوى قوى العالم على بعض شباب المقاومة الغزاوية.

وهذا ليس غريباً، وأنا لم أكشف جديداً عنهم بل أحاول أن أشرح وأوضح ما تحدثت به الآيات القرآنية الحكيمة حيث أنهم سعوا وطلبوا جهدهم من نبي لهم أن يسمح لهم بالقتال، ولما جاء الإذن بالقتال نكصوا على أعقابهم، وليس ذلك فقط بل قالوا لموسى (عليه السلام) وبكل صلافة ووقاحة: {قَالُواْ يَا مُوسَى إِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا أَبَدًا مَّا دَامُواْ فِيهَا فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ}(سورة المائدة: 24).

فهم لا يقاتلون بل يريدون كل شيء جاهزاً عندهم وتحت خدمتهم لأنهم يعشقون الحياة، ويخافون الموت فكيف يعرِّضون أنفسهم له؟ ولذا قالوا لموسى ما قالوا لكي نعرف حقيقتهم وأنهم يتطلعون لرب الجنود أن يقاتل عوضاً عنهم، أي أنهم ينتصرون بالمكر والغدر والحيلة أو بالمعجزة التي يجريها الله تعالى على أيدي الأنبياء الكرام، عليهم السلام.

  • الصهاينة والحرب المعاصرة

الصهاينة اليوم ودويلتهم اللقيطة هذه الغدة السرطانية المشؤومة فقدت وجودها عندما اكتشف رجال المقاومة سرَّها، ولكن لم تفقد مبرراتها وأسباب وجودها ليس بالنسبة لها فهي (أوهى وأوهن من بيت العنكبوت)، وكل ما فيها من هياكل ما هي إلا (مجسمات كرتونية) لا تصمد أمام العاصفة الحقيقية إذا هبَّت من رجال المقاومة الأشداء، فهم أوجدوها لتحمي مصالحهم وهذه لم تنته، ولكن هل هي قادرة على حماية نفسها في هذا البحر الخضم من العرب والمسلمين؟ قطعاً كلا.

ولذلك جعلوا منها ترسانة كبيرة من السلاح وبنوها بنفس الفكر الأمني اليهودي المعروف (بالجيتو، أو الغيتو، أو الكيبوتس)، أوما يسمُّونه بنقاط الاستناد، وقديماً بالقلاع، والقرآن الكريم يسمِّيها بالحصون، فهم لا يقاتلون إلا من الحصون ومن وراء الجدر العازلة، ولكن في الحرب المعاصرة كلها لا تفيد لا سيما مع حركات المقاومة التي تعتمد على حرب العصابات، والمواجهة المباشرة مع العدو وهؤلاء إذا رأوا أبو عبيدة على شاشات الفضائيات يموتون خوفاً ورعباً فكيف إذا واجهوا أبطال المقاومة مباشرة؟

والحق أقول لرجالنا وأمتنا العربية والإسلامية: إن هؤلاء لا يقاتلون بعد عام ال 2000م وأكَّد ذلك حرب تموز في عام 2006م فبعدها هذا الكيان لا يحارب إلا بالطيران، والصواريخ، والقصف من بعيد، وأما غير ذلك وقد فَقَدَ المبادرة إلى الأبد واكتُشفت حقيقتهم وأن قلوبهم خاوية وجبناء رعديدون لا يمكن أن يواجهوا رجالنا في الميدان، لأنهم يفرون من الحرب ومن احتمال الجرح والموت لأنهم جاؤوا إلى فلسطين التي تفيض لبناً وعسلاً ليعيشوا ويترفَّهوا ولم يأتوا قناعة بالجهاد والقتال والعقيدة ويعرِّضوا أنفسهم للخطر والموت.

⭐ القدس اليوم هي خيبر العصر الحديث وإنها لن يفتحها مَنْ وضع يده بيد الصهاينة والأعداء أبداً ولو كانوا من أقوى دول الأرض، لأن (مَنْ عبد الصَّنم لا يحطم الأصنام)

فهؤلاء لا يقاتلون بل يريدون الأخرين أن يقاتلوا بدلاً عنهم فاخترعوا الوهابية، ومن بعدها ستأتي الإبراهيمية، واستخدموها بعد أن نضجت فكرتها في (الجيل الرابع من الحرب)، وهي الفناء الذاتي للدول والشعوب المستهدفة، بهذه الحرب الداخلية القذرة فأشعلوها بما يسمونه (بالربيع العبري)، لتدمير البلدان والقوى التي تحيط بهم فجمعوا، ودرَّيوا، وسلحوا، ودعموا هذه العصابات المجرمة من كل أقطار الدنيا وجاؤوا بها لتدافع عنهم فدمروا أفغانستان، والعراق، ولبنان، وسوريا، ليبيا، واليمن، وهكذا ظناً منهم أنهم يحققون حلمهم التوراتي بقيام الدولة الصهيونية الأخيرة من الفرات إلى النيل.

  • خيبر من أعظم دروس التاريخ

وهؤلاء يجب أن يعيدوا دراسة التاريخ لا سيما (معركة خيبر) التي تحصَّن بها اليهود وتجمَّعوا في حصونها السبعة، وراحوا يتباهون بقوتهم، وحصونهم، وأعدادهم، وأموالهم، وبدأوا يحيكون المؤامرات ويجمِّعون رجالهم المطرودين من المدينة المنورة وما حولها (كبني قينقاع، وبني النضير، وبني قريظة، وبني المصطلق) وبقية القرى المتصلة بهم، والمتعاهدة معهم من نجد وقرن الشيطان، ووادي القرى المتصل بالشام والإمبراطورية الرومانية المتعاهدة والمتحالفة معهم أيضاً، وراحوا يرسلون شررهم وشرورهم باتجاه المدينة المنورة والمسلمين ويهددونهم ويتوعدونهم بالحرب الشاملة والاستئصال.

ولكن رسول الله، صلى الله عليه وآله، عندما أجرى (صلح الحديبية) وفتحها وقفل راجعاً إلى المدينة المنورة نزل عليه ملاك الوحي جبرائيل وأمره أن يتوجه إلى حصون خيبر السبعة ليفتحها، فكانت الفرحة الكبرى لأهل الإيمان وبالفعل حاصرها رسول الله، والمسلمون معه وراحوا يفتحون حصناً بعد الآخر ولكن كلها مغلقة ومرتجة أمام الآخرين ولا يكون الفتح والنصر العظيم إلا بيد فتى الإسلام، وبطل الدِّين العظيم، أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب، عليه السلام، الذي هو كرار غير فرار، فيكون البطل الذي يذهب ولا يرجع إلا بأكاليل الغار والنصر ترفرف فوق هامته الشريفة العالية، لا سيما عندما برز ذلك المغرور مرحب وأخاه وولده وكان فارسهم الذي يفتخرون به، الذي طارد جيش المسلمين الذي أرسله رسول الله، بقيادة رجال قريش (فعادوا يجبِّنون أصحابهم ويجبنونهم)، ولكن الرسول القائد، غضب وقال: “لأعطين الراية غداً رجلاً يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله، كراراً غير فرار يفتح الله على يديه”، وهكذا فتح أمير المؤمنين تلك الحصون بعد أن قتل مرحباً وأخاه وولده واستسلمت اليهود جميها له.

  • عبرة خيبر المعاصرة       

والقدس اليوم هي خيبر العصر الحديث وإنها لن يفتحها مَنْ وضع يده بيد الصهاينة والأعداء أبداً ولو كانوا من أقوى دول الأرض، لأن (مَنْ عبد الصَّنم لا يحطم الأصنام) ومَنْ غدر وخان الأمة فإنه لن يستطيع أن يطهِّر المقدَّس لأنه مدنَّس ولا يُطهِّر إلا الطاهر وهذا ما ينطبق على قدسنا الآن فهؤلاء الذي طبَّعوا، وخانوا، وتهوَّدوا وتصهينوا فإنهم لن يفعلوا شيأ للقدس بل هم جزء من المشكلة ولن يكونوا جزأ من الحل.

والأمة إذا أرادت تحرير نفسها وقدسها الشريف ومقدساتها يجب أن تعتمد على رجال أمير المؤمنين الإمام علي، عليه السلام، الطاهري اليد، والجيب من النجاسة والعيب، فهم كأميرهم كرارون غير فرارين، وغيرهم كأسياده فراروان غير كرارين.

عن المؤلف

الحسين أحمد كريمو

اترك تعليقا