ثقافة رسالية

الإسلام دين وحضارة

بالنظر الى البرامج المختلفة التي تقوم عليها كل المؤسسات المعاصرة قائمة على أُسس ثابتة ومن هذه الأسس هي الأسس الفلسفية، على اعتبار ان لكل فلسفة من الفلسفات التي تتبناها أو تقوم عليها هذه البرامج لها مبادئ تؤخذ بنظر الاعتبار عند تقديمها أو تطبيقها على واقع معين، ومن ذلك اختلفت الرؤى باختلاف المراحل التاريخية الى الكيفية التي يتحقق منها هدف التكامل الذي يضمن للمجتمعات تقدمها فضلا عن سعادتها لتعيش ضمن المجال ألتنظيري لتلك الفلسفة، فظهرت فلسفات كثيرة قد أخذت حيزها في مجال التاريخ البشري، فاصطبغ على أساسها واقع تلك المجتمعات.

 وهذا ما يعانيه مجتمع اليوم من معانات مختلفة يكشفها الاضطرابات المختلفة التي تحصل هنا وهناك، والناتجة عن أسباب معروفة وواضحة لا نريد الإسهاب في ذكرها على رأسها فقدان الأمن المجتمعي الذي سببه انعدام قيمة الإنسان بين أبناء جنسه، على اعتبار ان الفلسفة التي تقوم عليها معظم مجتمعات اليوم هي الفلسفة البراغماتية أو الفلسفة المادية، كما يصطلح عليها اليوم والتي أساسها المنفعة المتبادلة بين الأطراف وغياب الجانب النفعي المادي بينهما يغيب تلك العلاقة او يقطعها.

⭐ بالمقارنة مع ما قدمه الإسلام من مبادئ تمثلت بالآيات القرآنية المختلفة والأحاديث النبوية الشريفة والأقوال الصادرة عن أهل البيت، عليهم السلام، نجد ان الفلسفة الإسلامية هي فلسفة مبادئها تصب باتجاه توحد المجتمعات وتعاونها

 وهذا ما نتج عنه اليوم من مشكلات كثيرة على رأسها الصراع العالمي الذي يقوم على مبدأ القوة أو الحيلة من اجل أثبات الوجود، الأمر الذي أدى الى فقدان الثقة بين المجتمعات، او اللجوء الى طرق غير سليمة للتسابق والفوز بما يعضد تلك المجتمعات امام الأخرى عند ذلك طغى الجانب المادي التكنولوجي فضاع الإنسان أمام هذه الطغيان الذي سببه الاعتماد على رؤى تلك الفلسفات الوضعية.

 وبالمقارنة مع ما قدمه الإسلام من مبادئ تمثلت بالآيات القرآنية المختلفة والأحاديث النبوية الشريفة والأقوال الصادرة عن أهل البيت، عليهم السلام، نجد ان الفلسفة الإسلامية هي فلسفة مبادئها تصب باتجاه توحد المجتمعات وتعاونها وبشكل أكثر تفصيل؛؛ فلا يضيع فيها إنسان مهما كانت هويته وطبقته وعرقه، لأنها فلسفة قائمة على مبدأ التعاو: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإثْمِ وَالْعُدْوَانِ}، وكذلك: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا  إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أتقاكم}، أما الأكرم والأعز و الاشرف فهو الأكثر تقوى وهذا ما لا يعرفه إلا الله ـ سبحانه ـ وبذلك يجعلنا امام واقع احترام كل الإفراد والتوقع بأنهم الأكثر تقوى والأقرب الى الله، وأيضا مما جاء على لسان نبينا الكريم محمد، صلى الله عليه واله: “لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه”. وكذلك مما جاء في وصية الإمام علي، عليه السلام، لواليه على مصر مالك الاشتر ( الناس): “صنفان أما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق”، وكثير من نصوص التراث الفكري الإسلامي ما قد يضيق المقام بنا ذكره.

⭐ الإسلام فلسفته ليست قائمة على مبدأ الاستغلال بل قائمة على التعارف والتعاون والشعور بالمسؤولية اتجاه الآخرين كون الهدف الأسمى هو رضى الله ـ سبحانه

الإسلام فلسفته ليست قائمة على مبدأ الاستغلال بل قائمة على التعارف والتعاون والشعور بالمسؤولية اتجاه الآخرين كون الهدف الأسمى هو رضى الله ـ سبحانه ـ،  ومادون ذلك وسائل تخدم الإنسان ليصل الى ذلك الهدف وبذلك الإنسان يكون محورا وذا قيمة في هذه الفلسفة العظيمة {لقد كرمنا بني أدم} فلسفة الدين الإسلامي التي أكدت مبدأ الوحدة والتوحد للسير في طريق رضا الله سبحانه وهو طريق الرضا والسعادة والاطمئنان.

  • المصادر:
  1. نهج البلاغة، عبده ، محمد، دار القارئ للطباعة والنشر والتوزيع، ط3، 2012.
  2. العالم يبحث عن الخلاص، هادي المدرسي، دار البيان العربي، بيروت لبنان، 1988.

عن المؤلف

م.م حسين رشك خضير/ كلية التربية الأساسية/ جامعة ميسان

اترك تعليقا