ثقافة رسالية

تعاليم أهل البيت في بناء الشخصية الكاملة

لا كمال إلا لله عز وجل، لكن لابدّ من السعي للتكامل في هذه الحياة، وهذا السعي يجب أن يكون وفق تعاليم النبي الأكرم، صلى الله عليه وآله، وأهل بيته، عليهم السلام، فهنالك مجموعة من التعاليم التي إن التزم بها الفرد تكاملت شخصيته في هذه الحياة، ومن ثمّ يستطيع ـ بالاعتماد عليها ـ تحقيق أهدافه، وانجاز  الكثير في هذه الدنيا، وفيما يلي مجموعة من تلك التعاليم:

  • أولا: الالتزام بالصدق:

 وهو في ثلاث:

  • الصدق مع الله.
  • الصدق معه النفس.
  • الصدق مع الناس.

فمن يكون صادقا في هذه الابعاد تكون شخصيته متماسكة من الداخل، ذلك ام من يحترم نفسه تحترمه الناس، وفي العادة فإن الكذاب يخون في الدرجة الاولى نفسه، ومن ثم يخون الله والناس، بينما الصادق يكون أمينا في نفسه، ولذلك لا يكذب على ربه، أو على عباده.

يقول رسول الله، صلى الله  عليه وآله: “عليكم بالصدق فإنه من البر وإنه في الجنة”.

ويروى ان رجلا أتى رسول الله، صلى الله عليه وآله، فقال: يا رسول الله علمني خلقا يجمع لي خير الدنيا والآخرة.

فقال رسول الله: لا تكذب.

فقال الرجل: فكنت على حالة يكرهها الله، فتركتها خوفا من أن يسألني سائل عملت كذا وكذا فافتضح، أو اكذب فأكون قد خالفت رسول الله فيما حملني عليه”.

  • ثانيا: الإحسان:

فمن أراد ان يكسب الآخرين فلابد أن يُحسن اليهم، يقول أمير المؤمنين، عليه السلام: “أحسن الى من شئت تكن أميره”، ومن هنا فإن “عنوان النبل الاحسان الى الناس”، كما قال عليه السلام في موضع آخر.

  • ثالثا: الاهتمام بالأمر الدائم:

المطلوب ان تهتم بما يدوم، وليس بالموقت، فنعمل لما يبقى، فإذا دار الامر بين ان ننجز عملا بلا اتقان، ومن ثم يكون مؤقتا، وبين ان تقوم بعمل يبقى، فإن الامر الثاني هو المقدّم.

⭐ من أراد ان يكسب الآخرين فلابد أن يُحسن اليهم، يقول أمير المؤمنين، عليه السلام: “أحسن الى من شئت تكن أميره”

لنفترض مثلاً أنك تريد ان تؤلف كتابا، فباسطاعتك ان تبحث وتحقق وتجمع المعلومات اللازمة، وتبدع في بعض ما تكتب، حتى يبقى كتابك مفيدا لفترة طويلة من الزمن، وباسطاعتك ان تلصق كلمة من هنا، وكلمة من هناك، وتدفع الكتاب الى المطبعة، ومثل هذا النوع من الكتب لا يدوم، بينما الكتاب الذي يهتم بهم المؤلف فهو يدوم، هذا في المجال الثقافي، وكذلك فيما يرتبط بالمجال الصناعي، والعملي، والاقتصادي، وما شابه ذلك، فالاهتمام بما يدوم من صفات الشخصية المتكاملة، يقول أمير المؤمنين، عليه السلام: قليل يدوم خير من كثير منقطع”.

  • رابعا: حسن المعاملة مع الناس:

هناك من لا يتلزم بحسن المعاملة مع غيره، بينما حسن المعاملة من الضروريات لبناء الشخصية المتكاملة، يقول أمير المؤمنين، لابنه الحسن، عليهما السلام: “يا بني اجعل نفسك ميزانا فيما بينك وبين غيرك فأحبب لغيرك ما تحب لنفسك، واكره له ما تكره لها، ولا تظلم كما لا تحب أن تُظلم واحسن كما تحب ان يُحسن إليك”.

  • خامسا: الالتزام بالقيم الفاضلة:

سواءً في التعامل مع الافراد، او مع العائلة، او الزملاء، او عامة الناس، او حتى مع الجمادات، والنباتات، فهنالك من الناس يكون سيء الخلق مع الطبيعة؛ كالحيوانات، والاشجار، والمياه، فهو يسرف في هذه الامور او يظلم غيره فيها، وبعضهم لا يُحسن التعامل مع عائلته، او مع جيرانه، او مع زملائه.

⭐ لكي تكون متكاملا فإن عليك أن تطور عملك، وأن تتسابق مع نفسك في تحسين إنتاجك، وتطوير ذاتك

إن الشخصية المتكاملة لابد أن تكون ملتزمة بالأخلاق، فإن الاخلاق تجعل الفرد يعيش سعيدا في هذه الحياة، ومن لا يشعر بالسعادة في داخله لا يستطيع أن يُسعد غيره.

يقول الإمام الصادق، عليه السلام: “من ساء خلق عذّب نفسه، ويقول أمير المؤمنين، عليه السلام: “بحسن الأخلاق يطيب العيش”.

  • سادسا: الحيوية والنشاط:

 الشخصية المتكاملة تكون في العادة نشطة، ولا تكون كسولة، يقول الإمام الصادق، عليه السلام: “إياك والكسل والضجر فإنهما مفتاح كل سوء إنه من كسل لم يؤدِ حقأ ومن ضجر لم يصبر على حق”، ولذلك نرى أن اصحاب النفوس العظيمة والشخصيات القوية هم ممن يتحلون دوما بالنشاط، ويهربون من الكسل والخمول.

  • سابعا: التطوير الدائم:

لكي تكون متكاملا فإن عليك أن تطور عملك، وأن تتسابق مع نفسك في تحسين إنتاجك، وتطوير ذاتك، يقول الإمام الصادق، عليه السلام: “من استوى يوماه فهو مغبون، ومن كان آخر يومه شرهما فهو ملعون، ومن لم يعرف الزيادة في نفسه كان الى النقصان اقرب ومن كان الى النقصان اقرب فالموت خير له من الحياة”. ولا عيب في التغيير، والتبديل إذا رأيت أنك لا تصل الى النتائج التي ترجوها، أو أنك في طريق مسدود ولابدّ من التراجع بدل التقدم، يقول الإمام جعفر الصادق، عليه السلام: “إذا نظر الرجل في تجارة لم يرَ فيها شيئا فليتحول الى غيرها”.

عن المؤلف

آية الله السيد هادي المدرسي

اترك تعليقا