مناسبات

فلسفة الانتظار الايجابي

“الفائز الثالث بالمسابقة للكتابة حول الإمام المهدي”

 ان ظهور الإمام المهدي، عجل الله  ـ تعالى ـ فرجه، امر لابد منه وقد ورد في كيفية خروجه روايات عديدة، روى النعماني رحمه الله في الغيبة بسنده عن ابن أبي بصيرقال: قال: ابو عبد الله، الإمام الصادق، عليه السلام: ” لا يخرج القائم، عجل الله  ـ تعالى ـ فرجه،  حتى يكون تكملة الحلقة، قلتُ وكم تكملة الحلقة، قال عشرة آلاف جبرييل، عن يمينه، و ميكائيل عن يساره، ثم يهز الراية و يسير فلا يبقى احد في المشرق ولا في المغرب إلا لعنها، وهي راية رسول الله، صلى الله عليه وآله،  نزل بها جبرييل يوم بدر، ثم لفها ودفعها الإمام علي، عليه السلام، فلم تزل عنده حتى إذا كان يوم الجمل في البصرة نشرها أمير المؤمنين، عليه السلام، ففتح ألله عليه، ثم لفها وهي عندنا هناك لاينشرها احد حتى يقوم القائم، عجل الله ـ تعالى ـ فرجه”.

  •  مفهوم الانتظار وفلسفته

 انتظار الفرج اصل الأعمال وأهم وظيفة للمؤمن في عصر  الغيبة الكبرى، عن ابن ابي بصير ومحمد بن مسلمة، عن الامام الصادق، عليه السلام، عن ابيه عن أمير المؤمنين، عليه السلام قال: “المنتظر لأمرنا كالمتشحط بدمه في سبيل الله”.

⭐ الانتظار الايجابي يعني ان نعد أنفسنا لنصرة الإمام، عجل الله  ـ تعالى ـ فرجه، وهذا يتم بالتفقه في أمور الدين وتعلم مسائل العقيدة ومعرفة الحلال والحرام

الانتظار الايجابي يعني ان نعد أنفسنا لنصرة الإمام، عجل الله  ـ تعالى ـ فرجه، وهذا يتم بالتفقه في أمور الدين وتعلم مسائل العقيدة ومعرفة الحلال والحرام، وقد ورد عن الامام الصادق، عليه السلام: “لوددت ان اصحابي ضربت رؤوسهم  السياط حتى يتفقهوا بالدين”، اذن علينا أن ننتظر الإمام الحجة عج بإعداد أنفسنا لنصرته بأن نتفقه في الدين، ندرس العقايد والأحكام من العلوم الدينية.

  • معنى الانتظار الحقيقي.. ومَن هم المنتظرون

لكي نعرف معنى الانتظار الحقيقي ومَن هم المنتظرون  حتى تتشكل لنا ثقافة اجتماعية في مجتمعاتنا المؤمنة المؤمنة تعرف بثقافة الانتظار في القرآن الكريم، الكثير من الآيات التي لم يعرف العلماء والمفسرون معناها منذ أربعة عشر قرنا لأنها تتحدث عن عمق الزمن الاتي، وهم يبحثون عنها في بطن الزمن الماضي، كقوله ـ تعالى ـ: {وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمْ الْوَارِثِينَ (5) وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَنُرِي فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ}، وكل من حاول أن يفسر هذه الآية الكريمة لم يفلح إلا إذا كان لديه ثقافة مهدوية حقيقية.

 علينا أن نكون ممن ينتظر الإمام المصلح الإمام المهدي المنتظر، عجل الله  ـ تعالى ـ فرجه، بإيجابية بحيث نسعى لنكون من جنده وأصحابه والقادة في دولته في آخر الزمان، وهي دولة العدل المنتَظَرة، لا ان نكون سلبيين في انتظرنا، كما قال بنو إسرائيل لنبيهم موسى، عليه السلام:  {فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ}. (سورة المائدة/ الآية: ٢٤)، او نصاب باليأس من ظهوره، والعياذ بالله، لاسيما في هذا العصرالذي كثرت فيه الفتن  وكثر فيه الدجالون.

  •  واجبات المنتظِر في عصر الغيبة الكبرى

 على الجميع ان يبعث الشوق للإمام الحجة، عجل الله  ـ تعالى ـ فرجه، في نفوس المومنين، فإذا فقد اليوم أحدنا عزيزاً يحترق ألما افقده، فما بالنا لانتألم  كثيراً، بفقد إمام هو واسطة الفيض الإلهي وقطب رحى الكون، فلنحترق شوقا وألما بفقده، عجل الله  ـ تعالى ـ فرجه، كما كان الإمام الصادق، عليه السلام، يتألم لذلك قبل ولادة الإمام المهدي، عجل الله  ـ تعالى ـ فرجه، واجبات المنتَظِر كثيرة نذكر منها على نحو الإجمال:

 أولا: علينا العمل بالواجبات وترك المحرمات، وذلك لأن الإمام المهدي، عجل الله  ـ تعالى ـ فرجه، هوكتاب الله الناطق، وكتاب الله يهدي إلى التقوى، وعلى المؤمن المنتظِر أن يتقي الله ويحاسب نفسه ويأمر بالمعروف وينهي عن المنكر.

 ثانيا: المواظبة على قراءة الأدعية  كدعاء الندبة ودعاء العهد، لأنها تبعث الشوق والحنين في القلوب، إذ نقرأ في دعاء الندبة: “عزيز علي ان أجاب دونك واناغى، هل اليك يابن احمد سبيل فتلقى، هل يتصل يومنا منك بعدة فنحظى متى ترانا ونراك”.

 ثالثا: احياء الشعائر وإقامة المأتم لأهل البيت، عليهم السلام، لاسيما مأتم سيد الشهداء، وهذا ما وردت الإشارة اليه في الناحية المقدسة: “فلاندبنك صباحا ومساءً، ولابكين عليك بدل الدموع دما”، وذكر مصيبة جدته الزهراء، عليها السلام، وعلى المنتَظِر المؤمن ان يشارك إمامه في ذكر ظلامتها.

رابعا: الوفاء بالعهد للأئمة عليهم السلام بشكل عام، وللإمام المهدي، عجل الله  ـ تعالى ـ فرجه، بشكل خاص، م نخلال ذكر مقاماتهم ، وإظهار البراءة من أعدائهم.

 اذن ينبغي للمؤمن المنتظر ان لا ينسَ الإمام وإن يذكره دائماً، وان يزوره ويعمق ارتباطه به، عجل الله  ـ تعالى ـ فرجه، وان يلجأ اليه في طلب الحواىج منه، والاستغاثة به، فهو، عجل الله  ـ تعالى ـ فرجه، مكلف من قبل الله ـ سبحانه وتعالى ـ برعاية امر خلقه، فقد ورد في الزيارة الجامعة الكبيرة: “ياولي الله أن بيني وبين الله ـعز وجل ذنوبا لا يأتي عليها إلا رضاكم”

خامسا: التأكيد على معرفة علامات الظهور، والوقوف بوجه ادعياء المهدوية، فالذي يدعي انه سفير الإمام او جند السماء او غيرها من الادعاءات  الواهية فهو كاذب مفتري، وأتباعه همج رعاع يتبعون كل ناعق.

⭐ علينا العمل بالواجبات وترك المحرمات، وذلك لأن الإمام المهدي، عجل الله  ـ تعالى ـ فرجه، هوكتاب الله الناطق، وكتاب الله يهدي إلى التقوى، وعلى المؤمن المنتظِر أن يتقي الله ويحاسب نفسه ويأمر بالمعروف وينهي عن المنكر

 وها نحن نعيش في ظل الغيبة الكبرى وننتظر صاحب الطلة البهية، والغرة المحمدية، ونلمس تلك البركات والخيرات التي ظهرت، ونتلمس الآثار الايجابية لتلك المدرسة التي رعاها والده الإمام الحسن العسكري، عليه السلام، وعززها في تعليمه ووصاياه والتي تتمثل في التزام الشيعة واتباع اهل البيت، عليهم السلام.

  • ارتباط الشيعة بالقيادة المرجعية الدينية

شكلت عقيدة الإمام المهدي، عجل الله فرجه الشريف، المنتظر مساحة كبيرة عند الامامية، نظرا لارتباطها بفكرة الإمامة المقدسة عند الشيعة، واحتل الإمام المهدي المنتظر، عجل الله فرجه الشريف، عند الأمامية منعطفا هاما وتحولا فيما يتعلق بالإمامة، وبما انه الإمام الثاني عشر والأخير من مجموع الائمة الأطهار الغائب منذ اكثر من ألف ومئة سنة تقريبا، وحسب المعتقد الشيعي فإن عودة الإمام المهدي المنتظر، عجل الله فرجه الشريف، ترافقها جملة من الاحداث والتطورات العالمية.

  • الغيبة الكبرى والاتصال بالامة

  بدأت الغيبة الكبرى بعد وفاة السفير الرابع علي بن محمد السمري سنة ٣٢٨هجرية، والاتصال بالأمة  فيكون بواسطة الفقهاء العارفين باحكام اهل البيت، عليه السلام، فقد خرج توقيع للإمام المهدي، عجل الله فرجه الشريف: “وأما الحوادث الواقعة ارجعوا فيها إلى رواة حديثنا فإنهم حجتي عليكم وأنا حجة الله تعالى عليكم”،  وتقلد الفقهاء منصب ما يعرف بالمرجعية والنيابةالعامة عن الإمام المهدي، محمد بن الحسن، عجل الله فرجه الشريف، في زمن الغيبة الكبرى وحتى ظهوره.

ان فكرة إرجاع الأمة إلى الفقهاء العدول هو في الحقيقة ضرورة، لأن الأجيال المسلمة تحتاج باستمرار الى القائد الحكيم والموجه المرشد والمفكر الديني، ليوضح لهم اسلامهم ويوجههم في سلوكهم إلى نشر العدل والصلاح ورضا الله ـ سبحانه تعالى ـ.

 كان الإمام الحسن العسكري، عليه السلام، يهيئ الأمة لعصر الغيبة الكبرى، وهو الذي قطع للأمة بوجوب الرجوع للفقهاء العدول وتقليدهم وأخذ معالم دينهم عنهم عنهم ما جاء عنه، عليه السلام:  “فأما من كان من الفقهاء صاينا لنفسه حافظاً لدينه مخالفا لهواه مطيعا لامرمولاه فللعوام أن يقلدوه”، وأما النيابة العامة فهي المنصب الذي يحتله اليوم فقهاونا ومراجعنا العظام، وذكر لنا الإمام الحسن العسكري، عليه السلام، الأوصاف الكاملة لمن يتسلم هذا المنصب، وكذلك ارجع الإمام المهدي، عجل الله فرجه الشريف، الناس في الغيبة الكبرى إلى الفقهاء بقوله: “وأما  الحوادث الواقعة ارجعوا فيه إلى رواة حديثنا فإنهم حجتي عليكم وانا حجة الله عليهم”.

⭐ ان فكرة إرجاع الأمة إلى الفقهاء العدول هو في الحقيقة ضرورة، لأن الأجيال المسلمة تحتاج باستمرار الى القائد الحكيم والموجه المرشد والمفكر الديني

 من واجبنا الشرعي جميعا أن نتعرف على الصفات التي شخصها لنا الإمام، عجل الله فرجه الشريف، وقال بأنها لابد أن تتوفر  في المرجع الديني، قال الإمام الصادق ع في مورد الاختلاف بين الفقهاء: “خذ بقول اعدلهما عندك واوثقهما في نفسك”، أئمة اهل البيت، عليهم السلام، في صفة النيابة العامة  لم يعينوا الأسماء كما في النيابة الخاصة، ولكن عينوا الأوصاف، ولهذا تعد الحوزة العلمية بما تحمل من خبرة صمام الأمان للمذهب، فنظام المرجعية الذي أسسه أئمتنا اهل البيت، عليهم السلام، نظام عظيم، ومن معاجز الائمة، عليهم السلام.

اخيرا؛ يمكن القول ان المسؤولية تقتضي على الجميع لاسيما المجاميع الثقافية والفكرية التربوية؛ من المراكز العلمية خصوصا المدارس والجامعات، أن تضع يدها في يد المرجعية العليا الحوزة العلمية المباركة للتتكامل الحلقة وهذا لن يكون إلا بالتخطيط والتنسيق المشترك بين كل تلك الفعاليات والمراكز المؤثرة في الحياة الاجتماعية، وفي المثل عندنا، يد واحدة لاتصفق، إلا حين تلتقي الكفان الحوزوية الروحية، الجامعية العلمية، ليشكلوا ثقافة الانتظار لذلك الإمام العادل الذي ينتظره العالم ليصلح شوونهم التي افسدتها أيادي الاستكبار العالمي.

الإمام المهدي، عجل الله فرجه الشريف، اذا خرج كان له نداء عند البيت الحرام: “الا ياأهل العالم انا الإمام القائم الأيا اهل العالم ان جدي الإمام الحسين، عليه السلام، قتلوه عطشانا ألا يا أهل العالم ان جدي الحسين طرحوه عريانا”. والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله وأهل بيته الطيبين الطاهرين، وعجل فرجهم يا كريم.

عن المؤلف

أ.د سادسة حلاوي حمود ــ جامعة واسط ــ قسم تاريخ الأندلس والمغرب

اترك تعليقا