تربیة و تعلیم

مدارسنا بين التخطيط والواقع

لا يخفى علينا جميعا دور التخطيط في نجاح أي مهمة نريد القيام بها لاسيما مهمة التعليم التي تتطلب الانتقال بها عبر مراحل مختلفة تتعلق بمستويات المتعلمين العمرية و الإمكانيات الجسدية التي تتسم بها شخصياتهم، وهذا ما يضع التخطيط المدرسي في أعلى قائمة الهرم من حيث الاهتمام والبدء  بخطوة ناجحة اتجاه ذلك، وبالنظر الى متابعة الإدارة الفعالة للمدرسة نجدها تنظر الى العملية التعليمية نظرة عملية شاملة وعميقة، وهذا يعني أنها تأخذ بالتخطيط أسلوباً ووسيلة ضرورية لتحقيق أهداف المدرسة، وكلما كان التخطيط أدق كلما انعكس ذلك على التلميذ المستهدف من العملية وجاءت النتائج أفضل.

لعل أهم ما ينطلق عنه التخطيط المدرسي الناجح هو الإجابة عن التساؤلات التالية: ما هو واقع المدرسة الحالي؟ من حيث الإمكانات والتلامذة والأساتذة والأولياء والتجهيزات والوسائل والمناهج والبيئة الاجتماعية والقانونية وأمثال ذلك؟

أما التساؤل التالي: ما الذي تطمح المدرسة الوصول اليه وما هي الأهداف التي تريد أن تحققها ؟

أما التساؤل الأخير كيف يمكن لأي مدرسة أن تحقق أهدافها في ضوء الواقع والإمكانات المتاحة والبيئة المحيطة؟

وبالنظر الى تلكم الأسئلة نجد الإجابة عنها بشكل دقيق يشكل التكوين الواضح الذي يمثل الخطة التي يجب على إدارة كل مدرسة وضعها لاستقبال عام دراسي جديد منتج وهادف.

📌 مع التسليم والرضوخ لأمر الواقع يجب ان نأخذ موقف حقيقي اتجاه واقع مدارسنا الفقير وأن نسنَّ قوانين تتكفل بالاهتمام بالتعليم خارج دائرة الأمور السياسية الأخرى

وهذا ما يجعلنا نقف امام مشكلة حقيقة تتعلق بواقع مدارسنا من حيث توفر ما يمكن الإجابة به عن تلك التساؤلات من حيث البنية المدرسية المتهالكة والقليلة أمام حجم الأعداد التي تمثل طلبتنا، فضلا عن قلة الإمكانات المادية الأخرى من وسائل وكتب مدرسية تشكل أساسا للتعليم في صفوفها، فضلا عن الاهتمامات الأخرى التي تتعلق بشخصية المعلم والمتعلم التي لا نريد الإسهاب في ذكرها والتي أكدت عليها معظم الدراسات التي تهتم بمجال تطوير التعلم والتعليم.

وواقع ما نحن عليه يجعل ما تطمح إليه مدارسنا هو ليس تحقيق هدف حقيقي له غايات كبرى بقدر ما هو إسقاط فرض وأداء واجب لابد منه، لأن العملية التعليمة عملية متكاملة ويتوقف فيها كل عنصر من عناصرها على العناصر الأخرى فالأهداف التي تسعى إليها أهداف معرفية فقط أي تكتفي بنقل المعرفة بمستواها البسيط الى ذهن المتعلم غير المهيأ كما أسلفنا.

ولعل البعض يقول: ان نقدم شيء أفضل مما لا نقدم أطلاقا وعلينا أن نسلم الى الواقع الذي نحن فيه ونجري بالممكن الذي نمتلكه! ومثل هكذا طرح واقعا هو المشاركة في قتل التعلم والتعليم من حيث نشعر أو لا نشعر، لان العملية التعليمة عملية ليست عشوائية، فضلا عن أنها مواكبة لأحداث وتطورات العصر التي تؤثر بطرقها غير المباشر على شخصية المتعلم.

 مع التسليم بذلك والرضوخ لأمر الواقع يجب ان نأخذ موقف حقيقي اتجاه واقع مدارسنا الفقير وأن نسنَّ قوانين تتكفل بالاهتمام بالتعليم خارج دائرة الأمور السياسية الأخرى التي تمشي شؤون المجتمع من حيث التخصيص الكافي لوضع حل أمام كل ما يشكل أزمة أمام التعليم في عراقنا الحبيب من حيث توفر المناهج التي يعاني من نقصانها في مدارسنا، أو من حيث توفر والقرطاسية التي تتكفل بإعانة متعلمينا على واقعهم المدرسي، فضلا عن السير الحثيث في وضع البنى التي تستوعب طلبتنا وتهيئتها بما هو ممكن والأساسي والذي يظهر قيمة وأهمية المدرسة ودورها في صناعة جيل المستقبل.

المسؤولية لا تقع على طرف بقدر ما تقع على الجميع من حيث التهيؤ والتعامل الجدي والانتفاض على واقع يقع في مقدمة ما يجب ان نهتم به قبل كل شيء والذي يُعد من المبادئ الأولى والمقدمة عن كل مبادئ حياة الإنسان على الأرض وهو ما أكده إمامنا علي ابن أبي طالب، عليه السلام: “ما لي أرى الناس إذا قرب إليهم الطعام ليلا تكلفوا إنارة المصابيح، ليبصروا ما يدخلون بطونهم، ولا يهتمون بغذاء النفس، بأن ينيروا مصابيح ألبابهم بالعلم، ليسلموا من لواحق الجهالة والذنوب، في اعتقاداتهم وأعمالهم”.

المصادر:

  1. الشاهرودي، الشيخ عبي النمازي، مستدرك سفينة البحار ، ج ٦  ،ص ٥٣٧.
  2. العاملي، مصطفى قصير، التربية الإسلامية بين الأسس الإيمانية والبناء العلمي، دار البلاغة ، بيروت- لبنان ،2014.

عن المؤلف

م.م حسين رشك خضير/ كلية التربية الأساسية/ جامعة ميسان

اترك تعليقا