تربیة و تعلیم

دورنا في تأصيل الثقافة الإسلامية وتحصين الأمة

بالنظر الى طبيعة المجتمعات نجد أنها تختلف من مجتمع الى أخر، وهذا يرجع الى نوع الثقافة التي تمثلها، والتي هي انعكاس عن نوع الفكر الذي تحمله، وهذا لا يعني ان ليس لتلك  المجتمعات أو الشعوب مشتركات قد تشترك بها كالأخلاق والمبادئ والقيم التي تقر بها بحسب ما يمثل رؤيتها ومنهجها، إلا انه يبقى التمييز بين تلك المجتمعات راجع الى نمط وخصائص الفكر الذي تحمله، ومثالا على ذلك هو ما نجده في مجتمعنا الإسلامي الذي له طابعه الخاص عن غيره من المجتمعات ذات الطابع غير الإسلامي وشواهد ذلك كثيرة، إلا أننا قد نكتفي بذكر ما يجعل معنى ذلك واضحا.

📌إن الناظر الى مجتمعنا يجده مجتمعا محافظا في كثير من الأمور التي قد تكون مباحة عند غيره من المجتمعات

 إن الناظر الى مجتمعنا يجده مجتمعا محافظا في كثير من الأمور التي قد تكون مباحة عند غيره من المجتمعات، كذلك بقية المجتمعات نسبة الى مجتمعنا الإسلامي، وهذا الاختلاف يكون على مستوى فئات كالقبائل التي قد تختلف عن بعضها بنوع وطابع الثقافة التي تحملها، أو المكان التي قد يختلف فيه من شعب الى آخر، وهنا لا نريد ان نتكلم عن فلسفة اختلاف المجتمعات التي تعتبر واضحة بالنسبة إلينا والتي قد بينها القرآن الكريم في قوله ـ تعالى ـ: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ}.

 إلا أننا نريد ان نؤكد على أن اختلاف المجتمعات فيما بينها هو الذي قد يشكل شخصيتها المجتمعية، واستسلام مجتمع أمام ثقافات معارضة قد يفقده تلك الشخصية التي تمثل هوية وجوده، ومن هنا لابد ان نلتفت الى مجتمعنا الإسلامي الذي يظهر عليه أعراض مرض التعرض للثقافات الأخرى، والتي لا تنسجم وطبيعة فكرنا وديننا الإسلامي، وهذا يرجع بطبيعة الحال الى مدى إيماننا بفكرنا وقوتنا، ولأجل ذلك لابد أن نعمل معا ومن منطلق المسؤولية: “كلك راع وكلم مسؤول عن رعيته”، على توعية المجتمع وتفعيل دورنا الجمعي في أحيا هذا التراث الفكري الإلهي الحق في قلوب إفراد المجتمع.

 ويكون ذلك من خلال الأساليب المباشرة المتمثلة بالنصح والإرشاد على مستوى الإفراد، أو من خلال خطاب المنبر الحسيني، أو منبر الصلوات الإسلامية المعروفة كصلاة الجمعة وغيرها مما يمكن من خلاله أحياء هذا التراث الفكري وغرسه في قلوب أفراد المجتمع بطرق محببة وأساليب حديثه متنوعة يلزم القائم بذلك الاطلاع عليها والأخذ بما هو مفيد منها، فضلا عن أمور أخرى تربوية تعليمية يمكن أن نأخذ دورنا من خلالها تفعيلها بإيصال المبادئ والقيم التي يسعى لها ديننا الإسلامي القيم منها:

  1. القصة: والقصة كما هو معروف تمثل أسلوبا ناجحا في غرسه القيم والعادات بطريقة سهلة وغير مباشرة وفي إيصال الكثير من المفاهيم وصور السيرة التاريخية، من خلال الصياغة الأدبية الجذابة  والجميلة ووضع الأهداف التربوية والمفاهيم الدينية والقيم، والعادات، الاجتماعية فيها بطريقة ذكية، فضلا عن الإخراج الفني الجميل والجذاب لاسيما ونحن نقرأ الصورة قبل أن تقع أعيننا على الكلمة .
  2. الكتاب المدرسي: أيضا يعتبر وسيلة في الخطاب الثقافي الإسلامي وأهميتها تكمن في كونها واقعا قائما لازال معتمدا حتى الآن ، لكن يجب ان يكون ناجحا من خلال تحريك المتعلم نحو التفكير والاستكشاف، والتحليل والاستنتاج، وإلا يكون اقرب الى الأسلوب القصصي منه الى ذلك.
  3. المسرح: أيضا يعتبر من الأساليب المؤثرة جدا في التوجيه والتعليم، لان المسرح يصنع واقعا ملموسا ويعالج إشكاليات معاشة بأسلوب محسوس عبر التمثيل فيمكن استخدامه كأسلوب في الخطاب الديني الثقافي الإسلامي.
  4. الألعاب الالكترونية: في زمن شيوع هكذا برامج والعاب الكترونية يحتاج أن نستثمر هكذا مجال في إيصال الخطاب الثقافي الإسلامي من خلال الألعاب والمسابقات الالكترونية، والتي يمكن إنتاجها بدون الكثير من التعقيد وتعتبر وسيلة شيقة تمزج بين التسلية المحببة للناشئة والتدريب على الملاحظة والاستكشاف والتفكير والاستنتاج.

وهنا لا يمكن إنكار المحاولات التي شهدناها لإدخال هكذا أساليب الى الساحة الإسلامية لكنها لازالت في بداية الطريق من حيث التنوع والجودة والانتشار، كمقارنة بما يملى الدنيا ويغرق أسواقنا من العاب الكترونية خطيرة تتمحور حول العنف، والقتل، والاحتيال وجمع المال والثروة وأمثال ذلك مما نحن بحاجه الى استبداله، أو غرسه بما يخدم تحقيق أهدافنا الإسلامية السامية.

📌 في زمن شيوع هكذا برامج والعاب الكترونية يحتاج أن نستثمر هكذا مجال في إيصال الخطاب الثقافي الإسلامي من خلال الألعاب والمسابقات الالكترونية

فمسؤولية تأصيل الثقافة الإسلامية وتحصين الأمة مما قد يشكل خطراً عليها هي مسؤولية الجميع من خلال التوظيف، والاستثمار، والاستخدام لمثل هكذا أساليب مباشرة وغير مباشرة كلا من موقعه بيت، مدرسة، مجتمع.


المصادر

العاملي، مصطفى قصير، التربية الإسلامية بين الأسس الإيمانية والبناء العملي، دار ألبلاغة، بيروت، لبنان، 2014.

عن المؤلف

م.م حسين رشك خضير/ كلية التربية الأساسية/ جامعة ميسان

اترك تعليقا