تربیة و تعلیم

أهمية القياس والتقويم في العملية التعليمة

يعد موضوع القياس والتقويم من الموضوعات الحيوية والأساسية التي لا يمكن ان يستغني عنه الطالب الجامعي والباحث والمعلم المسؤول في التربية أو في الجامعة والمسئول عن اتخاذ القرارات في الميادين التربوية والدارية والصناعية كافة، وتأتي أهمية موضوع القياس والتقويم في التربية من خلال بيان ما تم انجازه من الأهداف التربوية التي وضعها المجتمع، وهل يتناسب مع ما تم انجازه من الأهداف مع ما بذل من جهد ومال من اجل تحقيق تلك الأهداف، كما تتمثل أهميته في التأكيد على تعلم الطالب وتغيير سلوكه وقياس ذلك التعلم والتغير في السلوك بالاتجاه المرغوب.

يمكن أن يساعد التشخيص في معرفة مدى استعدادات الطلبة لتعلم الخبرات التعليمية الجديدة لتحديد نقطة البدء في البرنامج التعليمي

وبالنظر الى التطور التاريخي لعملية القياس والتقويم أذلا يمكن اعتبار عمليتا التقويم والقياس كفكرة جديدة في عالمنا المعاصر، بل هي قديمة بقدم البشرية نفسها حيث إن تولدت لحاجة الإنسان للمعرفة بحقائق الأمور التي تحيط به والحكم على العديد منها آنذاك واتخاذا القرارات التي تتصل بحياته وتعامله مع المحيط الكبير الذي يعيش فيه، فقد كانت بداياته على شكل أحكام شخصية بعيدة عن المعايير والأسس العلمية معتمدا على التنجيم وقراءة الكف، وبذلك يمكن إيجاز التطور التاريخي للتقويم والقياس على شكل مراحل وعلى النحو التالي:

  • المرحلة الأولى (معلم الحرفة):  لما ظهرت الحرف في المجتمعات البدائية القديمة أصبح )معلم الحرفة( يؤدي بعض أنشطة التقويم التربوي، فقد كان يحاول تقويم المتتلمذين على يديه وذلك بوضعهم في مواقف عملية تتطلب منهم أداء عمل مهاري معين ثم يصدر حكمه ويقرر الى اي مدى نجح الصبي في أداء ذلك العمل.
  • المرحلة الثانية (الكهنة): لما ظهرت الكتابة في العصور التاريخية المبكرة بدأت بوادر التعليم الرسمي على يد الكهنة على شكل نصائح دينية وإرشادات عامة وانجاز بعض العمليات الرياضية البسيطة، وتتم عملية التقويم أما شفويا أو أدائيا، وقد اعتمد على الأسئلة الشفوية والحكم الشخصي سائدا في معظم الحضارات القديمة كالسومرية والأشورية والمصرية والهندية وغيرها.
  • المرحلة الثالثة الاختبارات التحريرية : تعد التربية الصينية أول من استخدمت وسائل التقويم التحريرية اذ كانت تعقد للطلبة امتحانات تحريرية بمراحل ثلاث وعلى درجة كبيرة من الصعوبة .
  • المرحلة الرابعة (الحوارية): في المجتمع اليوناني القديم كان المعلمون الأوائل امثال سقراط وأفلاطون يستعملون وسائل تقويم لفظية حوارية كجزء من عملية التعلم، ويشير بعض الكتاب الى وجود دلائل على استخدام نو من التقويم التحريري للتحصيل المدرسي في المجتمعين اليوناني والروماني القديمين.
  • المرحلة الخامسة (الاختبارات التحصيلية): في المجتمع العربي القديم فقد عرفوا بعض التقويم ومارسوه في الندوات التي كانت تعقد في الأسواق كسوق عكاظ، فقد كان يتم تقويم النتاجات الفكرية المتمثلة بالشعر والنثر من خبراء متمرسين وبموجب معايير متفق عليها، وقد استعمل العرب الاختبارات التحصيليه على شكل امتحانات شفوية وتحريرية في الكتاتيب عندما يكمل الطفل مدة الدراسة.
  • المرحلة السادسة (حركة القياس العقلي):  مما تجدر الإشارة اليه هنا ما قام به الفريد بينيه الفرنسي من تطور حركة القياس العقلي ووضعه بالاشتراك مع زميله سيمون، أول اختبار للذكاء بالمعنى المعرف حاليا وذلك عام 1905 والذي كان له الأثر الكبير في تطور القياس والتقويم التربوي، اذ فتح الباب امام الباحثين لبناء أدوات القياس التي صممت للكشف عن جوانب الشخصية الإنسانية المختلفة ومنها التحصيل، ومنذ ذلك الحين انتشرت حركة القياس التربوي بزيادة ظهور الاختبارات التحصيليه المقننة واختبارات الذكاء والقدرات ومقاييس الشخصية واستخدامها في الميدان التربوي.

فالقياس عرف بأنه العملية التي يقدر بها أداء المتعلم لخصيصة معينة باستخدام أداة ملائمة أو مقياس مناسب ويعبر عنه بقيمة رقمية وهو على مستويات أو أنواع:                             

  1. القياس الاسمي: وهو أدنى مستويات القياس وأبسطها ويتم في هذا المستوى تسمية أو تصنيف أفراد المجموعة الى زمر أو فئات استنادا الى متغير أو سمة معينة تعتمد أساسا للتصنيف، فالطلاب مثلا يصنفون ذكور وإناث أو ناجحين وراسبين.
  2. المستوى الترتيبي: وهو مستوى أعلى من السابق يتيح ترتيب الإفراد أو الأشياء التي تشترك بخاصية معينة وفق تدرج معين يشير الى الفروق القائمة بينهم، كأن يرتب الأفراد حسب طول القامة أو وزن الجسم وما اشبه.
  3. المستوى الفئوي: وهذا المستوى أعلى من المستويين السابقين حيث يتيح تنظيم الفروق والتعبير عنها بوحدات متساوية، كما تحمل الأرقام فيه معنى كميا وتكون قابلة لعمليتي الجمع والطرح.
  4. مستوى النسبة: وهذا المستوى أعلى مستويات القياس ويتميز بوجود صفر حقيقي يشير الى انعدام السمة المقيسة ويحتفظ في الوقت نفسه بميزات المستوى الفئوي للقياس من حيث اعتماده على وحدات متساوية ومنتظمة ويمكن في هذا المستوى استخدام جميع العمليات الحسابية من جمع وطرح وضرب وقسمة.                      

وبشكل عام تظهر أهمية القياس للطالب والمعلم والباحث بما يلي:

  1. تصويب تعلم الطالب ومسيرته التعليمية .
  2. التعرف على جوانب القوة والضعف عند الطالب، أو في البرنامج التعليمي، أو طرائق التدريس .
  3. توجيه العملية التربوية .
  4. توجيه المعلم والمتعلم وولي الأمر إلى الأفضل والأمثل .
  5. التعرف على مدى استيعاب الطالب للمنهج الدراسي .
  6. القدرة على اتخاذ القرارات التربوية الصائبة .
  7. يقيس مدى تحقق الهدف المقصود في العملية التعليمية والتربوية وكذلك بالنسبة للباحث
  8. يساعد المعلم والباحث في تقويم أو أصدار حكم حول ما تم التوصل اليه من نتائج.
  9. يكون القياس مقدمة للتجريب في البحوث التجريبية التي تقيس من خلالها نتائج ما يتوصل اليه الباحث.

 هذابالنسبة للقياس في العملية التعليمية أما مفهوم التقويمهو إصدار حكم لغرض ما على قيمة الأفكار والإعمال والطرائق والمواد التعليمية وأنه يتضمن استخدام  المحكات والمستويات والمعايير لتقدير مدى كفاية الأشياء ودقتها وفعاليتها.

 ويكون التقويم كميا وكيفيا وقبل التطرق الى أنواع التقويم لابد من الوقوف على دور التقويم في العملية التعليمية، إذ تتعدد أدواره فله دور في أعداد المعلمين وأنشطتهم، وفي عملية بناء المناهج الدراسية، وفي التجارب الميدانية والتجديدية المتعلقة بتحسين عمليات التعليم والتعلم، وفي انتقاء أفضل الاستراتيجيات والتقنيات التربوية، وفي الحكم على استمرار برنامج تربوي معين أو تعديله أو إلغائه.

 كما ان له دور بالغ في الأهمية في متابعة التقدم الدراسي للطلاب وتحديد مستواهم التحصيلي وتوجيههم التوجيه التعليمي والمهني. فهو على مراحل أو انواع بحسب الهدف منه فهناك ما يسمى بـ:

  1. التقويم التمهيدي: وهو يتم قبل البدء في تطبيق البرنامج التعليمي أو المنهج، حتى تتوفر صورة كاملة عن الوضع القائم قبل التطبيق.
  2. التقويم التكويني: ويطلق عليه أيضا البنائي أو الشكلي أو المستمر وأحيان التطوري، ويلعب دوراً هاما في العملية التعليمية ويجري في فترات مختلفة في أثناء تطبيق المنهج أو البرنامج التعليمي.
  3. التقويم التشخيصي: يستخدم هذا النوع من التقويم في تحديد الطلاب الذين تتأثر سلوكياتهم أو تعلمهم سلبا بعوامل خارجة عن برنامج التدريس، ويشمل التقويم التشخيصي تحديد العوامل الجسمية والوجدانية والبيئية والنفسية خارج غرفة الصف.
  4. التقويم الختامي: ويعرف أيضا بالنهائي أو التجميعي، وهو ذلك النوع الذي يتم تصميمه لقياس النتاجات التعليمية التي تتم خلال مادة دراسية كاملة أو جزء حيوي من تلك المادة وبمعنى أخر فان هذا النوع من التقويم يجري في ختام التعامل مع المنهج أو البرنامج التعليمي.
  5. التقويم التتبعي: يجري هذا النوع من التقويم عن طريق مواصلة متابعة المتعلم بعد التخرج حيث يوفر تغذية راجعة عن آثار المنهج المستقبلية الخاصة بفعالية المتعلم في العمل، وتعامله مع نشاطات الحياة وجابهه مشكلاتها.
  6. التقويم البديل: وتطلق عليه عدة مسميات منها التقويم الأصيل والتقويم الواقعي والتقويم الشامل والتقويم القائم على الأداء والتقويم القائم على الإحكام والتقويم الديناميكي، والتقويم الطبيعي، والتقويم المباشر ويمكن تعريفه على أنه متصل من الأساليب والصيغ التي تتراوح بين استجابات بسيطة مفتوحة يكتبها المتعلم وتوضيحات شاملة وتجمعها من الأعمال المتكاملة للمتعلم عبر الزمن.             

ومن ذلك يمكن ان نجمل أهمية القياس والتقويم في العملية التعليمية بما يمكن معرفة مدى ما تحقق من وكذلك تحسين مستوى التعلم و تشخيص مواطن الضعف والقوة لـدى الطلبة ومعرفة مدى استعدادات الطلبة لتعلم الخبرات التعليمية الجديدة والاستفادة من النتائج في تدعيم جوانب القوة ومعالجة جوانب الضعف مع ما يستدعيه ذلك من تقويم لأسلوب التدريس والمناهج والعناصر التعليمية المختلفة.

عرف القياس بأنهالعملية التي يقدر بها أداء المتعلم لخصيصة معينة باستخدام أداة ملائمة أو مقياس مناسب ويعبر عنه بقيمة رقمية وهو على مستويات

 كما يمكن أن يساعد التشخيص في معرفة مدى استعدادات الطلبة لتعلم الخبرات التعليمية الجديدة لتحديد نقطة البدء في البرنامج التعليمي، وكذلك في أي تصنيف الطلبة الى تخصصات مختلفة علمي، أدبي، تجاري، صناعي وما الى ذلك وكذلك تساعد عملية القياس والتقويم على مساعدة المرشد التربوي والطالب في الوصول الى قرارات تربوية ومهنيه تتعلق في اختبار المواد الدراسية أو النشاطات المختلفة أو اختبار المهنة المناسبة لأن عملية القياس والتقويم تعطي للمرشد التربوي صورة عن جوانب قوة الطالب وضعفه وبالتالي ستكون العملية الإرشادية أفضل وأنجح فضلا عن أن عملية القياس والتقويم تزود الطالب بمدى تقدمه في التعلم كما انها تزود المدارس بتغذية راجعه عن مدى كفاءة المواد الدراسية و أساليب التدريس التي استخدمها والنشاطات التربوية وكل ماله علاقة وتـأثيرات في العملية التربوية.

المصادر

  1. خوري ن توما جورج، القياس والتقويم في التربية والتعليم، مجد المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، ط1، بيروت، 2008.
  2. علام، صلاح الدين محمود، القياس والتقويم التربوي والنفسي أساسياته وتطبيقاته وتوجهاته المعاصرة،  دار الفكر العربي،ط1، القاهرة، 2000.
  3. ميخائيل امطانيوس نايف، القياس والتقويم التربوي للأسوياء وذوي الحاجات الخاصة، دار الإعصار العلمي، عمان، 2015.
  4. اليعقوبي، حيدر، التقويم والقياس في العلوم التربوية والنفسية رؤيا تطبيقية، مركز المرتضى للتهيئة الاجتماعية،2013

https://ircoedu.uobaghdad.edu.iq/wp-content/uploads/sites/26/2019/04

http://www.uobabylon.edu.iq/uobColeges/lecture.aspx?fid=10&depid=6&lcid=67724

عن المؤلف

م.م حسين رشك خضير/ كلية التربية الأساسية/ جامعة ميسان

اترك تعليقا