رأي

المجالس الحسينية والمطرب محمد رمضان

المطرب محمد رمضان يستمع الى محاضرة دينية ألقاها مؤخراً سماحة الشيخ الخطيب جعفر الابراهيمي، وصلت اليه من خلال محبيه على انستغرام كانوا يراقبون ردود أفعال المجتمع العراقي والشخصيات الدينية البارزة بشأنه خاصة، وبشأن الحفل الغنائي الراقص الذي أقامه مؤخراً في بغداد عامة، لما قدمه من عرض لم تشهد له الحفلات الغنائية في العالم العربي نظير له –حسب علمي-.

تم التقاط كلمة “هذا الأسود” من جملة كلمات شجب و زجر أطلقها الشيخ الابراهيمي مؤخراً في ردّه على الحفل الغنائي الراقص، وبعد ساعات قليلة تحول الى خبر تناقلته مواقع عدّة تحمل رد من هذا “الفنان”، بين قوسين مراعاة لتقييم جمهور عريض في العراق ومصر، بأن: “كيف تعترض على لوني الذي خلقه الله”؟!

لم تصل للضيف المصري من محبيه سوى هذه الكلمة من سيل ردود الافعال الغاضبة من العراقيين في مواقع التواصل الاجتماعي على ما قام به، وقد ركزت ردود الافعال على مسألتين: ظهوره عاري الصدر أمام جمهوره، ثم في وسائل التواصل الاجتماعي، ومنها محاورة احدى القنوات الفضائية العراقية معه، وكان يجيب على اسئلتها وهو يدخن الاركيلة! والمسألة الاخرى؛ الاموال الطائلة التي جناها من هذا الحفل.

هاتين المسألتين المتفق عليها من الغالبية العظمى من المجتمع العراقي، وربما المجتمعات العربية والاسلامية، لم يركز عليها المحبّون والراعون لهذا الحفل، وربما لم يتابع رمضان ردود الافعال المستنكرة لما قام به، فالامر لا يعنيه بالمرة، بعد تحقيقه مراده، وقفل عائداً الى بلده موفوراً بالاموال العراقية السخية، و تبقى في العراق المواجهة المحتدمة والأزلية بين دعاة الالتزام، ودعاة الانحلال، وبين دعاة الايمان بالقيم الاخلاقية –السماوية، ودعاة الإرضاء للرغبات النفسية، و ربما سيقترحون عليه برفع دعوى قضائية بتهمة “الإساءة العنصرية”.

ليس هذا وحسب، بل وقد بلغه (الضيف المصري) أن الكلام ضده صدر في “بيت من بيوت الله”، وهذه من النقاط الجوهرية التي تذكي نار هذه المواجهة اكثر، وهي جاءت ضمن رده على كلام الشيخ الابراهيمي.

والنقطة الجوهرية الأخرى، صدور الموقف المعترض من “بيت من بيوت الله” ومن المنبر الحسيني على ما جرى في بغداد، وربما سيجري في قادم الأيام من أعمال مشابهة، فالمنبر في هذا البيت، الذي يكون على شكل حسينية، او مسجد، او جامع، هو الحصن الاعلامي المميز والمنيع يحتمي به الناس من ملمّات الفتن، وعواصف الشبهات والشكوك من هنا وهناك، وقد أثبت جدارته منذ أول مواجهة فكرية وثقافة شهدها العراقيون مع تصاعد المدّ الماركسي بعد انهيار النظام الملكي عام 1958، فقد كان المنبر الحسيني لسان العلماء والحكماء وايضاً؛ مراجع الدين المسؤولين عن سلامة الدين والتديّن في المجتمع والأمة. 

من المنتظر تكرار موقف المنبر الحسيني الاخير من منابر اعلامية واكاديمية، وعلمية، فالذي أغاض اصحاب هذا الحفل هو خطيب حسيني مرموق، ولو صدرت كلمة “رجل أسود” من صاحب حساب في انستغرام، او فيسبوك، او غيرها لما اجتذب انتباههم، فالخطيب الحسيني او الرجل الاكاديمي، او المهني مثل؛ الطبيب او المحامي، او حتى شيخ العشيرة وأي شخص ذو وجاهة اجتماعية وكلمة مسموعة، فهو صاحب جمهور مُحب ومتفاعل معه، لذا بامكانه توجيه جمهوره –في حال اتخاذ الموقف المعارض- بالضد من هذا النشاط، وأي نشاط يقاطع هوية المجتمع وانتماءه.

عن المؤلف

محمد علي جواد تقي

اترك تعليقا