مناسبات

ابو المساكين جعفر الطيار في الجنة

 ابو عبد الله الانصح لله في طاعة الله ورسوله؛ والانصح لرسول الله في طاعة الله والاصبر على البلاء والاذى في مواطن الخوف؛ كان، عليه السلام يقول لأبيه ابي طالب:

 “ياابت اني لاستحي ان اطعم طعاما وجيراني لايقدرون على مثله”؛

 فكان ابو طالب يقول: “اني لارجو ان يكون فيك خلق من عبد المطلب” مما يثير الانتباه ان رسول الله، صلى الله عليه وآله، سماه ابا المساكين، كان في طليعة المبارزين ومقدمة المسارعين المصدقين برسالة ابن عمه النبي، صلى الله عليه وآله.

 فقد اسلم بعد إسلام أخيه الإمام علي، عليه السلام بقليل، فكان ذا القبلتين والهجرتين والبيعتين،  روى الإمام الصادق، عليه السلام، ان رسول الله، صلى الله عليه وآله: كان يصلي وعلي معه اذا مر ابو طالب وجعفر معه.

 فقال ابوطالب لجعفر: “صل جناح ابن عمك” فلما احسه رسول الله، صلى الله عليه وآله، تقدمها وانصراف ابو طالب مسرورا وهو؛ يقول: “ان عليا وجعفرا ثقتي عند ملم الزمان والكرب والله لا اخذل النبي ولا يخذله من بني ذوحسب لا تخذلا وانصرا ابن عمكما اخي لأمي من بينهم وابي”. وتلك اول صلاة جماعة كانت ذلك اليوم في الإسلام.

  • هجرته للحبشة

 أشار رسول الله، صلى الله عليه وآله، إلى المسلمين بالهجرة للحبشة مخافة الفتنة وفراراً إلى الله بدينهم وتتابعوا حتى اجتمعوا بها، وكانت تلك اول هجرة في الإسلام، فقد كان جعفر قائداً المهاجرين، ومنه تعلم اهتمام الدين الإسلامي بالقيادة والامارة لتوحيد الكلمة.

  كانت هجرته إلى الحبشة في السنة الرابعة  من النبوة، وكان هو المتكلّم عند النجاشي من المسلمين المهاجرين للحبشة، ويبدو الاختلاف واضحا بين العهدين الجاهلي والإسلامي في تلك الكلمات التي نسبها الرواة الى جعفر بن أبي طالب مع النجاشي.

  كان رسول الله، صلى الله عليه وآله، يعلم بتفاصيل معركة مؤتة وتتابع أحداثه اولا بأول من طريق السماء، فلما ان بلغه نعي جعفر من السماء في ساعته صعد المنبر وأمر فنودي بالصلاة الجامعة، فاخبر المسلمين بمجريات الأحداث وما انتهت اليه المعركة من النتائج، وتلك من معجزاته صلوات الله عليه.

 وقال رسول الله، صلى الله عليه وآله، لاسماء بنت عميس زوجته: “على مثل جعفر فلتبك  الباكية”،  كان لاستشهاده، عليه السلام، من الوقع ما انقضت له جوانح المسلمين وترك في قلوبهم جروحا ليس من اليسير اندمالها.

 قبره، عليه السلام، مشيد وعليه قبة قديمة وله حرم والى جنبه مسجد في الأردن، ولا يزال قبره قائما في مؤتة امل بنوه، يقال لهم الجعفريون بطن من بطون ال ابي طالب وهم ثلاثى افخاذ؛ بنو على بن عبدالله بن جعفر  بن أبي طالب، شاركوا الإمام الحسين، عليه السلام، في واقعة كربلاء، وبنو اسماعيل، وبنو إسحاق بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب. رحم الله جعفرا فقد كان لسان ابن عمه النبي، صلى الله عليه وآله وسلم.

عن المؤلف

أ.د سادسة حلاوي حمود ــ جامعة واسط ــ قسم تاريخ الأندلس والمغرب

اترك تعليقا