مكارم الأخلاق

السلوك الاجتماعي في ضوء القرآن الكريم .. الإحسان سلوك قرآني

قال تعالى: {إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ}.

الله عزوجل الخالق الحكيم والرب المتعال، الذي خلق الخلق بالحق، واوجده على العدل، وقد انزل الشرائع وسَنَ السنن واحكم الأحكام، وقد أتم نعمته على عباده بأن أكمل لهم دينهم، أي جعل فيه كل ما يحتاجون إليه وكل ما من شأنه أن ينظم حياتهم ويضبط سلوكهم الاجتماعي ويضمن لهم الحياة السعيدة.

لذلك كل ما نهى عنه الله عز وجل أو أمر به إنما هو لمصلحة الإنسان ذاته، وها نحن في هذه الآية الكريمة نتعرض لأمر من أوامر الباري عزوجل والتي تخص السلوك الاجتماعي للإنسان وهو الإحسان، فيا ترى ما هو الإحسان؟ وما هي أبرز مصاديقه؟ وما هي أبرز صفات المحسنين؟ وما هي فائدته؟

الإحسان: كما عُرّف بأنه هو فعل الخير الذي يكون دون مقابل، أي أن تعطي أكثر من أن تأخذ.

الإحسان: هو فعل الخير الذي يكون دون مقابل، أي أن تعطي أكثر من أن تأخذ

ومن أبرز مصاديق الإحسان: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْكُمْ وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ}.

١الإحسان إلى الوالدين

{وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْناً}، {وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا}.

فمن مصاديق الإحسان؛ الإحسان إلى الوالدين، ورعايتهم والعمل على خدمتهم، وبالبر بهم، فلابد للإنسان عندما يبر بوالديه ويخدمهما لا ينتظر وراء ذلك جزاءً ومقابل، لأن لهم الحق عليه، ولابد أن يكون ذلك عمله إحسانا لوجه الله.

٢الإحسان إلى ذي القربى. {وَذِي الْقُرْبَىٰ}.

من الأمور السلوكيات التي يربي القرآن عليها الإنسان هي الإحسان إلى ذي القربى، وذلك من أجل أن تدوم المودة والمحبة والعلاقة الحميمة بين الأقارب عندما يحسن بعضهم إلى بعض، فلابد أن تكون علاقة الأقارب فيما بينهم مبنية على الإحسان والعطاء، وقد يمتثل الإحسان بالأمور المادية التي قد يكون البعض محتاج لها، فلا بد من بذلها له والإحسان إليه، أو حتى في الأمور المعنوية، كالكلمة الطيبة والدعم والتشجيع وما أشبه.

 ٢الإحسان إلى اليتامى. {وَالْيَتَامَىٰ}.

من السلوكيات التي لا بد ان يتمتع بها المجتمع هي الإحسان فيما بينه وبالخصوص إلى شريحة مهمة فيه وهي شريحة الأيتام الذين فقدو المعيل الذي يرعاهم، فهنا يأتي دور المجتمع أن يتحمل مسؤوليته اتجاه اتجاههم ويعمل على تكفلهم ورعايتهم والاهتمام بهم، وأن يكون ذلك من باب الإحسان لهم وعدم رجاء المقابل لعملهم هذا.

من الأمور السلوكيات التي يربي القرآن عليها الإنسان هي الإحسان إلى ذي القربى، وذلك من أجل أن تدوم المودة والمحبة والعلاقة الحميمة بين الأقارب عندما يحسن بعضهم إلى بعض

٣الإحسان إلى المساكين. {وَالْمَسَاكِينِ}.

أيضا من الأمور التي لابد لأبناء المجتمع العمل عليها هي الإحسان إلى الفقراء والمساكين الذين يحتاجون إلى المساعدة والمعونة، فلابد للمجتمع الإيماني أن تغلب عليه صفة الإحسان، فتجد أبناءه يحسن بعضهم إلى بعض ويخدم بعضهم بعضا.

٣الإحسان بالقول. {وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا}.

ومن مصاديق ذلك هو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإبداء النصيحة ونشر العلم، كل ذلك يندرج تحت القول الحسن، الذي لابد من أن يكون سائدا بين أبناء المجتمع.

ما هي صفات المحسنين؟

أبرز صفاتهم: {هُدًى وَرَحْمَةً لِلْمُحْسِنِينَ*  الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ* أُولَٰئِكَ عَلَىٰ هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}.

١- الهدى، المحسنون يكونون من المهتدين.

٢- إقامة الصلاة.

٣- ايتاء الزكاة والإنفاق في سبيل الله.

٤- الإيمان واليقين بالآخرة وهذا هو الذي يدعوهم إلى الإحسان.

وإن أهم فوائد الإحسان أنه يجعل الإنسان يكون من المفلحين، والفلاح يعني النجاح والفوز بالدارين، بالدنيا والآخرة، والذي يتمثل:

1ـ  بالحصول على حب الله للمحسنين {وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}.

٢ – الزيادة من عند الله عزوجل {وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ}.

٣ – التأييد من الله عزوجل {وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ}.

٤ – الحصول على الجنة جزاءً للإحسان {فَأَثَابَهُمُ اللَّهُ بِمَا قَالُوا جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ۚ وَذَٰلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ}.

فمن يتخلق بهذا الخلق الرباني والسلوك القرآني، ويطبقه في حياته، حتماً سيكون من المفلحين في الدارين، ففي الدنيا حينما يكون الإحسان هو الصفة الغالبة عند أبناء المجتمع فإن هذا سيوفر لهم الحياة الكريمة والعيش السعيد في ظل التعاون والإحسان الذي بينهم، فماذا يريد الإنسان في الدنيا أكثر من ذلك؟ وأما عن الآخرة فإنه سيربح الجنة والنعيم الأبدي جزاء إحسانه في الدنيا.

عن المؤلف

الشيخ حسين الأميري

اترك تعليقا