رأي

كورونا بين العراق والعالم؟

مع تزايد حالات الشفاء في العراق ووصولها بالنسبة المئوية الى ثمانين بالمئة، وتراجع الإصابات من وباء كورونا الى أن أصبح البلد الثاني والسبعين عالمياً في مرتبة عدد الاصابات اليومية، بعد أن جاءت التهويلات والإرجافات الإعلامية الأممية، بأن النظام الصحي في العراق سينهار بمجرد تزايد المصابين، لكن الواقع أثبت عكس ذلك. في حين فشلت الأنظمة الصحية في الدول المتقدمة من إيقاف زحف هذا الوباء القاتل

لكن إلتجأ الناس الى الله تعالى ورجوعهم إليه، جلب الرحمة الربانية واستنزلها، فالدلائل القرآنية عبر آيات الذكر الكريم، وروايات النبي وأهل بيته الطاهرين، تشير الى أن العودة الى خالق هذا الكون والتضرع إليه، ورجوع الناس الى حالة التقوى، فإن الباري جل وعلا يرأف بعباده ويرحمهم، ويغدق عليهم بالنعم، ومن هذه النعم هي الصحة والعافية، وهي من أولويات النِعم عند الإنسان.

يقول الله تعالى: {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنْ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنْ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ}، اختلف المفسرون في هذه الآية الكريمة، لكن لسنا بصدد إيراد أراءهم المختلفة حول هذه الآية، وسنأخذ الجامع المشترك، فقسم منهم قالوا: أن البركات النازلة من السماء هي الغيث، أما بركات الأرض فتتمثل بالنباتات. وهناك من قال: “أن بركات السماء هي البركات المعنوية، وبركات الأرض البركات المادية”.

من هنا كانت هناك علاقة متبادلة بين التقوى ورجوع الناس الى الله، وبين نزول البركات السماوية والأرض، تمثلت هذه البركات في (دفع) هذا الوباء وبداية انحساره بإذن الله تعالى.

 

عند اشتداد المحن بالإنسان، ووصوله الى طريق مسدود، تنبع الحاجة الملحة في التعلق والتمسك بالله تعالى، ويكون ذلك عبر الضراعة الى الله تعالى، والتي تمثل الجوهر الحقيقي للدعاء

 

  • الضراعة حكمة الإبتلاءات

بعد انتقال الفايروس التاجي من الصين الى الدول الأوربية، وإصابات مئات الآلاف هناك، خصوصا في إيطاليا، وبلوغ ذروة الإصابات في شهر مارس وآذار، نزل الناس الى الشوارع وقالوا: “أن حلول الأرض قد انتهت، وننتظر الفرج من السماء”. ولا يخفى أن ايطاليا من الدول الرأسمالية التي طغت المادة على شعبها، كأي شعب في الدول الغربية، إلا أن التعلق بالسماء، وطلب العون من الله، لابد وأن يخرج من أعماق الذات الإنسانية، كفطرة أودعها الخالق في كل مخلوق.

وعند اشتداد المحن بالإنسان، ووصوله الى طريق مسدود، تنبع الحاجة الملحة في التعلق والتمسك بالله تعالى، ويكون ذلك عبر الضراعة الى الله تعالى، والتي تمثل الجوهر الحقيقي للدعاء.

يقول الله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَبِيٍّ إِلاَّ أَخَذْنَا أَهْلَهَا بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ}، “فنستلهم من هذه الآية أن: الضراعة حكمة الكوارث الطبيعة أو الحروب البشرية، والأمة التي تستفيد منها هي التي ترجع الى برنامج الرسالة التي تحدد منهاج الخلاص.

وهكذا تصبح الضراعة ( الدعاء الى الله وحده بكل إصرار)، حكمة الصعوبات التي يواجهها الإنسان بصورة فردية، كما هي حكمتها عند الكوارث الإجتماعية، وهدف الضراعة إعادة بناء المجتمع الإنساني على اُسس فطرية صحيحة، بعيدا عن الشرك وعن اتباع الأهواء، وهذا هدف الدعاء في الظروف العادية، حيث يكون المؤمن الذي يعتبر بمصائب الآخرين، ويستحضر أيام شدته، سواء في الدنيا عند المصائب التي لابد أن يمر بها كل فرد، أو في الآخرة ابتداءً من الموت حتى القبر والمطلع والحساب، ثم النار أو الجنة، إن هذا المؤمن يعيش حالة التضرع أبداً. ألم يقل الله تعالى: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً}“. (التشريع الإسلامي مناهجه ومقاصده ج4/ المرجع المدرسي).

 

لاشك أن أعمال البر التي انتشرت في عموم العراق بشكل أو بآخر كان لها الدور الكبير لنزول الرحمة الإلهية، ودفع البلايا عن هذا الشعب، يقول الإمام علي، عليه السلام: “رحمة الضعفاء تستنزل الرحمة”

 

  • من آثار الرحمة الإلهية

يقول رسول الله صلى الله عليه وآله: “الراحمون يرحمهم الرحمن تبارك وتعالى، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء”. كانت اجراءات الحظر التي منعت الكثير من مزاولة أعمالهم، خصوصا ذوي الدخل اليومي، كانت جرس إنذار بخطر يتهدد عوائلهم بالجوع والموت!

لكن الراحمون في الأرض كان لهم دور كبير في إيصال السلات الغذائية الى كل العوائل المحتاجة والمتعففة، ومن ثم تطورت الأعمال الخيرية ليشارك فيها كل المجتمع، لبقاء وديمومة البر دون انقطاع عن أحد، فكان على سبيل المثال المشروع الخيري الذي لا يزال قائما الى اليوم (أهل الخير ما ناسيك).

ولاشك أن أعمال البر التي انتشرت في عموم العراق بشكل أو بآخر كان لها الدور الكبير لنزول الرحمة الإلهية، ودفع البلايا عن هذا الشعب، يقول الإمام علي، عليه السلام: “رحمة الضعفاء تستنزل الرحمة”.

عن المؤلف

أبو طالب اليماني

اترك تعليقا