ثقافة رسالية

هل يستطيع الانسان أن يعيش لوحده؟

بالرغم من أن الانسان يولد وحده، ويموت وحده، ويبعث يوم القيامة وحده، ويعيش في الحياة وهو يريد كل شيء لوحده، غير أنه لا يستطيع أن يعيش …

بالرغم من أن الانسان يولد وحده، ويموت وحده، ويبعث يوم القيامة وحده، ويعيش في الحياة وهو يريد كل شيء لوحده، غير أنه لا يستطيع أن يعيش وحده، فهو محتاج الى الآخرين لا محالة.
فحتى الملوك يحتاجون الى الفلاح الذي يزرع لهم حديقتهم، ويحتاجون الى الطبّاخ الذي يصنع لهم طعامهم، ويحتاجون الى الكنّاس الذي ينظف لهم غرفهم، ويحتاجون الى الخياط الذي يخيط لهم ثيابهم، وهكذا؛ في كل شؤون حياتهم.
وكما تقول إحدى الاحصائيات إحدى الاحصائيات فان الانسان العادي يحتاج الى ما لا يقل عن مليون شخص غيره لكي يستطيع ان يعيش بشكل طبيعي.
فمن اجل ان يحصل الانسان على قرص الخبز الواحد يحتاج الى فلاحين يرزعون القمح، ثم العمال الذي يحملونه الى المصنع، والى من يطحنوه له، ثم الذين يوزعونه على المخابز، ثم الذين يخبزونه، وهم طاقم من اختصاصات متعددة من؛ العجن، ثم اللصق بالتنور، وبعدها استخراجه بالشكل الذي نراه امامنا ويأكل منه الناس أجميعن.
اذا كان الانسان بحاجة الى أخيه الانسان –شاء أم أبى- عليه أن ينبذ الانانية، فلا يعد نفسه محوراً للكون، ولا يقيس كل الامور بمقياس واحد، وهو مقدار قربها وبعدها عن مصلحته، وبذلك يستطيع ان يكوّن معه مجموعة، ويطور ذلك فيما بعد الى تشكيل أمة، وهو قمة ما يمكن ان يشكله الانسان مع اخوته في الانسانية.
ان الامة تعني الجماعة التي تعمل لهدف محدد، وتتعاون فيما بينها، وهذا يعني ان تشكيل الامة بحاجة الى ثلاث أمور:
الاول: وجود جماعة.
الثاني: عمل ونشاط هذه الجماعة.
الثالث: تحديد الهدف المعين من هذا العمل.
ولان الانسان يولد انانياً بطبعه، فان سعيه الى تشكيل مجموعة تعمل لهدف محدد –أي تشكيل الأمة- يعد نشاطاً متقدماص في حياة الانسان.
وبالرغم من أن الله –تعالى- لا يريد للناس أن يصبحوا أمة واحدة، بل يريدهم مجموعة من الأمم حيث يقول تعالى: {ان هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون}.
ثم ان المطلوب لبقاء الامة، بالاضافة الى شروط تكونها، أن تلتزم بما يلي:
أولاً: ان تلتزم بالاخلاق في علاقاتها الداخلية، ومنها الالتزام بأداء حقوق الضعفاء، يقول رسول الله، صلى الله عليه وآله: “لن تقدس أمة لا يؤخذ للضعيف فيها حقه من القوي غير متعتع”.
ثانياً: ان يتنازل الافراد عن بعض مصالحهم الشخصية لمصلحة المجموع، فلا يمكن ان تبقى أمة حيّة من دون أن يتغلب افرادها على أهوائهم، وعلى رغباتهم الشخصية، مثل جمع المال على حساب الفقراء، والتمتع بالملذاتعلى حساب المعدمين.
ثالثاً: أن تناضل الامة للحفاظ على حرية أفرادها كأفراد، وللحفاظ على استقلال الامة كمجموعة، وكما قيل؛ فان للأمم آجالاً، وأجل كل أمة يوم تفقد حريتها، او تسقط في مهاوي الأنانية، او الظلم، او يسودها الاستبداد.

عن المؤلف

هيأة التحرير

اترك تعليقا