تربیة و تعلیم

غياب دور الأب والآثار السلبية على تربية الأبناء

التربية الوالدية تتم بفعل تظافر وتفاهم قطبيها؛ (الأب، والأم)، فهما من يضعان منهجاً للتربية ومحدداتها، او حدودها بما يلائم بيئتهما وتطلعهما الى مستقبل ابناءهما، والعملية تكاملية فما يقصّر عنه الأب تكمله الأم، والعكس صحيح، لكن مع صعوبات الحياة وتعقيداتها يضطر بعض الآباء للبحث عن ابواب للرزق ربما خارج الحدود الجغرافية لمكان السكن الاصلي، فبعضهم يسافر للعمل في بلد آخر، وبعضهم في بلده لكن في مدينة بعيدة، في مثل هذه الحالات يحدث خللاً في تربية الأبناء ناتجة من غياب دور الأب في المنزل، فما هي هذه الآثار؟ وكيف يمكن تخطي آثارها المستقبيلة؟

  • تبريرات بُعد  الآباء عن العائلة

ما يدفع الآباء الى العمل بعيداً عن الاسرة هو اعتقادهم بضرورة توفير الجانب المادي للعائلة، والذي يسهم في إرساء تربية أسرية صحيحة، هذا الظن مقبول الى حد ما، لكنه مرفوض الى حد ما ايضاً، لان التربية ليست المال فقط، وغياب الأب يعني بالضرورة غياب الروح المعنوية والمحفزات النفسية التي تحيط بالعائلة، وتحافظ عليها وتسيرها نحو هدفها، فالمال ليس كل شيء رغم التأكيد على اهميته لتوفير مستلزمات الحياة.

⭐ الطفل يرى في والديه انهم الحق المطلق، ومن ثمّ يقلدون كل خطواتهم وسلوكياتهم، وحين يغيب القدوة حتماً سيبقى الابن ضائعاً يبحث عمن يرشده الى طريق الصواب

كما ان التبيريرات التي يقولها الآباء في هذا النطاق من اهمية توفير أمن غذائي قد يمنحهم الزخم المعنوي للاستمرار في العمل في غير اماكن تواجد الاسرة، و ربما هذا حرصاً منهم على تأمين حياة كريمة له ولعائلته، لكن المأخذ على ذلك هو المرور السريع للوقت، فقد يقضي احدهم سنوات للعمل في البلد “س”، وبعد عمل يوم شاق يتصل بعائلته لدقائق قصيرة للاطمئنان عليهم مما يخفي الكثير من المشكلات التي تحدث لعائلته وخصوصاً الأبناء وبعد فوات الوقت يكتشف ان أحدهم انتهج نهجاً غير صحيح، وحينها لا تنفع كل اموال الدنيا لتعديل هذا النهج وهذه هي الخسارة الكبرى.

⭐ غياب روح الأب الذي يكون وسيلة للضبط العائلي، وبدونه يتحول الأب الى ما يشبه صندوق النقود الذي سيُرمى حين ينفذ النقود، وفي هذه الحالة يتم إفراغ الأب من محتواه

  • ماذا يترتب على غياب الأب؟
  1. إحدى أهم الاشكاليات التي تترتب على غياب الأب عن المنزل هو غياب القدوة، إذ إن الطفل يرى في والديه انهم الحق المطلق، ومن ثمّ يقلدون كل خطواتهم وسلوكياتهم، وحين يغيب القدوة حتماً سيبقى الابن ضائعاً يبحث عمن يرشده الى طريق الصواب، وقد تعصف به رياح المحيط البشري لتنحدر به الى مستويات متدنيّة، لاسيما و ان الطفل يكتسب السلوكيات بصورة سريعة اكثر من الاعمار الاخرى، فالأبناء إذا خالطوا رفقاء السوء سيدمنون  المخدرات أو الكحوليات و يعتادون السرقة والتخريب، أو كافة الأساليب السلوكية الأخرى اللاسوية.
  2. ثاني الاشكاليات التي تترتب على غياب الأب عن المنزل هو قيام بعض الامهات بتربية ابناءها على الطريقة التي تريدها هي، والتي تفتقد الى العلمية والاساليب التربوية، فالمرأة في الغالب تحكمها العاطفة اكثر من العقل، ومن ثمّ ربما تفرّط في توفير كل احتياجات الطفل دون أن تدرك العواقب التي تترتب على ذلك، ومنها تنشئة الطفل على “الدلال” الذي يجعله معتمداً على والديه طوال حياته، و بذا قد يكون غير ذي هدف واقعي.
  3. ثالث الاشكاليات التي تترتب على غياب الأب عن المنزل؛ غياب روح الأب الذي يكون وسيلة للضبط العائلي، وبدونه يتحول الأب الى ما يشبه صندوق النقود الذي سيُرمى حين ينفذ النقود، وفي هذه الحالة يتم إفراغ الأب من محتواه، ويصبح لا يمارس دوره الحقيقي وهذه الاشكالية ربما ليست قابلة للتصحيح، او ربما لا يمكن تصحيحها.
  4. والاشكالية الرابعة التي تترتب على غياب الابن عن المنزل هو ان بعض الزوجات تفتح باب التدخل في امور منزلها أمام الجيران، او المقربين منها، مما يزعزع صورة الأب في ذهن ابنائه، او ربما تُنشئ علاقات غير شرعية نتيجة لهذا الغياب، وهذ الامر غاية في الخطورة، لانه يتسبب فيما بعد بتفكك العلاقات الزوجية، وتبعثر الاسرة وتشتتها.

 ومن اجل كل هذه المشكلات التي تحدث نتيجة غياب الأب، ينبغي توخي الحذر من الآباء ولا يستحكم الطمع عليهم فيققدون أسرهم و انفسهم فماذا يجني من يخسر كل هذا؟

عن المؤلف

عزيز ملا هذال/ ماجستير علم النفس

اترك تعليقا