تربیة و تعلیم

كيف نتعامل مع الطفل الذي يريد كل شيء؟

لكل طفل على وجه المعمورة شخصية تختلف ملامحها وطريقتها عن اقرانه من الأطفال، فالبعض من هذه الصفات لا يمكن تجاهلها ويجد الآباء صعوبة في التعامل معها، ومن بين هذه الصفات هي صفة الطفل الذي يريد كل شيء، والذي عادة ما يكون عنيد ولا يقبل سوى بالحصول على هذه الحاجة او تلك، وربما من المستحيل التنازل عن مطلبه.

وتغلب على الطفل الذي يريد كل شيء صفة الانانية، ولا يحب المشاركة، ويحب امتلاك كل شيء لوحده. فكيف يكتسب هذا السلوك؟

 وما المسؤولية التي تقع على عاتق الوالدين في تعزيز هذا السلوك أو تقويمه؟

 وكيف يمكن تخليصه من الرغبة في الحصول على كل شيء يقع امام عينيه؟

  • لماذا يريد الطفل كل شيء؟

يقول المختصون في المجال الارشادي إن أول الأسباب التي تجعل الطفل يريد كلَّ شيء، هو إعطاء الأم أو الأب صغيرهما كل شيء يطلبه، ويتطور الامر حتى يصل الامر في كثير من الأحيان الى مسك الطفل لشيئين مختلفين في يده، طالما هو داخل المتجر او محل الألعاب.

وفي حالات كثيرة بمجرد الشراء لهذه الحاجيات يخرج الطفل راضيا من المتجر، ويذهب الى رمي احدى هذه الحاجات في الشارع، وهذا دليل على عدم حاجته اليها، وانتهت رغبته في الحصول، الذي سبقه حالة من الضوضاء داخل المحل وامام الآخرين، بما يضع الاهل في الاحراج والشراء مكرهين لتمرير وقت الخروج بسلام.

🔺 حالة الأطفال الذين يطلبون كل شيء تعود الى الدلال الزائد الذي منحه له الابوين منذ السنوات الاولى للإدراك، وتحول فيما بعد الى أسلوب حياة لهذا الطفل

حالة الأطفال الذين يطلبون كل شيء تعود الى الدلال الزائد الذي منحه له الابوين منذ السنوات الاولى للإدراك، وتحول فيما بعد الى أسلوب حياة لهذا الطفل، وأصبح لا يعرف الرفض ولا يمكن ان يقدر الظرف الذي يعمر فيه اهله، وبذلك تحول الدلال الى نقمة على الاهل الذين لم يشعروا بخطورة الامر في الوهلة الأولى.

وفي هذا الخضم يمارس عدد ليس بقليل من الأطفال ممارسات يمكن وضعها بخانة أخطاء الاهل، فمثلا ونتيجة لتقصير في تربية الابناء يقوم الأطفال بسحب لعبة او حاجة أخرى من يد اطفال غيرهم، او اخذ بعض الأشياء من المحال وتجد الاب او الام يبررون هذه الأفعال ومحاولتهم المستمرة للخروج من الاحراج.

  • الجوانب المظلمة:

لكثرة الحاح الأطفال على طلب الأشياء العديد من السلبيات والجوانب المظلمة، فعلى سبيل المثل ومن الواقع الحي الذي نعيشه يوميا، نجد بعض الأطفال يصرخون ويضربون اهاليهم بمجرد رفضهم لطلب الشراء، وليس الطلب الأول بطبيعة الحال فقد يكون الثالث او الرابع وربما الخامس.

ومن عيوب هذه التصرفات قد يوجد من يظن ان الاهل يحرمون الأطفال من ابسط الأشياء، ولا يعرفون كيف يتم التعامل من قبل الأهالي مع أبنائهم، حكموا على الظاهر وعلى المشهد الذي حصل امام اعينهم، لكن الحقيقية شيء آخر، وهي ان غرفة المنزل ربما تكون ممتلئة بالألعاب والاكل وكل ما يحتاجه الطفل، لكن تبقى الحاجة قائمة بالنسبة لمثل هذه الشخصية من الأطفال.

ويمكن ان يأتي من بين الأسباب التي تجعل الطفل متطلب ويريد كل ما يقع امام عينيه، هو أسلوب حياة الاسرة التي نشأ فيها، فقد تكون الام من ربات البيوت المتطلبات، وكثيرة الالحاح على زوجها، وليس غريباً ان يتأثر الطفل بأطباع الام ويحذو حذوها في الطلبات المستمرة من الزوج، وتنتقل هذه الصفة الى الأبناء.

ولكيلا نضع اللوم على الأطفال فحسب، هنالك اسر ولاعتبارات عديدة تحرم ابناءها من ابسط الأشياء، فقد يكون الاعتبار المالي حاضرا بقوة، ويسبب الى نقص حاد في تلبية رغبات الأبناء، كأن يكون خلو المنزل من ابسط الألعاب، فضلا عن عدم وجود الفاكهة وغيرها من الأشياء التي تقدم للأطفال في أوقات منتظمة بين الوجبات الرئيسية.

ويضع المختصون جملة من الوصايا التي بموجبها يكون الاهل قادرين على معالجة جموح الأطفال الراغبين باقتناء كل شيء.

على الاهل تعليم الطفل حدود ملكيته خارج المنزل، فليس من الصحيح ان يتولّد لديه شعور ان من حقه امتلاك كل شيء، وهنا يأتي دور الاهل في تربيته وتعليميه معنى الملكية الخاصة، وان عليه الا يعتدي على ملكية غيره، مهما اعجبته سواء كانت لعبة او اكلة او أي شيء، إذ تصل ببعض الأحيان في نوع من الأطفال الى مد يده وسحب أشياء من يد أصحابها سواء في الطرقات او الأماكن العامة.

ومن الأشياء التي تساعد الأطفال على التخلص من هذه الصفة المذمومة من قبل الجميع، هي المشاركة، أي زج الطفل في اغلب البرامج الترفيهية والخروج المستمر لأفراد العائلة، وتعريفيه، واخباره بأهمية شراء الأشياء او الاحتياجات الضرورية والاساسية، ليبني فيما بعد حياته وفق منهج او مبدأ عدم الاكتناز الا للأشياء الضرورية في الحياة اليومية.

  • أساليب ترك العادة السيئة:

ليس على الآباء ان يذعنوا لجميع الطلبات التي يتقدم فيها الأبناء، وبإمكانهم ان يرفضوا هذه الأشياء لكن بأسلوب معين، فإذا قرر الاهل الذهاب باتجاه خيار الرفض، فإن إبداء السبب من وراء الرفض يساعد الطفل على فهم القرار، وينصح هنا بإبداء سبب واضح ومختصر، كما ينصح بعدم التراجع في القرار، والالتزام فيه، وإذا استسلم الأهل عندما يلح الطفل على طلبه ويبدي انزعاجه من الرفض، فسيلجأ دائمًا إلى ذلك للحصول على ما يريد.

ويفضل ان يتبع الاهل أسلوب التحدث الى الطفل بعيدا عن صيغة الأمر، لأن ذلك يزيد إصراره على عدم الالتزام، فاتباع أسلوب الحوار والتواصل مع الطفل ينمي فيه التعاون مع أبويه، وفي نفس الوقت تقديم خيارات بديلة، فمثلا يمكن استبدال “لا يمكنني شراء هذا لك لأنه مكلف للغاية” بعبارة “دعنا نذهب إلى المنزل ونفكر بأشياء أخرى يمكن أن نشتريها لاحقا”.

يمكن للأهل ان يضعون قواعد خاصة بالمنزل، وإعلام الطفل بضرورة عدم تجاوزها، ومن هذه القوانين هو تعويد الطفل منذ الصغر على اتباع الرضى بالقليل او المناسب بمعنى آخر، أي لا افراط ولا تفريط، يأخذ ما يحتاجه من المأكل والمشرب، وتمرين نفسه على الصبر والقناعة وعدم التذمر.

🔺 يمكن للأهل ان يضعون قواعد خاصة بالمنزل، وإعلام الطفل بضرورة عدم تجاوزها، ومن هذه القوانين هو تعويد الطفل منذ الصغر على اتباع الرضى بالقليل او المناسب بمعنى آخر

مهمة التمرين هذه يجب ان يتحمل وظيفة القيام بها الاهل، لان الطفل في مراحله الأولى لا يساعده وعيه البسيط وادراكه المنخفض على تعلم دروس الحياة وتمييز الصواب من الخطأ، وبهذه الحالة او المرحلة الحرجة من مراحل عمر الفرد يجب تدخل الاهل بما يرشد الطفل نحو الصواب والذي ينعكس بشكل أفضل على الممارسات اليومية.

وتنوه الباحثة في تعديل سلوك الأطفال والمراهقين دينيس رويدين إلى أن جميع الدراسات أثبتت أن الأطفال يلتزمون بالقواعد والحدود الموضوعة من الوالدين عندما يشعرون بالأمان والثقة تجاه الوالدين في حال وضع القواعد وتنفيذها، لافتة إلى أن الطفل يحتاج للرعاية والاهتمام من والديه واحتوائه، لذا على الوالدين دعم أطفالهما وتعزيز ثقتهم بأنفسهم، فالصراخ على الأطفال بشكل دائم يضعف شخصيتهم ويحولهم لأشخاص عنيفين.

إقناع الأطفال بالتخلي عن أشياء يرون الحصول عليها من ضرورياتهم، ربما يعده البعض من الأمور السهلة او الممكنة، لكن الامر ليس بهذه المتوقعة أيها الافاضل، فالأمر بحاجة خبرة ومران كبيرين من قبل الأهالي لصقل الأبناء وتدريبهم على عادات يعدونها من أشياء صعب الاعتياد عليها او استساغتها، فقد يضطر المربين الى اتباع أسلوب الضرب الخفيف او التهديد المبطن للوصول الى هذه الغاية السامية.

القول الأخير؛ هو ان الحسم في اتخاذ القرار لاختيار الطريقة المناسبة حسب شخصية طفلك وعمره هي أفضل طريقة للتعامل مع الطفل الذي يريد كل شيء، كما أن تعويده منذ الصغر على اتباع الاساليب المعمول بها في المنزل ينمي فيه الهدوء ويقبل الرفض من والديه، دون أن ننسى تلبية احتياجاته ورغباته الأساسية وتعليمه الصبر والرضا.

عن المؤلف

سُرى فاضل

اترك تعليقا