غير مصنف

تأملات في دعاء العهد

نتابع حديثنا عن التأملات في دعاء العهد، الذي هو عبارة عن ثورة اصلاحية للمجتمعات؛ تبعاً لما وعد الله – تعالى- في توريثه الارض لعباده …

نتابع حديثنا عن التأملات في دعاء العهد، الذي هو عبارة عن ثورة اصلاحية للمجتمعات؛ تبعاً لما وعد الله – تعالى- في توريثه الارض لعباده الصالحين.
نتابع كلامنا عبر مقطع جديد من مقاطع الدعاء الذي ذكره الإمام الصادق، عليه السلام، وهو المقطع الذي يقول:
«وَاجْعَلْهُ اَللّـهُمَّ مَفْزَعاً لِمَظْلُومِ عِبادِكَ، وَناصِراً لِمَنْ لا يَجِدُ لَهُ ناصِراً غَيْرَكَ،..»
نتابع حديثنا عن هذا المقطع الجديد من خلال التوسلات التي رافقت المقطع؛ والسؤال هو: ماذا نستخلص من التوسلات المذكورة؟ حيث أن أول توسل بأن يجعل الله – تعالى- ظهور الإمام – عجل الله فرجه – (مَفْزَعاً لِمَظْلُومِ عِبادِه) والمفزع يعني الملجأ أي؛ من يُلْجَأ إِليه عند نُزُولِ الخَطْبِ، والغيث لكل خائف، والمراد هنا في استعمال هذه العبارة الإستعارية هو استخلاص عدة دلالات لطيفة وذات معنى عميق.
من الواضح أن أبرز مصاديق المظلوم على مدى التأريخ من تمسك بالثقلين كتاب الله – تعالى- وعترته اهل البيت، عليهم السلام، مقابل تمسك الطغاة بخلاف ذلك، ولكنه حتماً هو المنتصر عند الله – تعالى-.
لو لاحظنا الظلم على المستوى المعرفي؛ الواقع أساساً والمتمثل عقائدياً، في كيفية قيام أعداء الدين بعزل مبادئ السماء ومن ثم التحريف عنها وبعد ذلك محاولة طمسها عن ما رسمها القرآن الكريم ورسمته السنة النبوية وسيرة العترة الطاهرة.
واما على صعيد الواقع، فان المظلوم من العباد فهو كما اشرنا المتمسك بالقرآن الكريم وبالعترة الطاهرة.. ولاتجدنا بحاجة الى سرد الظلم الذي طال المظلوم من العباد المشار اليهم طوال التاريخ، ولعل سنواتنا المعاصرة التي نحياها تكفي لملاحظة حجم الظلم.
لذا استخدمت الإستعارة التي تتحدث عن المنقذ، اشارة لحاجتنا إلى المخلص الإمام المهدي – عجل الله فرجه – من الظلم لينشر العدل لكونه مفزعاً لمظلومي عباد الله، وعندما يتوسل الدعاء بان يجعل الله – تعالى- ظهور الامام المهدي – عجل الله فرجه – مفزعاً لمظلومي عباده؛ فهذا يعني انه – عجل الله فرجه – هو الملجأ الذي يتجه اليه المظلومون.
ولا أعتقد ان قارئ الدعاء يجهل دلالة ما يعنيه المفزع من الاشارات او الايحاءات؛ فالملجأ مادياً هو المكان المحصن من السوء، سواء اكان ذلك من العدوان العسكري مثلا او من اية ظواهر تعصف بهذا المكان او ذاك، حيث ان الملجأ يظل مكاناً آمناً لاتصل اليه يد السوء.
واذا عرفنا ذلك، فان ظهور الامام المنتظر سوف يحقق للمظلومين ملجأ لا يخشون من خلاله ان يطالهم السوء اياً كان مصدره ونمطه، ويكفينا ان تتداعى باذهاننا في هذا السياق بالمأثور الوارد عن المعصومين، عليهم السلام، من ان الارض بعد ان تملأ جوراً او ظلماً، فان الامام المهدي – عجل الله فرجه – يتكفل من خلال ظهوره المبارك وحركته الاصلاحية ازالة الظلم المذكور.
لذلك فإن إزالة الظلم يتناغم دلالةً مع العبارة (مَفْزَعاً لِمَظْلُومِ عِبادِه)، ومن ثم تأتي الإستعارة الثانية التي تتحدث عن الموضوع ذاته؛ أي أن شخصية الإمام – عجل الله فرجه – من حيث انقاذه للفئات المظلومة (وَناصِراً لِمَنْ لا يَجِدُ لَهُ ناصِراً غَيْرَكَ)، حيث ورد بعد ذلك من انه، عليه السلام، يجعل الله – تعالى- (ناصراً لمن لايجد له ناصراً غير الله؛ وهو امر نتناوله لاحقاً ان شاء الله – تعالى-).

عن المؤلف

هيأة التحرير

اترك تعليقا