تربیة و تعلیم

حديث الام مع طفلها نافذة من نوافذ التعلم

تقع الكثير من الأمهات بخطأ عدم التحدث الى الطفل في الايام الأولى من عمره، استنادا الى الاعتقاد السائد بأنه لا يفهم الحديث او ليس من ضرورة للحديث معه في الشهور او الأيام الأولى وهو من الاعتقادات الخاطئة في مسألة تربية الأطفال، بينما الشيء الصحيح هو استمرار الحديث منذ الساعات الأولى من عمر الطفل، لان ذلك يعد نافذة مهمة من نوافذ التعلم المبكر.

يعود جزء كبير من اهمال الأمهات لهذه المرحلة المهمة من مراحل التعامل مع الأبناء، لأسباب كثيرة واعتبارات خاصة، من بينها ان الام عادة ما تكون منشغلة في الواجبات المنزلية ورعاية بقية الأبناء والزوج، الى جانب تحضير وجبات الطعام والانخراط في الفعاليات الاجتماعية الأخرى، ومن اجل هذا كله لا يبقى وقت للحديث مع الطفل.

⭐ واجب الأم يبدأ من هنا في تشجيع طفلها على تفهم معاني الكلمات وهناك عدة طرق للتوصل الى ذلك فيمكنها مثلاً أن تبدأ في التشديد اللفظي على كلمة معينة

أضف مع الانشغال الكبير بالأعمال اليومية عدم وعي اغلب الأمهات بأساليب التعامل الصحيح مع الأبناء في المراحل الأولية من عمرهم، ويشير علماء مختصون وبعد اجرائهم العديد من الأبحاث الى أهمية ان تعي الام المراحل المختلفة لاكتساب اللغة وتعمل جاهدة مع الطفل لكي يعبر هذه المرحلة على أفضل وجه، وفي النهاية فهي تشجع طفلها على الكلام في مرحلة مبكرة، لاسيما وان الطفل يتعلم الكلام في الأشهر الأولى من عمره عن طريق المناغاة والتفوه بأصوات غير مفهومة لنا.

الرد على مناغاة الأطفال في الأشهر الأولى تجعل الاطفال يدركون ان أصواتهم حازت على اهتمام الآخرين بغض النظر عن صاحب او مصدر هذا الاهتمام، ويقوم بعد ذلك الطفل بمواصلة هذه العملية خلال اليوم على امل الإجابة من الطرف الآخر.

وبهذه الحالة يتوجب على الاهل الإجابة بكلمات مغايرة لما يطلقه الطفل ليتم خزنها في ذاكرته على الأمد البعيد يحاول استرجاعها بتزايد نموه، فهذه الطريقة تبعث السرور في نفس الطفل وتنبهه وتدعوه إلى بذل مجهود أكبر في المناغاة وإصدار الأصوات بعد ان اكتشف أن هذه الطريقة تجذب اهتمام والديه وتدعوهما للاهتمام به.

هذه المرحلة تعد من المراحل الحاسمة في تعليم الأطفال عملية التكلم التي تحمل من الأهمية القدر الكبير، فهي تعمل على تحديد أسلوبه في الحديث فيما بعد، ويتضح ذلك بعد بلوغه السن الرابعة والخامسة التي بموجبها يكون قادر على التحكم في كلامه واختيار الجمل الصحيحة وترتبيها بما يتوافق مع المعنى المقصود بالنسبة للطفل المتحدث.

وللوصول الى هذه النتيجة يجب ان تحرص الام على الحديث مع طفلها ولو لدقائق معدودة يوميا لتكوين كم غير قليل من المفردات تساعده على الحديث بطلاقة مختلفة عن اقرانه الذين لم يتعرضوا لمثل هذا الاهتمام، وقد اثبتت دراسات علمية ان الحديث مع الأبناء يُعجل بعملية النطق الصحيح لهم وتعلم الكلام، قياسا مع الصنف الأول الذي لم يحظ بهذه الجزئية.

وتعزز ذلك عالمة النفس الاميركية اليزابيث هارلوك التي تقول إن الطفل الذي تأخر في الكلام بالمقارنة بأقرانه الذين في نفس سنّه، يفقد ثقته وهي الصفة الضرورية لطلاقة اللسان، ونجده بعد ذلك يتردد كثيراً عندما يرغب في التعبير عن نفسه شفهيا مما يعوقه بعد التكيف اجتماعيا وأكاديميا.

 لذلك فعلى الآباء والأمهات أن يحرصوا على تنبيه أطفالهم سمعيا في مراحل مبكرة من العمر مثلما يحرصون على تنبيههم نظريا، عن طريق الصور واللعب المتحركة والملونة ثم ينتقل الطفل بعد ذلك الى مرحلة اصدار أصوات مكونة عادة من حرفين مثل الكلمات الشائعة في الأيام الأولى من النطق وهي كلمتي، (ماما وبابا).

واجب الأم يبدأ من هنا في تشجيع طفلها على تفهم معاني الكلمات وهناك عدة طرق للتوصل الى ذلك فيمكنها مثلاً أن تبدأ في التشديد اللفظي على كلمة معينة ككلمة (هيا نخرج)) عندما تخرج طفلها من عربته أو سريره وتكرر نفس الجملة عندما تخرج به من المنزل، ثم تكرر كلمة (الى أعلى) عندما ترتفع ذراعيه لتلبسه ملابسه أو لتحمله من السرير.

⭐ من المفيد أيضا ولكي تكون الام النافذة الحقيقية لتعلم الأبناء الكلام والالتزام بالآداب العامة وهم في مرحلة بناء الاساسات، هو عدم تسميعهم الكلمات النابية والالفاظ المسيئة للآخرين وان كانت في محل مزاح

 بهذه الطريقة يتعلم الطفل ربط المعنى بالصوت كما يمكن للأم أن تشير الى أجزاء من جسمها أو وجهها وتنطق معناها مثل (الشعر والعينين والانف)، وغيرها ثم تضع أصبعها على شعر الطفل وتكرر نفس الكلمة (شعرك) ثم تدعو الطفل الى لمس شعرها وشعره وهي تكرر نفس الكلمة، اما بالنسبة للتعليم عن طريق اللعب فيمكنها أن تسأله (أين بابا) وتشير إلى الأب وتقول له (هذا هو بابا) ثم تسأله من جديد (أين بابا) وتشجع الطفل على أن يشير بيده اليه وهكذا مع تغيير الأشخاص.

 كما بمقدور الام أن تثري لغة الطفل عن طريق إفهامه بعض المعاني مثل هذا الكأس مملوء وهذا القدح فارغ مع التوضيح في الحالتين الأولى والثانية، وفق هذه الطرق البسيطة يتعود الطفل على صيغة الكلام الصحيح واللفظ السليم ليتمكن فيما بعد من الحديث مع الأطفال في المدرسة او أماكن اللعب دون عوائق او صعوبات قد تواجهه في إيصال المعنى.

وتشير الأبحاث إلى أن الأمهات يتكيفن طبيعيا مع مستوى لغة أطفالهن التي تتكون عادة من جمل قصيرة أو ترديد كلمات يسمعونها، اذ يجب على الأم أن تعيد نطق الكلمة التي يرددها الطفل بطريقة صحيحة دون التشديد على الحروف لإبرازها كما يفعل البعض لأن هذه الطريقة تقدم للطفل صورة مشوهة للكلمة فيتعلمها كما ترددها الأم التي تضطر بعد ذلك الى تصحيحها له.

استمرار الطفل على اللفظ الخطأ لفترة معينة يحتاج الى فترة مشابهة لتصحيح الأخطاء، وبذلك يكون الاهل قد دخلوا بدوامة أخرى من الدوامات المتعلقة بالتربية المنزلية وضرورة إخراج الأطفال وحمايتهم من مؤثرات المحيط الخارجي الخاصة بالأخلاق والتعامل مع الآخرين.

من المفيد أيضا ولكي تكون الام النافذة الحقيقية لتعلم الأبناء الكلام والالتزام بالآداب العامة وهم في مرحلة بناء الاساسات، هو عدم تسميعهم الكلمات النابية والالفاظ المسيئة للآخرين وان كانت في محل مزاح، فالطفل بهذه المرحلة لا يميز بين الجد والمزاح ويأخذ كل ما يسمعه على انه امر مُسلّم به ويصح تداوله فيما بعد، لذا فمن الصحيح تجنب ذلك لنصل الى بيئة تربوية خالية من الشوائب.

عن المؤلف

سُرى فاضل

اترك تعليقا