حدیث الناس

صحوة المرشحين أيام الانتخابات .. خير إن شاءالله!

أين كنتم طيلة السنوات الماضية؟

سؤال بسيط يوجهه الناس الى المرشحين لانتخابات مجالس المحافظات المزمع اجراؤها في شهر كانون الاول القادم.

لن نتعِب القراء في الحديث عن الديمقراطية، و فوائد التمثيل في المؤسسة التشريعية ضمن النظام البرلماني المعتمد في العراق، ثم في الانتخابات المحلية او ما يُسمى في بعض البلدان “البلدية”، لأن حاجة العراق والعراقيين ليست كحاجة من هم في اوربا، واميركا، واليابان، وسائر البلاد الغربية المتقدمة في تطبيق الديمقراطية، وإنما نحن في وضع تحت الصفر –إن جاز التعبير- أمام هذا النوع من نظام الحكم المعقّد، والعراقيون لا يحتاجون بالدرجة الاولى؛ الى الماء والكهرباء والصحة والتعليم والطرق السليمة والمواصلات، بقدر ما يفتقدون الى المفاتيح لكل هذه الخدمات وأبرزها؛ المصداقية، والنزاهة، وهو ما تسعى اليه الكثير من الدول الناجحة في تجربة النمط الديمقراطي في الحكم في تكوين العلاقة المتوازنة بين المواطن والمسؤول.

⭐ هل يتذكر أحدٌ شخصاً من المرشحين بحث في ظاهرة الفقر؛ اسبابها وعلاجها؟ ولماذا يجب على المرأة والطفل العمل في الاسواق، وفي الساحات الترابية بشكل مؤلم، ويعيشون في بيوت الصفيح (التجاوز)؟

بالامكان تعبيد الشوارع و تشييد المدارس والمراكز الصحية وزيادة الرواتب بقرار ثم تنفيذ خلال فترة وجيزة، ولكن هل تتوفر بنفس السرعة المصداقية والنزاهة بحيث يلامسها الناس بكل حواسهم ومشاعرهم؟

هل يتذكر أحدٌ شخصاً من المرشحين بحث في ظاهرة الفقر؛ اسبابها وعلاجها؟ ولماذا يجب على المرأة والطفل العمل في الاسواق، وفي الساحات الترابية بشكل مؤلم، ويعيشون في بيوت الصفيح (التجاوز)؟

وهل سعى أحدٌ منهم لتحسين نظام المرور، وانقاذ الشارع والمواطن من الفوضى القاتلة الى رحاب النظام والأمان؟

وهل سعى أحدٌ منهم الى إعادة العراق الى عجلة الانتاج وإحياء الاكتفاء الذاتي في الكثير من السلع والمنتجات، لاسيما الضرورية منها لحياة الناس؟

وأخيراً؛ هل سعى أحدٌ منهم، وبكل شجاعة للوقوف أمام الاجتياح الثقافي الرهيب الذي اجتاح و احتل عقول الشباب والاطفال، و أصبح يهدد استقرار العائلة والأسرة والمجتمع برمته؟

نعم؛ المرشحون جميعهم يحملون نوايا طيبة، وقد تقدموا للترشيح بصفتهم من أهل المدينة –كربلاء وغيرها من المدن العراقية- بعد أن وجدوا في أنفسهم القدرة على إصلاح الأمور وتقديم الخدمة لابناء مدينتهم، فهم يتوقعون التفاعل والاستجابة من الناس صبيحة يوم الاقتراع، ولا أجدني بحاجة للتنبوء بمستوى المشاركة، والحديث عن مشاعر الناس إزاء التجربة الديمقراطية في العراق بشكل عام، وتجربتهم مع مجالس المحافظات تحديداً، إنما المهم عند الناس ما يلامس واقع حياتهم، فحتى الشخص المتفاعل والمؤمن بجدوائية هذه المجالس، يتساءل بشكل عفوي عن القدرة الحقيقية للفائزين –إن شاءالله- في حل الازمات القائمة، فضلاً  عن تحقيق الوعود والشعارات التي تكون مرفوعة دائماً في أماكن عالية ولم يجدها أحد على أرض الواقع.

⭐ إن القوة الحقيقية للسياسي المسؤول -بكل ما تعنيه كلمة المسؤول- ليست في “مكتب النائب”، ولا في “مكتب المدير”، ولا في الجهة السياسية الداعمة

اعتقد ثمة خطأ غير مقصود ربما ارتكبه معظم المرشحون في إطلاق وعودهم وشعاراتهم الانتخابية في لحظة الاشارة الخضراء من قبل مفوضية الانتخابات، بينما الصحيح؛ تواجدهم مع شعاراتهم و وعودهم بين الناس منذ زمن بعيد.

ولمن يقول: كيف أترك بصمتي على الواقع الاجتماعي والاقتصادي والخدمي، وأنا لا امتلك صفة “نائب”، ثم الاماكانية في التأثير والتغيير في دوائر الدولة، أقول له: إن كنت عاجزاً عن تقديم شيء لابناء شعبك، وأنت موظف، او محامي، او مدرس، أو حتى رجل أعمال تمتلك شخصيتك وقرارك المستقلّ، فكيف تضمن النجاح عندما يكون اسمك بين اسماء هذه القائمة السياسية او تلك، وبين هذه الرؤية والانتماء او ذاك، والمسألة واضحة للجميع.

إن القوة الحقيقية للسياسي المسؤول -بكل ما تعنيه كلمة المسؤول- ليست في “مكتب النائب”، ولا في “مكتب المدير”، ولا في الجهة السياسية الداعمة، ولا حتى في الصفة الاجتماعية، ولا في قوة المال، ولا السلاح، بقدر ما هي في القاعدة الجماهيرية، وفي حب الناس وثقتهم وإيمانهم بصدقه وأمانته وإخلاصه، فهذا هو الذي يرفعه الى الأعلى، ويحقق له الفوز بأي انتخابات، حتى من دون الحاجة لإنفاق كل هذه الملايين من الدنانير التي بلغت حسب مصادر الفيسبوك؛ المليار دينار في بعض المناطق.

عن المؤلف

محمد علي جواد تقي

اترك تعليقا