أسوة حسنة

دور القدوة في تحقيق التطلعات الشبابية.. الإمام علي إنموذجا

يتطلع الناس دائما إلى الأسوة الحسنة، وإلى النموذج الذي يدرسون سيرته وحياته، ثم يحاولون السير على خطاه في طريق الحياة الشاق، في جميع المراحل العمرية يحتاج الإنسان إلى قدوتهِ وأسوتهِ ونموذجه، لكن مرحلة الشباب هي الأقوى حاجة للاقتداء، لأن الروح في قمة توهجها وعنفوانها، والتطلعات الشبابية هي الأكثر بحثا عن التقدم والتطور.

الشاب عادة ما يكون مليء بالحيوية والنشاط والأمل، وغالبا ما يكون ساعيا إلى بناء الخطوة الصحيحة في حياته وبناء الأساس الصحيح، حتى يعلو بناء حياته بالطريقة الصحيحة ويستمر بالنمو والصعود، لهذا هو يحتاج إلى الاقتداء وهذه هي سنّة الحياة، يلمسها كل شاب في مسيرته بالحياة.

⭐ الإمام علي بن أبي طالب، عليه السلام، يمثل لنا نحن الشباب قدوة وأسوة في حياتنا، نأخذ من سيرته وحكمته وخطبه وكتاباته وأحاديثه ورواياته الشريفة أوضح الدروس، وأكثرها تأثيرا في بناء الشخصية الشبابية

الإمام علي بن أبي طالب، عليه السلام، يمثل لنا نحن الشباب قدوة وأسوة في حياتنا، نأخذ من سيرته وحكمته وخطبه وكتاباته وأحاديثه ورواياته الشريفة أوضح الدروس، وأكثرها تأثيرا في بناء الشخصية الشبابية، فالحصول على مجموعة من قيم النجاح هو الجانب الأهم الذي يحتاجه الشاب لبناء حياته، فالحياة بلا قيم لا تستقيم ولا تُبنى ولا تتطور.

ما هي القيم التي نستطيع الوصول إليها إذا توغلنا في سيرة الإمام علي، عليه السلام،، بدءًا من الولادة الشريفة المتميزة في الكعبة المشرفة، مروراً بمرحلة الشباب المبكرة والدور العظيم الذي سطّره الإمام في دعمه لمعلّمه وابن عمه الرسول الأكرم، صلى الله عليه وآله، في بدء الرسالة النبوية سرّاً وعلانية، وكيف قدم، عليه السلام، التضحيات المبكرة في سبيل رسوخ الإسلام وثباته.

ثم تلك الشجاعة الفريدة من نوعها، التي تميّز بها الإمام أمير المؤمنين، شجاعة الموقف، والفعل، والثبات، ورباطة الجأش، ومواجهة أعتى فرسان قريش مثل عمرو بن ود العامري الذي كان صيته يرعب الشجعان كلّهم، لكن الإمام، عليه السلام، على الرغم من كل هذا الصيت المخيف واجهه بقوة الإيمان، ورصانة الموقف/ وعنفوان الشباب المؤمن، فجندله وأطاح به أرضا وتغلب عليه في تلك المبارزة المعروفة تاريخيا.

لا شيء يقف حائلا بين الشباب وبين الثبات والإيمان والتفوق، الخطوة الأهم هي الأسوة والقدوة والنموذج، ومن ثم اغتراف مجموعة القيم الأخلاقية والاجتماعية والعقائد الدينية، والعمل في ضوئها، للمباشرة في وضع الأسس السليمة لحياة تحفل بالالتزام، وتنمو بالقيم الرصينة، قيم الدين الإسلامي، قيم السماء، القيم التي سار عليها الإمام علي، عليه السلام، وقدم من أجلها دمه قربانا للإسلام وللإنسانية.

لقد استشهد الإمام علي، عليه السلام، في مثل هذه الأيام من شهر رمضان، وكان مكان استشهاده هو محراب الصلاة، وهذه دلالة على المكانة العظيمة التي يوليها الله ـ تعالى ـ لوليّه الإمام أمير المؤمنين، فنال الشهادة في أعظم الشهور وفي أطهر الأماكن، وكل الدارسين والباحثين، وكل الوثائق التاريخية والكتب الرصينة توّثق وقائع الاستشهاد، والأسباب التي تقف وراء استهداف الإمام علي عليه السلام.

⭐ القيم العظيمة هي التي يجب أن يؤسس كل شاب حياته عليها، ويبدأ بمحاكاته نموذجه وأسوته وقدوته الإمام علي، عليه السلام، ويسترشد بسيرته

القيم العظيمة التي آمن بها وطبقها في حياته وعهده وحكومته، هي التي صنعت له الأعداء الذين لا يريدون لقيم الخير أن تسود على سواها في إدارة دفّة الحياة، قيم الخير والحرية والعفو والسلام واللين، ثم قيمة الإنصاف التي نادى بها أمير المؤمنين، وطبقها في عهده وحياته بحذافيرها، فلا غبن لأحد أيّا كان انتماؤه الديني أو العرقي أو الثقافي أو سواه، الإنسان غير معرَّض للغبن في عهد الإمام علي، ولا يجوز انتهاك حقوقه، ولا حرمته، لا كرامته، ولا ممتلكاته، ولا رأيه الحرّ.

هذه القيم العظيمة هي التي يجب أن يؤسس كل شاب حياته عليها، ويبدأ بمحاكاته نموذجه وأسوته وقدوته الإمام علي، عليه السلام، ويسترشد بسيرته، ويبدأ حياته المعنوية والفكرية والدينية والعقائدية والعملية أيضا، وهي يسير مهتديا بهذه السيرة العظيمة الخالدة، وهذا ما نلمسه اليوم بين الشباب المتعطّش للحرية والإيمان والبناء الأخلاقي والديني الأمثل.

الشباب المسلم اليوم، في ذكرى استشهاد أمير المؤمنين، عليه السلام، مطالَب بأن يلتزم بالقيم التي آمن بها الإمام وطبّقها في عهده، وحافظ على حقوق المسلمين والمواطنين الذين كانوا من رعايا دولة الإسلام حتى الذين لم يكونوا مسلمين، فالجميع حقوقهم محفوظة في عهد الإمام علي، عليه السلام، وقد ازدهرت منظومة القيم والأخلاقيات التي حافظت على قيمة الإنسان وحريته وكرامته. فحريٌّ بكل شابٍّ منّا، نحن شباب الإسلام، أن نقرأ ونتعمّق في دراسة سيرة الإمام أمير المؤمنين، من لحظة الولادة حتى لحظة الاستشهاد، وما بين هاتين اللحظتين من تاريخ حافل بالعطاء والوفاء والامتلاء بقيم الأرض والسماء، هذه الذكرى المحفورة في قلب التاريخ، يجب أن تدفع بكل الشباب المسلمين إلى التوغّل عميقا في سيرة إمامهم وأسوتهم، وأن ينهلوا منها ما يجعلهم مؤمنين مباركين مجتهدين في مسيرة حياتهم الطويلة.

عن المؤلف

حسين علي حسين/ ماجستير إدارة أعمال

اترك تعليقا