مكارم الأخلاق

قوة الاخلاق ام قوة القانون؟

جميعنا نتفق ان القانون في اغلب بلدان العالم يحكم البشرية وينظم حياة الناس وهذا امر طبيعي جدا ومنطقي، لكن في قبالة ذلك توجد الكثير من البلدان لا يحكمها قانون وضعي وشرطة وغرامات مالية وعقوبات وما شاكل، لكننا نرى الامور الحياتية فيها تسير على وتيرة متواصلة دون ان تسجل خروقات او انه الخروقات في قليلة اذا ما قورنت بحجم سكانها وحجم الحرية الممنوحة لهم، وحين تبحث عن سبب الانضباط تجده انضباط ذاتي اخلاقي وهذه هي قوة الاخلاق واهميتها، فما هي الاخلاق؟

 وماهي عوائدها على المجتمعات الانسانية؟

 وماذا يحدث ان غابت الاخلاق؟

  • ماهي الاخلاق؟

تعرف الاخلاق على: انها صورة راسخة في نفس الإنسان تصدر عنها الأفعال بشكل سهل دونما حاجة إلى فكر ولا روية، وقد تصدر عن هذه الصورة أفعالاً محمودة، أو أفعالاً مذمومة، أي أخلاق حسنة، أو سيئة، والاخلاق عبارة عن جملة من القيم يلتزم بموجبها الانسان بكل الفضائل ويبتعد عن الرذائل التي لا تناسب طبيعة الانسان وفطرته التي فطره الله عليها.

⭐ تعرف الاخلاق على: انها صورة راسخة في نفس الإنسان تصدر عنها الأفعال بشكل سهل دونما حاجة إلى فكر ولا روية

من تعريف الاخلاق نتبنى فرضية ان الاخلاق الحميدة هي الاصل في تكوين الانسان ونشأته، فالخلق الحسن يضم جميع الفضائل التي تسمو بالإنسان، لكن ما يحصل من خروقات اخلاقية هو نتاج البيئة التي تمده بقيم اخرى بديلة عن تلك الاصيلة، وبذا تتلوث فطرته ويكتسب اخلاقاً سيئة كنتيجة للتربية الوالدية الغير سليمة، اضافة الى اصدقاء السوء والاجهزة الإلكترونية التي اصبحت اليوم في متناول الجميع من دون وجود رقابة تحد من الاساءات او عرض المواد التي لا ينبغي لها ان تعرض في العلن كما يحصل في العراق من غياب للأخلاق وغياب للذوق العام ايضاً عند الكثير وليس الكل.

من جماليات الاخلاق انها معدية؛ فالأشخاص الخلوقين في مجتمعهم سيؤثرون في محيطهم باتجاه تنمية هذه الفضيلة واركانها المختلفة مثل الامانة، الوفاء، الصدق، اداء الواجب الوظيفي، ترك الغيبة والنميمة،  ترك التكبر، احترام الاصغر منك وعدم النيل من كرامته، وما الى غير ذلك من الاخلاقيات العظيمة التي شرعت بالانقراض من مجموعة كبيرة من مجتمعنا للأسف.

⭐ بالأخلاق تعم روح التعاون والتكافل بين ابناء المجتمع، والمصداق ما فعله الكثير من الناس حين اجتاحت العالم جائحة كورونا

 على النقيض من هذه القيم قد يتعلم الفرد اخلاقيات سيئة من محيطه فتصبح طباع ثابتة ومؤذية كالسرقة، الكذب الشتم، التعالي، لذا يمكن ان نعمل على اصلاح المجتمع ونشر الأخلاق الفاضلة فيه بإصلاح الفرد أولا، وتنمية مكارم الأخلاق في نفسه ثانيا، حتى ينشرها ويؤثر ايجابياً بالمجتمع الذي يمارس نشاطه فيه وكثيرة هي المجتمعات التي يمارس الانسان فيها نشاطاته.

  • العوائد الاخلاقية على المجتمع:

للأخلاق جملة من الانعكاسات على المجتمع او افراده المتصفين والعاملين بها من اهمها:

1- حين يمتلك افراد المجتمع اخلاقاً فإن ذلك سينشر الأمن بينهم بكل صنوفه، فلا احد يعتدي على مقدرات احد سواء كانت مقدرات مادية ام معنوية فلا جار يؤذي جاره ولا اخ يحرم اخيه من حقوقه، وبذا يأخذ كل ذي حق حقه من الراحة النفسية والاطمئنان.

2- بالأخلاق تعم روح التعاون والتكافل بين ابناء المجتمع، والمصداق ما فعله الكثير من الناس حين اجتاحت العالم جائحة كورونا واصبحت الكثير من العوائل بلا مصدر عيش، حينها ظهرت الكثير من التجمعات الداعمة لروح الانسانية والتكافل والمانعة لقيم الرأسمالية البغيضة التي تحول الانسان الى كائن اناني لا يهمه سوى مصلحته.

3- تدفع الاخلاق اصحابها الى الامر بالمعروف والنهي عن المنكر، فلن تجد صاحب اخلاق يرضى ان يرمى عرض احد من الناس في حضرته دون ان يعترض على ذلك ويأمرهم بالابتعاد عما يصدر منهم والعكس هو الصواب حتماً.

4- تسهم الاخلاق بنشر روح التسامح والتقبل للمختلف دون انتهاك ما يؤمن به شريطة ان لا يصدر منه ما يؤذي، والدليل ان رسول الله صلى الله عليه وآله، لم يقبل بإيذاء من كان معه في المدينة من اليهود ما دام المسلمين منهم بأمان، لما لا وهو من بُعث ليتمم مكارم الاخلاق. كل هذه الايجابيات واكثر تضفيها الاخلاق على المجتمع حين يجعلها هي الحاكم والعكس يعني بالضرورة تفسخ المجتمعات واضمحلالها وتلاشي اثارها على الرغم من وجودها المادي القائم، وهذا ما عبر عنه الشاعر احمد شوقي بقوله: وإذا أصيب القوم في أخلاقهم فأقم عليهم مأتماً وعويلاً.

عن المؤلف

عزيز ملا هذال/ ماجستير علم النفس

اترك تعليقا