فکر و تنمیة

كيف تتخلّص من الإدمان الإلكتروني؟

يصف المختصون والمعنيون بمعالجة الإدمان، بأنه اضطراب في الدماغ يتسم بارتباط قهري بمحفزات نظام المكافأة في الدماغ، وعلى الرغم من تورط عدد من العوامل النفسية والاجتماعية في الإدمان، إلا أن العملية الحيوية (البيولوجية) – العملية التي يسببها التعرض المتكرر لمحفز الإدمان – هي العلة المرضية الأساسية التي تدفع نحو تطور الإدمان واستمراره.

وفي تفسير آخر للإدمان، يؤكد المختصون على أنه اضطراب في نظام المكافآت في الدماغ ينشأ من خلال آليات النسخ وعلم التخلُق، ويتطور مع مرور الوقت نتيجة التعرض المزمن لمستويات عالية من محفز الإدمان، فهل الإدمان مرض يصيب الإنسان؟

يقول المختصون: إن الإدمان مرض عصبي يتصف بالاستهلاك القهري للمنبهات المجزية على الرغم من العواقب الضارة، أما السلوك الإدماني فهو سلوك يتصف بكونه مجزيا ومعززا.

⭐ إن الإدمان يجعل الشخص المدمن يفكر بطريقة معينة تجعله دائماً يشعر بالنقص و بالخوف والقلق، والاكتئاب ويحتقر نفسه

إن الإدمان يجعل الشخص المدمن يفكر بطريقة معينة تجعله دائماً يشعر بالنقص و بالخوف والقلق، والاكتئاب ويحتقر نفسه، كذلك يشعر بأنه أقل ممن حوله، مما يجعله ينظر بطريقة غير واعية أو يتعامل مع المجتمع حوله بنظره أو بطريقة معادية.

ويوجد نوعين من الإدمان هما الإدمان الجسمي والإدمان النفسي، الإدمان الجسمي يجعل  الإنسان المدمن يحس بأعراض جسمانية في أعضاء جسمه المختلفة عند الإيقاف المفاجئ للدواء أو عند الانقطاع الغير متدرج، أما الإدمان النفسي فهو يؤثر على الوضع النفسي للمدمن فيصيبه بعدد من الأمراض النفسية كالشعور بالغربة حتى وهو بين أفراد عائلته.

على العموم الإدمان مرض خطير يتسلل إلى بعض فئات المجتمع، لاسيما الشباب، فيزيد هذا المجتمع هشاشة وأزمات، ويضرب الشباب في الصميم، فيشل الطاقة الأكثر حيوية في المجتمع، ذلك أن المجتمعات القوية المتقدمة تتكئ على طاقات شبابها، وكلما كانت شريحة الشباب كبيرة ومعافاة من أمراض الإدمان الإلكتروني وغيره، يكون المجتمع أكثر قوة.

الإدمان له أشكال متعددة ومختلفة، منها الإدمان على المخدرات، وهذا النوع يعد أخطر أنواع الإدمان، لكن خصصنا هذا المقال لنوع آخر من الإدمان وهو الإدمان الإلكتروني فما هو هذا النوع من الإدمان؟

صحيح هو لا يشبه الإدمان على المسكرات أو المخدرات، لكن هذا لا يعني أن الإدمان الإلكتروني لا يشكل خطراً على الإنسان، لاسيما الشاب، حيث يقضي ساعات طويلة وهو منغمس بشكل تام وكلي في عالم الانترنيت ومواقع التواصل الاجتماعي والشوسيال ميديا بشكل عام، وهذا الاستغراق العميق يشكل خطراً على الشاب، لاسيما إذا كان يغوص في المواقع الرديئة والمغرضة.

قد يحدث أن بعض الشباب يستثمر العالم الإلكتروني بطريقة جيدة، وهذا يتبع شخصية الشاب وتربيته وبيئته وأهدافه، وكذلك يتبع المحفزات التي يحصل عليها كي يتطور في مشروعه الإلكتروني الناجح، وهذا ما يسمى بالاستغراق الإيجابي في عالم الإنترنيت أو في العالم الإلكتروني، فهذا العالم ليس سيئا ورديئا بشكل إجمالي، وإنما توجد فيه جوانب إيجابية تساعد الناس والشباب على وجه خاص في الاستمرار بالنجاح.

⭐ هناك إدمان إلكتروني سلبي، وهذا ما نخشى منه على الشباب، خصوصا مع انتشار المقاهي و (الكوفي شوب) بأعداد كبيرة يتسلل إليها الشباب، ويقضون فيها ساعات طويلة من اليوم

لكن هناك إدمان إلكتروني سلبي، وهذا ما نخشى منه على الشباب، خصوصا مع انتشار المقاهي و (الكوفي شوب) بأعداد كبيرة يتسلل إليها الشباب، ويقضون فيها ساعات طويلة من اليوم، وهذا هدر خطير للوقت، صحيح من حق الشاب أن يرتاح ويتمتع، ولكن هذا لا يعني أن يدمن هذه المقاهي ويدمن العالم الافتراضي ويهمل حياته الواقعية.

كيف يمكن أن يتخلص الشاب من مأزق الإدمان الإلكتروني، وهل هو مأزق فعلا يحاصر الناس وشريحة الشباب بوجه خاص؟

الشاب وهو يعيش في مرحلة تسمى (مقتبل العمر) لابد أن يؤسس لحياته بطريقة صحيحة وأسس ناجحة، فإذا بدأت حياته بالإدمان على المقاهي والعالم الإلكتروني، فهذا يعني تدميراً للخطوات الأولى المهمة في حياة الإنسان لأن (مقتبل العمر)، نقطة الانطلاق والبداية نحو حياة عامرة بالثقة والقيم والإصرار على النجاح.

من الأمور الواقعية إن الشاب والناس عموما لم يعد بمقدورهم مغادرة عالم النت بشكل تام، وهذا أمر غير واقعي، لأن حياتنا العملية والدراسية والمالية وغيرها من الأنشطة باتت كلها مرتبطة بشكل مباشر بالعالم الإلكتروني، فلا يمكن الخلاص من هذا الواقع، ولكن يمكن ترويضه والتعامل معه بطريقة وسطية تضمن منه أكبر قدر من الفائدة للشباب.

هناك خطوات عملية يمكن اتباعها من قبل الشاب لتقليل أضرار الإدمان الإلكتروني، منها:

  • تنظيم الوقت وعدم الإفراط في تضييع الوقت.
  • الابتعاد عن اللامبالاة في هدر ساعات النهار أو الليل في الكوفي شوب.
  • الابتعاد عن الأصدقاء الذين لا يهتمون للوقت، وغالبا تجدهم متعلّقين بالمقاهي ولا يهمهم هدر الوقت ولا يحسبون له أي حساب.
  • محاولة تخصيص أوقات للرياضية في الملاعب الفعلية بعيداً عن شاشة الموبايل.
  • يجب أن تشعر بالجدية حيال تنظيم الوقت ونوع الأصدقاء وقضاء وقت مفيد خارج الفضاء الإلكتروني.
  • الانتباه لما تميل له نفسك من قضايا إيجابية، وتنمية ذلك بقوة واستمرار.
  • عليك أن تبذل ما في وسعك لملء فراغك، لأن الفراغ هو السبب الأقوى للإدمان الإلكتروني.

وأخيرا يجب أن تتحلى بإرادة قوية لتنفيذ خطوات التخلص من هذا الإدمان، لأن الأمر يتعلق بنفسك، بحاضرك، وحياتك، ومستقبلك.

عن المؤلف

حسين علي حسين/ ماجستير إدارة أعمال

اترك تعليقا