تربیة و تعلیم

تجربة التعليم الالكتروني في العراق

” في التجربة علما مستأنف” هكذا قال سيدنا ومولانا أمير المؤمنين علي ابن طالب، عليه السلام، وإظهار معنى ما يقول نعتقد يسبب غموضا لشدة وضوحه، وتقديم هذا القول غاية منه ليس بيان حكمة نتعلم منها بقدر ما نقدمها كشاهد من باب فذكر ان نفعت الذكرى.

 وعليه يجب أن نضع بالاعتبار تجربة ما مر به التعليم في بلدنا الحبيب خلال الفترة التي يصح أن نطلق عليها فترة انتشار وباء الكارونا، وتلك أشد أزمة جعلتنا أمام أمر واقع لابد من اتخاذ أسلوبا نتجاوز به تلك المحنة لإيصال ما يجب إيصاله الى المتعلمين.

 وبعيدا كما هو معروف وبدل الانقطاع والتوقف وظّف اضطراراً التعليم الالكتروني كحل بديل عن التعليم التقليدي، ولعل في بلدان أخرى لم يكن هذا الحل جديدا عليها، لاسيما وان التعليم الالكتروني بدأ ظهوره وشيوعه مع شيوع تكتلوجيا المعلومات المختلفة، ألا انه في العراق يمكن ان نقول ظهر ظهوراً جديدا، وان كانت أدبيات هذا التعليم ومضامينه المعرفية كانت متوفرة في بطون مناهج ومواد التدريس المتخصصة.

📌 كما هو معروف وبدل الانقطاع والتوقف وظّف اضطراراً التعليم الالكتروني كحل بديل عن التعليم التقليدي، ولعل في بلدان أخرى لم يكن هذا الحل جديدا عليها، لاسيما وان التعليم الالكتروني بدأ ظهوره وشيوعه مع شيوع تكتلوجيا المعلومات المختلفة

 وهذا ليس مهما إنما المهم هو أن ننتفع من هكذا تجربة جعلتنا نتمكن قدر الإمكان من ان نواكب هذا النوع من التعليم لتحقيق ما يمكن إيصاله بالتعليم التقليدي، لكن الذي حصل هو وتطبيقا لهذه التجربة الجديدة في التعليم، هو أنه يحقق تعلما بقدر ما حقق تعليما مقصودا، وهذا من الأمور المهمة التي يجب ان نلتفت لها وعلى مستوى الحصة الواحدة.

 ولعل مستفهم قد يستفهم ما الذي يجب فعله إن لم يكن غاية التعليم هو إيصال ما يجب توصيلة من معلومات ومعارف؟

 والإجابة عن مثل هكذا استفهام يوضحها التجربة التي مر بها التعليم، وكما اشرنا سابقا خلال فترة وباء كورونا، اذ نجد معظم المواد الدراسية التي تقدم بها الأساتذة لطلابهم هي عبارة عن محاضرات مطبوعة، وبدور الأستاذ يقدم المهارة لتفهيم المتعلمين وبحسب نوع المهارة المعطاة.

📌 العملية التعليمة ليست عملية نقل حرفية للمعلومات، بل هي عملية إحداث تغيير في سلوك المتعلم من خلال المنبهات التي تحرك ذلك

 وهذا ما يجعلنا امام طريقة تعلم ناقصة غير مكتملة لان في العملية التعليمة وعلى مستوى الحصة الواحدة لابد من تقويم حقيقي، بناءً على  مقياس محدد يقاس من خلاله مدى تحقق ذلك الفهم، وهذا ما نفتقده في عملية التعلم خلال هذه التجربة التعليمية التي مررنا بها.

 إذ نجد معظم الاختبارات تكون من محتوى محدد مسبقا للمتعلمين، أي المادة المطبوعة والمعطاة للطلبة وهذا يكفل لنا ليس اختباراً، بقدر ما نقول إعادة صياغة أو نقلا حرفيا لما هو موجود في المادة التعليمية.

 وهذا يوضح لنا ان ابسط مستوى من مستويات المعرفة لم يتحقق وهو مستوى تذكر المعلومات، لأن المتعلم ينقل نصا ما يراد منه في الاختبار، والأصح هو يجب أن نفهم ان التعليم الالكتروني هو تعليما، إن أردنا الاعتماد عليه بشكل أساسي أو مستقل عن التعليم التقليدي، يجب أن نفهم انه تعليما ذاتيا، أي بمعنى جعل المتعلم يتعلم تعليما ذاتيا، أي يكون باحثا عن المعرفة ومكتشفا لها ومستنتجا الغاية المطلوبة من التعليم.

و بمعنى أن المعلّم يقدم مفاتيح البحث والاستكشاف لدى المتعلمين ولا يمكن أن يعطي مادة مطبوعة وجاهزة للتعلم، وهذا يفتح لنا بابا مهما من الواجب الدخول فيه وهو مدخل التدريس الذي يجب أن يُعتمد في تطبيقه على نظرية ذات مبادئ وقوانين، تفسّر عملية التعلم وهذه النظرية يجب ان تكون واضحة لدى العاملين في مجال التعليم، لينطلقوا منها في تنفيذ عملية التدريس سوى أكان ذلك من خلال التعليم الالكتروني أم التعليم التقليدي.

فهذه التجربة التعليمة التي مر بها التعليم بشكل عام وفي بلدنا بشكل خاص، يجب ان تكون تجربة نتعلم منها ما يجب ان نتعلمه في سبيل تصحيح مسار العملية التعليمة، ووضع ما من شأنه ان يرفع من قيمة العلم لدى المتعلمين، لان العملية التعليمة ليست عملية نقل حرفية للمعلومات، بل هي عملية إحداث تغيير في سلوك المتعلم من خلال المنبهات التي تحرك ذلك، وكذلك عملية معالجة للمعلومات بالشكل الذي يحقق إدراكا يجعل من المتعلم محللا ومركبا ومطبقا لهذه المعلومات والمعارف المختلفة.

عن المؤلف

م.م حسين رشك خضير/ كلية التربية الأساسية/ جامعة ميسان

اترك تعليقا