فکر و تنمیة

التواضع اجتلاب المجد و اكتساب الود

تفرض عليك الايام نوعين اثنين من البشر احدهما يرى نفسه انه الافضل الذي لديه ما يميزه عن الجميع ويتصرف وفق هذه الافضلية الوهمية التي يمنحها لنفسه وكأنه المختلف تماماً عن البشر، وبذا هو يشذ عن القاعدة العامة التي ستعزله في النهاية وتتعامل معه كإنسان متكبر منعزل في صومعته التي لن تحميه من النقد بل تجعله ناشزاً لا اكثر.

اما الصنف الاخر فهو الذي يتعامل مع الحياة ومن فيها ببساطة، وهذه التعامل ناتج من فهمه للحياة وبالتالي عدم غروره بها وبما تعطيه اياه من مرتبة علمية او وظيفية او اية مكانة اخرى، وبالتالي هو يتسامى عن كل هذه الامتيازات ويعدها ادوات للعمل ليس اكثر، هذا هو الانسان المتواضع، فما هو التواضع؟

 وماهي حسناته واثاره؟

  • كيف يفسر علم النفس التواضع؟

يرى علم النفس ان التواضع افضلية تمنح للفرد بمداد خصائص نفسية يعزز عبرها مصالحه مع الاخرين، فهو من حيث إن فهم توجه الآخر يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالتواضع والإنصاف، ولكنه يرتبط أيضاً باهتمامه بالثروة وغيرها من علامات المكانة وميله نحو الترويج للذات، بشكل حاسم فإن التواضع ينطوي أيضاً على رؤية أنفسنا بدقة وعدم التفكير في أنفسنا بدرجة أعلى ولا اقل ورؤية الامور من مناظير موضوعية وواقعية بدلا من الوهم الفوقية التي باتت تقتل الطبيعة الانسانية او تأسرها وتحول البشر الى فئات متصارعة لإثبات الافضلية وعلو الكعب كما هو الحال في الصناعات بأنواعها المختلفة.

⭐ يرى علم النفس ان التواضع افضلية تمنح للفرد بمداد خصائص نفسية يعزز عبرها مصالحه مع الاخرين

والناس المتواضعون هم الذين يكونون قادرين من ادارة حياتهم بطريقة اكثر واقعية، وهم قادرين ايضاً على انشاء روابط انسانية لا ينفرط عقدها لكونها تأسست على اسس رصينة ليست مادية او مصلحية، وهم قادرين على الانخراط في السلوك الإيجابي الاجتماعي،  فأنت ايها الانسان اذا ملكت عقلية أكثر تواضعاً  فأن ذلك يزيد من صحتك النفسية بشكل عام ويضمن أداء الاجتماعي مميز وناجح، وبالتالي حتماً ستكون اكثر فاعلية وقدرة على القيادة والمقبولية المجتمعية على اقل تقدير.

العلاقة بين ما يمتلك الانسان من ادوات عقلية ومهارات وعلوم وبين  نوع شخصيته المتواضعة، عادة ما تكون علاقة طردية، فكلما ارتفع رصيد الانسان من النضج وكبر العقل والفهم والوعي الحقيقي للحياة كلما كان على مستوى كبير من التواضع والبساطة وتقبل الاخرين والتعامل معهم بإنسانية اكثر، والعكس هو الصحيح تماماً فالذين لا يمتلكون كمّاً من الوعي والثقافة والعلم عادة ما يكنون معتدّين بأنفسهم على فراغ وينظرون الى الناس من فوق الجبل،  فـ(ملئ السنابل ينحنين تواضعاً والفارغات رؤوسهن شوامخ).

  • ماهي اقسام التواضع بحسب النفسانيين؟

يقسم النفسانيون التواضع الى صنوف شتى منها:

1-التواضع الثقافي الذي يعني القدرة على الاعتراف بإنجازات الثقافات الأخرى والتعلم منها وعدم التقليل من شأنها كنوع من الحسد او الغيرة او قلة العقل.

2- يمتلك الكثير من الناس تواضعاً فكرياً يتعلق بالصراحة حول وجهات نظرنا ومعتقداتنا وآرائنا وتقبل الآخر ومناقشة افكاره وعدم الاستهانة بها.

 3- يمتلك البعض تواضعاً اخلاقياً يتمخض عنه تعامل انسانية بسيط مع من هم اقل منهم مرتبة او مكانة، وكل احوال التواضع جميلة وتجعل من الانسان انساناً. في الختام نقول: ان التواضع يبقي الانسانية متوقدة ويحي الميت منها بإبعادها عن الغطرسة والتمركز حول الذات والجشع ومغادرة الرحمة والاخلاق والعمل على تحقيق الذات وتعزيز احترام الذات والعمل على التطلعات الانسانية بمختلف صنوفها، لكن ليس على حساب الاخرين في المحيط البشري، بالتالي يفهم أن التواضع في علم النفس على أنه ينطوي على الأنا الهادئة التي تقوم على أساس موقف الرعاية والرحمة تجاه الآخرين، وقانا الله شر المتكبرين وجعلنا ممن انعم عليهم بالتواضع والبساطة.

عن المؤلف

عزيز ملا هذال/ ماجستير علم النفس

اترك تعليقا