فکر و تنمیة

الاطفال وحب التملك … كيف تتشكل هذه العلاقة؟

الصفات الانسانية عموماً على نوعين اثنين: اولهما موروث، واخر مكتسب، وبهذا الاختلاف تختلف درجة تأثيرها على السلوك الانساني، اليوم وفي مقالنا هذا سنناقش واحدة من اهم الصفات الانسانية والبحث في ماهيتها وهي (حب التملك) بالنسبة للطفل الذي يعد النواة الاولى لكل مجتمع وللبشرية على وجه العموم،  فهل يعد حب التملك بالنسبة للأطفال وراثي ام مكتسب؟

 وماهي العوامل التي تذكي هذا الحب، وماذا سينتج من ذلك؟

  • ما هو حب التملك؟

يمكننا تعريف حب التملك على كونه شعوراً داخلياً غير إرادي لدى الإنسان بالرغبة الملحة برؤية أشياء معينة أو كل الأشياء في الوجود كملكية خاصة للشخص وحده ولا يشاركه بها أحد، ولديه السيطرة التامة عليها والقدرة الكلية على التحكم بها.

اسرد لك عزيز القارئ الكريم حكاية حدثت معي شخصياً وربما حدث شبيهها مع الكثير من الناس وهي ان ابني ذو السنة والنصف من العمر حينما يراني امسك بأحد حاجياتي يحاول انتزاعاها مني، من هذا استنتجت ان حب التملك هي طبيعة بشرية متجذرة وليس صنيعة المحيط الا في حالات نادرة.

⭐ علماء النفس والتربية يتفقون على ان حب التملك لدى الاطفال يبدأ من سن السنة تقريباً وبالتحديد عندما يبدأ الطفل بالحركة بشكل أفضل وباللعب بألعابه

علماء النفس والتربية يتفقون على ان حب التملك لدى الاطفال يبدأ من سن السنة تقريباً وبالتحديد عندما يبدأ الطفل بالحركة بشكل أفضل وباللعب بألعابه، ويزيد أكثر عند بلوغ العامين لأن إدراك الطفل يزيد وقدرته على اللعب تصبح أفضل، ومن الممكن ان يستمر على هذه الشاكلة اذا وجد البيئة الحاضنة لهذا الحب او انه يجد بيئة تشاركية اكثر فتنبذ مبدأ حب التملك الضار الذي يكرس روح الانانية في النفس الانسانية.

⭐ تعليم الطفل مبادئ القناعة واحترام ملكيات الآخرين، اذ يجب أن يتعلم الطفل ويعرف أن ليس كل ما في الوجود متاح له

ملاحظة ان الطفل في بداياته يميل الى حب التملك والسيطرة امر طبيعي جداً، اذ تسيطر عليه هذه الرغبة في الاستحواذ على الاشياء والاحتفاظ بها بعيداً عن الآخرين بها حتى لو لم تكن لديهم حاجة بها، مثل مجموعات الألعاب أو الكتب والملابس، ربما يبدو الأمر طبيعياً في بدايته ولا يستدعي القلق، ولكن حين تحول الامر الى هوس يلازم الطفل هنا يمكن اعتبارها وسيلة لتحقيق غايات أخرى وعادة لا يمكن التخلص منها هنا يجب الايقاف او توجيه بوصلة التفكير تجاه هذه الرغبة الى الحد الذي يمكن أن يفضي إليه من منع آثار ونتائج حب التملك

  • هل للحب التملك في الطفل جانب مشرق؟

في حالات معينة يمكن ان يتحول حب التملك من صفة غير محبذة او انها حيوانية اكثر مما هي انسانية، ومن هذه الحالات هي معرفة الطفل لأشيائه التي بذل اهله جهوداً في سبيل توفيرها له وبالتالي يتمسك بها لحمايتها والحفاظ، كما من الجيد انه لا يقرب اشياء الآخرين لكونهم ايضاً انفقوا جهوداً في البحث عن توفيرها ويجب علينا احترام هذه الحقيقة وعندما يدرك الطفل هذه الفكرة يعرف حدوده التي يجب ان لا يعتدي عليها مهما كان المبرر.

  • ما الاسباب الاكثر شيوعاً لنمو هذا الدافع؟

1-اكثر الاسباب تأثيراً في تكوين هذه السلوكية هو الحرمان لدى الاطفال سواء كان حرمان معنوي أم مادي، وبالنتيجة يشكل هذا الحرمان سبباً للرغبة في التملك لتعويض مشاعر الحرمان لديه.

2- الاطفال ضعفاء الشخصية يحاولون تملك الاشياء والسيطرة عليها في رغبة منهم في تكوين مكانة لهم في مجتمعهم كما يعتقد بعض كبار السن ايضاً وليس الاطفال فقط فقد يعتقدون ان امتلاك سيارة فارهة او منزل فخم او غير ذلك من الشكليات سيكوّن احتراماً للانسان.

3- وجود أمراض عقلية أو نفسية  ففي بعض الأحيان يكون سبب وجود هوس التملك والسيطرة عند الأطفال بحالاته المتقدمة هو وجود مشكلة أو اضطراب عقلي أو نفسي لديه مثل حالات جنون العظمة.

4- تقليد الابناء لآبائهم في رغبتهم في اقتناء كل ماهو جديد يجعل الطفل يجنح حد امتلاك ما تمتلكه هذه الشخصيات مثل السيارة أو الهاتف المحمول والعديد من الأشياء الأخرى.

  • العلاج:

لتوجيه صفة حب التملك صوب الايجابية يجب نقوم بالتالي:

  1. اولى خطوات العلاج لأية مشكلة هي تحديد اسبابها ومن ثم ازالتها او تقليل آثارها على اقل تقدير، يعني اذا كان الطفل يعاني من الحرمان نقدم له ما هو محروم منه وبالتالي يبتعد عن هذه الخصيصة السيئة.
  2. تعليم الطفل مبادئ القناعة واحترام ملكيات الآخرين، اذ يجب أن يتعلم الطفل ويعرف أن ليس كل ما في الوجود متاح له وهو ملكه وحده فكما هو لديه ما يملكه ويخصه للآخرين أيضاً ما يملكونه ويخصهم وكما يرغب باحترام الآخرين لخصوصياته يجب عليه أن يحترم خصوصياتهم.
  3.  للحد من هذه الصفة من الضروري العمل على زيادة ثقة الطفل بنفسه وقدراته وبالتالي تتكون لديه قناعة انه يستطيع الاعتماد على نفسه وتعويض الحصول على ما يريد بالاعتماد على نفسه وليس الامر صعباً او معقداً، تلك ابرز العلاجات الممكنة للحد من الامر.

عن المؤلف

عزيز ملا هذال/ ماجستير علم النفس

اترك تعليقا