مناسبات

العقيلة زينب صرخة أكملت مسيرة

رحم الله شيخ الوائلي إذ وصفها بهذه الابيات:

اسفر الصبح  ياشام فقولي

لبقايا الظلام في ألافق زولي

لنسيج الأصنام  وابن الزبعرى

صادحا في نشيده المنقول

خبريه أن الخبايا تجلت

 وتبدى ماكان من مجهول

جولة الباطل انتهت واستقرت

 دولة الحق في مداها الطويل

أين عرش القلوب فيما بناه

عن عرش مزور منحول

اذا قيل إن الاسلام بدؤه محمدي فمن الجدير أيضا القول إن استمراره حسيني وإذا قيل إن ملحمة كربلاء بدؤها حسيني فمن الجدير أن يقال أيضا ان استمرارها  زينبي، فكلمة زينب وحدها، تمثل عبق الحراح، ولوعة المصاب.

مجمل مواقف السيدة زينب، عليها السلام، منذ طفولتها وحتى بلغت مبلغ الشباب، وصولا الى مراحل كفاحها تلك المواقف، ما كان منها على مستوى الأسرة، او على مستوى العقيدة، يعد كل منها سفر للتضحية والإيثار  جدير بالدراسة، والتحليل  واستخلاص ما يحتويه من فضائل واُسس اخلاقية وإيمانية قلَّ نظيرها، ويُستبعد بوجود من يقوم بشبيهاتها، او يقدر عليه إن رغب القيام به.

إن الدوافع النفسية والاحساس بجسامة الموقف والدور المناط ابدعت بها العقيلة، أيما ابداع، وخاضت بنفسها أعباء مواجهة الظالمين والقتلة، مناصرةً للدِين والعقيدة الحقة، ومناصرة لاخيها المحاصر، والعطشان، والمطعون، ودافعت عن ركب السبايا دفاع اللبؤة عن اشبالها، وتصدّت لسفاهة يزيد واعوانه، وقارعته بالحجة، وألّبت قلوب المسلمين عليه وعلى بني امية، بالخطاب تارة، وبالدمعة والندب اخرى، وبالمجالس التي كانت تعقدها في المدينة، حتى أتت تلك الدموع أكلها والبذور ثمارها، بثورة التوابين والمختار للقصاص من هؤلاء الوحوش بهيئة الادمين.

  • أدعيتها ومناجاتها

عُرف عن العقيلة، عليها السلام، تبتلها وخشوعها، وكانت تمضي سحابة ليلها في الدعاء والاستغفار بدرر من الكلم، ولا أبلغ وهي العالمة غير المعلمة، فقد لقمت البلاغة في بيت الرسالة ورضعت القداسة من ثدي العصمة وتربت تربية رسالية على يدي أبيها امير المؤمنين، عليه السلام، فكان لها جلباب جلال وعظمة وطلاقة لسان لا افصح وتراتبية افكار لا اصفى ولا اوضح منها.

ونحن بهذا العصر الذي عصفت به الافكار والأهواء حري بنا ان نسلك ذلك المنهج والطريق الذي خطته العقيلة، عليها السلام، بالزفرات، والدموع السواكب، وحرقة المصاب، ويتجلى ذلك برفع اسمها عاليا كنموذج قدوة، وان تلك الامنيات التي كانت ترددها في الخلوات، اصبحت اليوم وعلى رؤوس الاشهاد: “كد كيدت وناصب جهدك فوالله لا تمحوا ذكرنا ولا تميت وحينا”.

فنحن المسلمون عامة واتباع اهل البيت بالخصوص مطالبون ان تكون مواقفنا زينبية وعلى كل الصعد لمحاربة الزيغ والأهواء.

فسلام عليها يوم ولدت ويوم استشهدت كمدا ويوم تبعث حيا.

عن المؤلف

كريم الموسوي

اترك تعليقا