فکر و تنمیة

ثقافة الاعتراف بالفشل .. أين العرب منها؟

 ان الانسان يسعى لفعل كل ما يمكن ان يوفر له وسائل الحياة الآمنة المستقرة، فيبحث عن كل  الطرق التي توصله الى هذه النقطة تحديداً، في هذا الطريق ليس كل ما نخطط له ندركه، فقد نصل وقد نفشل وهذا امر طبيعي، لكن غير الطبيعي هو عدم اعترافنا في بالفشل في  بلوغ هذا الهدف او ذاك، فلماذا لا نعترف بالفشل؟

 وهل الاعتراف بالفشل حالة صحية ام العكس؟

ليس الخطأ اننا نفشل، لكن الخطأ اننا لا نعترف بفشلنا وبالتالي نستمر فيه إرضاء لأنفسنا وامتناعا من الإقرار الذي يعتقد الكثير من الناس انه يجعل المعترف ضعيفاً امام الناس، لذا يحجم الغالبية من البشر عن الاعتراف بالفشل، وهذه حقيقة راسخة يجب ان تتغيير مع مرور الوقت وتتغيير الكثير من الثقافات الإنسانية نحو الأفضل لدى الكثير من المجتمعات الناهضة والراغبة في التغيير للوصول الى القممم وفي كافة المجالات الحياتية.

  • من يعترف بفشله؟

النفوس القوية فقط هى من تعترف بالفشل وتلجم نفسها عن فعله مرة أخرى، اذ ان  الاعتراف بالفشل هو أول طريق النجاح، وثقافة الاعتراف بالفشل هى جزء من مواجهة النفس، كما أنه فضيلة أكبر من الاعتراف بالحق، فكثيراً ما سمعنا ان النجاح له ألف أب، ولكن الفشل غالبا ما يولد يتيما، وهذا يؤشر غياب ثقافة الاعتراف بالخطأ لدى المجتمعات البشرية والمجتمعات العربية على وجه الخصوص.

⭐ النفوس القوية فقط هى من تعترف بالفشل وتلجم نفسها عن فعله مرة أخرى

يقول احدهم “ان المسافة بين النجاح والفشل متقاربة جدا، رغم التضاد الكبير بينهما، فالفشل كثيرا ما يكون على بعد مليمترات قليلة من النجاح، والعكس صحيح، والأذكياء هم الذين يستطيعون الابتعاد عن الفشل مسافة أكبر، وتحويل هذه المليمترات إلى أميال، والأقل ذكاء هم الذين يفشلون في المحافظة على هذه المسافة فيقعون في المنطقة المحظورة، ويبقى الاعتراف بالفشل هو الفيصل بين أولئك المكابرين الذين يصرون على آرائهم، حتى وهم ينزلقون إلى الهاوية، متشبثين بكل ما في أيديهم من سلطة ونفوذ، وبين أولئك الذين يتعاملون مع الواقع بموضوعية، ويسلمون الراية إلى غيرهم بهدوء، قبل أن ينتزعها أحد منهم رغما عنهم”.

  • لماذا لا يعترف العربي بالفشل؟

من المؤلم ان الانسان العربي تنقصه ثقافة الاعتراف بالفشل رغم ادراكه بفشله حقيقة، ورغم الإخفاق المتواصل أو الأزمة تلو الأخرى، ورغم كل ذلك يصر على كونه ناجحاً  ليبقى في منصب معين او يبقي نفسه كبيراً في عيون الاخرين، والمثال هم السياسيين العراقيين الذين يحكمون العراق بفشل عام كامل، فرغم الأدلة الكبيرة التي يمكن ان تراها في كل مكان، والتي تدل على فشلهم في حكم البلد إلا انهم يرفضون هذه الحقيقة ويحاولون تجميل صورهم للبقاء في سدة الحكم أطول فترة ممكنة يجمعون عبرها الأموال للعيش برفاهية هم واسرهم.

⭐ لابد لنا ان نعترف بالفشل لأنه ليس ضد النجاح بل هو احد الطرق المؤدية اليه

والمثال الآخر هو استحالة اعتراف مدرب كرة قدم عربي ان يصرح بفشله في وضع  الخطة المناسبة لهذه المباراة، مما أدى الى خسارة فريقه، رغم انه يعرف انه السبب الرئيس، لكنه يلقي باللوم على أمور أخرى، ساهمت في خسارته فتارة يقول: ان الحكم لم يكن عادلاً وتارة يقول ان الظروف الجوية لم تكن مناسبة لفريقه الذي لم يعتاد عليها وغير ذلك من التبريرات غير الواقعية والتي يراد منها ابعاد الفشل عنه.

ومن هذين  المثالين الواقعيين من حياة  الانسان العربي اكاد اجزم ان ثقافة الاعتراف بالفشل لا وجود لها في الحياة العربية بشكل عام، مع كونها مهمة جداً للإنسان لتدارك اخطائه، والعمل على إصلاحها اذا ما اردنا التقدم والتطور، لكن هذا لا يوجد حالياً، ولا اعرف فيما اذا تغيّر الامر مستقبلاً نتيجة الانفتاح بين الشعوب واكتساب الثقافات لكن بنسب قليلة، نتمنى ان يتوسع نطاقه ليكون عادة جميلة وصحية.

 في الختام نقول: لابد لنا ان نعترف بالفشل لأنه ليس ضد النجاح، بل هو احد الطرق المؤدية اليه، وهو أيضا ليس نهاية الطريق، بل بدايته التي توصلنا الى نجاحات كبيرة تبقى تخدم الانسان نفسه والبشرية من بعد تماماً، كما حصل مع اديسون مخترع المصباح الكهربائي الذي باءت محاولاته التي زادت على الالف بالفشل، لكنه في النهاية اخترع المصباح الذي لازال يخدم البشرية جمعياً وهذا هو النجاح.

عن المؤلف

عزيز ملا هذال/ ماجستير علم النفس

اترك تعليقا