مناسبات

دلالات  المسيرة الحسينية وزيارة الأربعين

 أصبح الاهتمام بمناسبة زيارة الأربعين  شعيرة إسلامية ترتبط بأهمية العدد الأربعين، وهي عادة قديمة كانت تقام في الديانات الماضية، وأحاديث ايمة اهل البيت ع في زيارة الأربعين، ما ذكره ابن شهر اشوب  في مناقب آل ابي طالب في ذكر شهادة الإمام علي، عليه السلام، عن أبي ذر الغفاري  عن رسول الله، صلى الله عليه وآله: “أن الأرض لتبكي على المؤمن أربعين صباحا”.

عن زرارة  بن أعين عن الإمام الصادق، عليه السلام: “ان السماء بكت على الحسين أربعين صباحا وما اختضبت  امرأة منا ولا ادهنت ولا اكتحلت حتى اتانا رأس عبيد الله  بن زياد وما زلنا في عبرة من بعده”.

 تُعد ظاهرة العزاء الحسيني  من الموروثات  الدينية التي تمتد  جذورها  التاريخية  إلى القرن الأول  الهجري  وتحتل مكانة متميزة، ولها قدسية ومنزلة دينية عظيمة في نفوس المسلمين لاسيما الشيعة، لأن الذكرى الحسينية هي عمل من أعمال الحياة وحافز  يحمل المسلم على تغيير واقع  حياته البائسة.

 ظاهرة الشعائر الحسينية هي من الآثار الواضحة في مسيرة التاريخ  لملحمة الطف الخالدة واستشهاد الامام الحسين، عليه السلام، ظلّت مستمرة منذ ذلك التاريخ وحتى وقتنا الحاضر  ولم توقفها أشد العهود السياسية ظلما وبطشا ضد الشيعة.

  القضية  التي لابد أن نقف عندها  في مثل هذه المواقف  هي قضية التحدي الكبير  الذي ينبثق من ضمير المواجهة مع من يحارب الدين والمذهب  والشعائر الولائية التي  تغيظ أعداء الإمام الحسين، عليه السلام، بما يحمل الوعي من تهديد  كبير يهز  كيانات كل ناصبي مريض.

  • كرامة زائر الأربعين جزء من كرامة الإمام الحسين عند الله عز وجل

وردت روايات كثيرة  دلّت على الأجر العظيم  للخطوات  التي يتحرك  بها الزائر  ومن أبرز  الفعاليات  التي اكدتها النصوص هي المشي لزيارة الاربعين زيارة الإمام الحسين، عليه السلام.

عن معاوية بن وهب قال: دخلت علي أبي عبد الله عليه السلام وهو في مصلاه فجلست حتى قضى صلاته فسمعته وهو يناجي ربه ويقول: يا من خصنا بالكرامة، ووعدنا الشفاعة وحملنا الرسالة، وجعلنا ورثة الأنبياء، وختم بنا الأمم السالفة وخصنا بالوصية وأعطانا علم ما مضى وعلم ما بقي، وجعل أفئدة من الناس تهوي إلينا، اغفر لي ولإخواني وزوار قبر أبي الحسين بن علي صلوات الله عليهما الذين أنفقوا أموالهم وأشخصوا أبدانهم، رغبة في برنا، ورجاء لما عندك في صلتنا، وسرورا “أدخلوه على نبيك محمد صلى الله عليه وآله، وإجابة منهم لأمرنا، وغيظا ” أدخلوه على عدونا، أرادوا بذلك رضوانك. فكافهم عنا بالرضوان، واكلأهم بالليل والنهار، واخلف على أهاليهم وأولادهم الذين خلفوا بأحسن الخلف، واصحبهم واكفهم شر كل جبار عنيد، وكل ضعيف من خلقك أو شديد، وشر شياطين الإنس والجن وأعطهم أفضل ما أملوا منك في غربتهم عن أوطانهم وما آثرونا على أبنائهم وأهاليهم وقراباتهم.

⭐ تُعد ظاهرة العزاء الحسيني  من الموروثات  الدينية التي تمتد  جذورها  التاريخية  إلى القرن الأول  الهجري  وتحتل مكانة متميزة، ولها قدسية ومنزلة دينية عظيمة في نفوس المسلمين لاسيما الشيعة

اللهم إن أعداءنا عابوا عليهم خروجهم فلم ينههم ذلك عن النهوض والشخوص إلينا خلافا ” عليهم، فارحم تلك الوجوه التي غيرتها الشمس، وارحم تلك الخدود التي تقلب على قبر أبي عبد الله عليه السلام، وارحم تلك الأعين التي جرت دموعها رحمة لنا، وارحم تلك القلوب التي جزعت واحترقت لنا وارحم تلك الصرخة التي كانت لنا، اللهم إني أستودعك تلك الأنفس وتلك الأبدان حتى ترويهم من الحوض يوم العطش”.

المشي الي الإمام الحسين، عليه السلام، في الأربعين فيه الكثير من الابعاد والدلالات، فهو تعبير عن التفاعل المبدئي مع قضية الإمام الحسين، عليه السلام، وفيها دلالة على الالتزام الديني، وتعبير عن البعد الانساني والاجتماعي، لان هذه المسيرة المليونية تمثل، حركة يقودها الناس بانفسهم، بحيث يقدّم الواحد منهم خدماته المجانية للزائرين، وينفقون و يشعرون بالفخر والاعتزاز انها تحمل من الابعاد والقيم الانسانية التي لايعدها ولايحصيها  العادون، فهي ملحمة تعبر عن قوة  نهضة الإمام الحسين ع وعلينا ان لاننسى انها مسيرة حزينة تؤكد على الجزع والبكاء لان سمتها الاساسية الحزن والاسى على الإمام الحسين وأهل بيته من الودائع النبوية.

جميع  التحديات التي تواجه المسلمون اليوم وبشكل خاص العراقيين لن تثنينا عن مواصلة طريق الامام الحسين ع مانشهده من تزايد  اعداد الزايرين سنويا انها هي صرخة مدوية في وجه الظلم والظالمين

  • واجبات الخادم والزائر

إن تعظيم شعائر الله واحياء مجالس العزاء لابد أن يكون في مرضاة الله تعالى وتعاليم الإسلام، ولقد أشار الإمام الباقر، عليه السلام الى ذلك بقوله:  “إن اكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم اخلاقا”.

اكد على دورالاخلاق وضرورته لإنه موجب لمرضاة الله تعالى علينا أن نتعاون في حل كل الظواهر السلبية التي تسبب الزحام بين صفوف الزايرين تيمنا بقول رسول الله، صلى الله عليه وآله وإله: “إماطة الأذى عن الطريق صدقة”.

ان غيرتنا على الإمام الحسين، عليه السلام، يجب أن تتجلى في احياء مراسيم الزيارة والعزاء الحسيني وان يكون الهدف من وراء ها تعظيم شعائر الله عز وجل

لماذا قال الإمام الصادق، عليه السلام:  “أن لقتل جدي الإمام الحسين، عليه السلام، حرارة في قلوب المومنين لن تبرد ابدا” هذا الحب والحزن على مصاب الإمام الحسين ومظلوميته هي التي ابقت احياء نهضته عليه السلام، بكل أبعادها لأنها مقرونة بالحديث النبوي الشريف: “احب الله من أحب حسينا”  يعني من يحب الحسين فهو يحب الدين الذي يحبه والقيم والإصلاح الذي يحبه الله والحسين، عليه السلام.

  • لننال رضا الله ورضا الإمام الحسين

ماقام به الإمام الحسين، عليه السلام، في نهضته الإصلاحية كانت امتدادا لدعوة الرسول، صلى الله عليه وآله، لنشر الاسلام وهو الامتداد الطبيعي للنبي، بنص حديثه وإله:  “حسين مني وانا من حسين”.

⭐ المشي الي الإمام الحسين، عليه السلام، في الأربعين فيه الكثير من الابعاد والدلالات، فهو تعبير عن التفاعل المبدئي مع قضية الإمام الحسين، عليه السلام

هنيئا لكل الخدام والزوار ولكل من امتزج مع الحسين ع فكرا وعقيدة وتضحية وولاء لكل الحسينين الذين تحدوا الظلم والفساد ومواجهة الطاغوت والعبودية، والاسلام لا يزال في طريقه لذلك ضحى الحسين ليعود الإسلام إلى مساره المحمدي.

  • في زيارة الأربعين المليونية تتجلى قوة الأمة وعمتها وشرفها وكرامتها

فلم يبق من الأمة الاانتم ياعشاق الإمام الحسين، عليه السلام، وتبقى زحوفكم المليونية المباركة شوكة في عيون الاعداء فهم في حيرة من أمرهم فماذا يفعلون بكم، وما السبيل ليخرجوا الإمام الحسين، عليه السلام، من قلوبكم وبيوتكم، وعقولكم و افكاركم وحياتكم

 فالاعداء ينظرون إليكم من خلال تواجدكم  في المجالس الحسينية في محرم الحرام، ثم ينتظروكم  ليروا ماتفعلون  وكيف تتفاعلون  مع مسيرة  الأربعين المليونية، ليرسموا لكم  الخطط المعادية، ولكن في كل عام تفاجووهم بجديد، ويعطيكم  سيد الشهداء المزيد من الحب والحنان والقوة والتأييد.

فبوركت مسيرتكم، وبورك جهدكم وجهادكم  أيها الحسينيون الابطال، يا من ترسمون أرقى وأنقى لوحة للجمال  في العالم في مسيرتكم  المليونية المظفرة.

عن المؤلف

أ.د سادسة حلاوي حمود ــ جامعة واسط ــ قسم تاريخ الأندلس والمغرب

اترك تعليقا