فکر و تنمیة

أنا مظلوم .. لماذا يعيش الانسان دور الضحية؟

وانت تتصفح وسائل التواصل الاجتماعي تقرأ بين الفينة والاخرى مقطوعة شعرية او نثرية، او عبارة يستميل عبرها الناشر عطف الاخرين عليه والتفاعل مع ما يطرحه، فبعضهم يدعي انه تعرض للخيانة وهم فئة المراهقين العاطفين، وبعضهم تعرض لسرقة النتاج وهم الشعراء والكتاب وما الى غير ذلك من انواع الشعور بالمظلومية التي تعجُّ بها الدنيا، هذه الحالة هي ان الانسان يعيش دور المظلوم، او دور الضحية ما هي مظاهر هذا الدور؟ وماهو سبب الدخول في هذا القالب؟
وكيف الخروج منه؟
يشير مفهوم الضحية إلى الشخص الذي مورس عليه مظلَمة ما، أما مفهوم عقلية الضحية فهو ميل الشخص إلى رؤية نفسه باعتباره ضحية على الدّوام، أي كأنها تتحول إلى هوية، لا إلى حالة مؤقتة متعلقة بحدث ما تعرض له هذا الشخص.

⭐ اعتاد الكثير من الناس ان يظهروا بمظهر المظلوم الذي اخذ حقه عنوة والذي يدعي دائماً ان الآخرين تآمروا عليه


اعتاد الكثير من الناس ان يظهروا بمظهر المظلوم الذي اخذ حقه عنوة والذي يدعي دائماً ان الآخرين تآمروا عليه، فالمدرّس الذي يفشل في الحصول على مقعد دراسي لإكمال شهادة عليا يقول ان المسؤولين عن هذا الامر وضعوا احد محله، والإعلامي الذي لا يحصل على مرتبة متقدمة في مهرجان إعلامي معين، يعزو الأمر الى عدم حيادية لجنة التحكيم، وهكذا الحال تستمر التبريرات المغلفة بالشعور بالمظلومية حتى صار الامر ظاهرة فقليلاً ما تجد احد يعترف بكونه فشل لكونه اقل خبرة او اقل مهارة.
في هذا السياق تقول المعالجة النفسية آشلي إليزابيث في مقالها المنشور بموقع (LIFEHACK): “إنه لا بأس بأن نشعر بالرغبة في البحث عن التعاطف والشفقة بمشاعرنا بين الحين والآخر؛ لكن الاستسلام لتلك الرغبة بصورة دائمة هو ما يوقعنا في فخ دور الضحية”، وهذا الذي يلجأ اليه الكثير من الناس في لحظات الضعف والفشل بكل صنوفه، في محاولة منهم لإرضاء انفسهم مستخدمين بذلك الية التبرير التي هي احدى وسائل الدفاع اللاشعورية التي يمارسها الانسان للانتصار لذاته.

مثال واقعي:

على نطاق العمل واخص بالذكر مكان عملي، ثمة الكثير من الزملاء يدعون انهم ظُلموا في التقييم السنوي على سبيل المثال، لكن تنقصهم الشجاعة في الاعتراض على ذلك التقييم او طلب اعادته، إذ انه يتحدثون عن الرفض في غرفة الاستراحة لكنهم لم ينطقوا ولو كلمة يوصلون عبرها فكرة الى المدير انهم غاضبين عليه لئلا يثير ذلك غضبه وامتعاضه وبذا هم اصبحوا منافقين ومتلونين.
سلوكيات دالة:
تظهر عدة سلوكيات محددة لدى الفرد المصاب بهذه العلة النفسية يمكننا عبرها ان نقول ان هذا الشخص يعيش دور الضحية ومن أبرز هذه السلوكيات:
1- قيام الفرد بتهويل المشكلات التي تواجهه مهما كان حجمها كبيراً فعلاً ام انها مشكلات صغيرة لا تستحق التهويل والتعظيم، فهو يتعامل مع أصغر مشكلة باعتبارها كارثة قد تكون بعدها نهاية العالم.
2- من السلوكيات الدالة ايضاً هو حديث الفرد عن الاخرين الذين يتعامل معهم بسوء لكسب التعاطف فقط وتبرير الفشل.
3- يشعر الذي يعيش دور الضحية بالعجز التام عن إحداث ايّ تغيير في حياته وينعدم لديه التركيز في والوقت الذي يمنحه التفكير بالتغيير شعورا بالقوة، وباستعادة السيطرة على مجريات الأمور الى ما قبل حدوث الازمة او المشكلة.


الدوافع النفسية:

لسببين اثنين لا ثالث لهما يمثل الانسان دور الضحية واستشعار المظلومية وهما:
1- الرغبة في الحصول على الدعم النفسي او استجداء التعاطف للتمويه على الفشل ومحاولة تغطيته، وهو ايضاً هروب من نوع آخر يلجأ اليه الانسان حين لا يملك عذراً منطقياً ولا شجاعة بالاعتراف بالخطأ او الاخفاق.
2- محاولة الفرد الهروب من المسؤولية الملقاة على عاتقه لفشله في تأديتها بصورة جيدة و الفشل في الاتيان بنتائج مرضية فيتبع هذه الطريقة لإبعاد الحرج عن نفسه وارضائها لكي لا يجلد ذاته ويأنبها على تقصير او اهمال ادى الى الفشل.
كيف نرفع هذه الغمة من نفوس المصابين؟

⭐ من الضروري ان يتحمل المسؤولية وفي كافة مناحي الحياة واوجهها وحين لا يتمكن من انجاز المهام لسبب او لآخر فليعترف بعجزه حتى يزود بأدوات النجاح او يستبدل بآخر اكثر منه كفاءة

لكي يخرج الانسان نفسه هذه اللعنة عليه ما يلي:

1- من الضروري ان يتحمل المسؤولية وفي كافة مناحي الحياة واوجهها وحين لا يتمكن من انجاز المهام لسبب او لآخر فليعترف بعجزه حتى يزود بأدوات النجاح او يستبدل بآخر اكثر منه كفاءة.
2- حين يشعر الانسان بكونه ظلم من رئيس عمل او اي شخص آخر عليه البحث عن الاسباب ومواجهة المشكلة وبالتالي الاقتناع بتبرير او استعادة الحق المستلب.
3- بدلاً من لوم الآخرين واتهامهم بتبييت النية على النيل منك حاول ان تراجع حسابتك وتركيز انتباهك على افكار تجعلك اكثر توهجاً والقاً، وبهذه الخطوات يمكن ان يتخطى الانسان مشكلته صوب السير في الحياة سير نابه عارف الى اين هو ذاهب وبالتالي منتج وفعال وهذا هو الانسان السوي.

عن المؤلف

عزيز ملا هذال/ ماجستير علم النفس

اترك تعليقا