فکر و تنمیة

الإسلام والبعد الجمالي للشخصية

بالنظر الى مفهوم الشخصية وما تم تناولها به من دراسات مختلفة تتعلق ببنيتها وتشكيلها الذي تختلف به من إنسان الى آخر، إذ نجد هنالك بعض المفاهيم الضرورية التي قد تشكل وحدة مهمة من وحدات تركيبها في أي إنسان، بل تعتبر الأولى بالاهتمام من غيرها.

وبما ان الشخصية بطبيعتها تمثل انعكاساً لمستوى المعرفة والفهم والاداك الذي يحمله الإنسان، فهي عندئذ يمكن ان تكون بمجموعها مع غيرها محكّاً لإصدار الأحكام التي تتعلق بتصنيف وتحليل وتفسير ما يتعلق بكل مجتمع من المجتمعات.

وهذا ما قد نلتمسه في قول أمير المؤمنين علي، عليه السلام، الذي أكد فيه هذا المعنى: “تكلموا تعرفوا فأن المرء مخبوء تحت لسانه لا تحت طيلسانه”، ونفهم من ذلك ان هذا التركيب لا يتشكّل إلا من خلال محتوى قد نال مستوى عالٍ من الأهمية لدى الإنسان.

 ومما قد يفترض تأكيده أن الدين الإسلامي لم يغفل عن جانب من جوانب الشخصية وأبعادها؛ فنجده قد اهتم بدقائق الأمور وأفضلها في بناء وتكامل الشخصية الإنسانية، ومن هذا نجده قد أكد على الاهتمام بشكل كبير على البُعد الجمالي للشخصية، أو التثقيف لأجل تقدير الجمال والاهتمام به، ومما يجب ذكره ان البعض يعتقد ان الجمال والتجمل هو ثقافة أو تكامل فرضته مزايا العصر الحاضر، إلا أن الحقيقة ديننا الإسلامي قد فتح صفحة هذا الجانب وغرس مفاهيمها منذ اشراقته الأولى والمتمثلة بتراثه الفكري؛ القرآن الكريم، وسنّة نبيه واله الأطهار، عليهم السلام.

⭐ الشخصية بطبيعتها تمثل انعكاساً لمستوى المعرفة والفهم والاداك الذي يحمله الإنسان

 وذلك قد جاء بشكل صريح من خلال الأقوال والأفعال أو بشكل غير مباشر مما تتضمنه النصوص الإسلامية الكثيرة، ومن ذلك قول النبي الأكرم، صلى الله عليه واله: “أن الله جميل ويحب الجمال ويحب أن يرى أثر نعمته على عبده”، فأثر هذه النعمة وهو أظهار الجمال يشمل كل أبعاد الشخصية على مستوى الشكل والفعل، ومما أكد هذا المعنى أيضا قوله، صلى الله عليه واله: “أن الله يحب من عبده إذا خرج الى أخوانه ان يتهيأ لهم ويتجمل”.

 وأيضا مما جاء في قول أمير المؤمنين علي، عليه السلام: “الصورة الجميلة أول السعادتين”، وفي قول الإمام الرضا، عليه السلام: “أروي أن الله تبارك وتعالى يحب الجمال والتجمل ويبغض البؤس والتباؤس وأن الله عز وجل يبغض من الرجال القاذورة”.

التأكيد على ثقافة جمال الشخصية كثير مما قد يضيق في هذا المقام ذكره، والمهم في ذلك نجد ديننا الإسلامي قد وضع موازين لكل شي حتى لا يرجح جانب على آخر فينعكس ذلك بشكل سلبي على شخصية الإنسان، بمعنى ان جمال الشخصية للإناث لها حدودها التي تميزها عن الذكور والعكس صحيح، وان اشترك الجنسين بكثير مما قد يكون له نفس خصائص الجمال.

⭐ الدين الإسلامي لم يغفل عن جانب من جوانب الشخصية وأبعادها؛ فنجده قد اهتم بدقائق الأمور وأفضلها في بناء وتكامل الشخصية الإنسانية، ومن هذا نجده قد أكد على الاهتمام بشكل كبير على البُعد الجمالي للشخصية

 وهذا ليس ببعيد عن واقعنا ونحن نشاهد في محطات التلفاز ومما قد يعترضنا في برامج التواصل الاجتماعي من التجمل المبالغ فيه عند الرجال والنساء، أو التشبّه أحدهما بالآخر، ومما نجم عن ذلك من أثار التميّع وغيرها من الظواهر التي لا تمت الى الإنسانية بشي من الكرامة، وثبات هوية الشخصية والغاية الكبرى التي وجد الإنسان من اجلها.

 التوازن والاهتمام بالجمال الشخصي مطلوب فضلا عن متعلقات الشخصية الإنسانية الأخرى وهذا ما أكده أمير المؤمنين علي، عليه السلام: “من رجح ظاهره على باطنه خف ميزانه”. وكذلك قوله، عليه السلام: “عقول النساء في جمالهن، وجمال الرجال في عقولهم”. ومما يؤكد هذا المعنى أي ضرورة التوازن وعدم التفريط بالتجمل لجانب على آخر قول الإمام الحسن العسكري، عليه السلام: “حسن الصورة جمال ظاهر، وحسن العقل جمال باطن”.

الجمال والتجمل يمثل بُعداً مهماً من أبعاد الشخصية الإنسانية وهو ما تأكد لنا في ديننا الإسلامي حتى عدّه أمير علي، عليه السلام: “مروءة ظاهرة (التجمل)”، فالاهتمام به يجب ان لا يكون غايه بقدر ما هو وسيلة نستشفي منها قيمتها، بالوقت نفسه لا ننسى انه أيضا يمثل مدخلاً من المداخل التي تحدد تقبل الأفكار وتمريرها، لنكون بذلك حذرين امام هذا السعي المفترض، حتى لا نقع ضحية لكل آفة من آفته المختلفة  فينهار البناء التنظيمي لشخصياتنا.

عن المؤلف

م.م حسين رشك خضير/ كلية التربية الأساسية/ جامعة ميسان

اترك تعليقا