فکر و تنمیة

أنماط الاستهلاك السلبي

توجد أنواع مختلفة من الاستهلاك بحسب الجهة المستهلِكة – بكسر اللام-، فهنالك الاستهلاك الفردي، والاستهلاك الجمعي، واستهلاك الدولة، وغالبا ما يكون الاستهلاك المجتمعي هو حاصل جمع الاستهلاكات الفردية القائمة على نمط معين، قد يذهب نحو الإسراف والسطحية، أو نحو الاعتدال والتوازن.

لماذا يشكل الاستهلاك الفردي خطرا على المجتمع، ومتى يحدث هذا الخطر، وقبل ذلك ما المقصود بمصطلح الاستهلاك؟

 إنه بحسب ذوي الاختصاص عبارة عن: النفقات على السلع والخدمات المستخدمة في تلبية احتياجات ورغبات خلال فترة معينة، وهي في العادة سنة تقويمية، ويشمل استهلاك الدولة للبضائع الاستهلاكية كالملبس والمأكل والأدوات المنزلية بالإضافة إلى المواد الخام كمواد البناء والقطن والوقود والمعادن.

⭐ عالم اليوم يعج بالسلع المختلفة، لاسيما تلك السلع التي تدخل في باب الترفيه والتفخيم والشكلية المسطحة والبهرجة المزيفة، وهذه غالبا ما تصيب شريحة الشباب أكثر من المراحل العمرية الأخرى

ويعرف الاستهلاك أيضاً بأنه: الفعل المتحقق من قبل الفرد في شراء أو استخدام أو الانتفاع من منتج أو خدمة متضمنة عدد من العمليات الذهنية والاجتماعية التي تقود إلى تحقيق ذلك الفعل.

ويعرف أيضا بأنه: ذلك الفعل الشخصي الذي يقوم في جوهره على الانتفاع والاستخدام الاقتصادي للسلع والخدمات ومتضمنة عدد من العمليات المترتبة على تحقيق القرار لذلك الفعل.

يعتبر الاستهلاك أحد مكونات الدخل القومي لأي بلد، كما أنه أحد مؤشرات الرفاهية في المجتمع، وتصب كل دراسات سلوك المستهلك في محاولة معرفة مجددات الاستهلاك، وتوازن المستهلك، كما يعتبر الاستهلاك مفهوماً منافساً للادخار؛ حيث يعتبر الأخير تأجيلاً للاستهلاك في الوقت الحاضر إلى استهلاك مستقبلي، وبمعنى آخر على مستوى الاقتصاد الكلي هو تنازل الجيل الحالي عن جزء من الاستهلاك الحالي لصالح الأجيال القادمة.

وبهذا نصل إلى أن الاستهلاك مفهوم اقتصادي يدخل في باب الانتاج والتجارة والتبضّع الجماعي والفردي، وهو يعني تحديدا ما يستهلكه الفرد أو المجتمع من سلع وبضائع متنوعة، منها التكنولوجي، ومنها الغذائي وهو من السلع الأساسية للناس عموما، أو الترفيهي كالسيارات والملابس وغيرها من السلع التي تدخل في باب الاستهلاك الأساسي أو الكمالي.

عالم اليوم يعج بالسلع المختلفة، لاسيما تلك السلع التي تدخل في باب الترفيه والتفخيم والشكلية المسطحة والبهرجة المزيفة، وهذه غالبا ما تصيب شريحة الشباب أكثر من المراحل العمرية الأخرى، فالشباب معروفون بالحيوية والإقبال على الحياة بشراهة، وما يضاعف من هذه الشراهة، الموجات الإعلامية المدروسة والهائلة التي ترافق إنتاج السلع الشبابية، كالملابس والسيارات والدراجات النارية والموبايلات، وسواها من السلع التي تطيح بإرادة بعض الشباب وتجعلهم يتهافتون على السلع الجديدة وكأنهم في سباب محموم.

لقد استغلت الشركات المنتِجة شبكةَ الأنترنيت أبشع استغلال في الجانب الإعلاني الترويجي للسلع المختلفة، وكأنها في سباق مع الزمن، حتى أنها حوّلت وسائل الإعلام المختلفة ومواقع التواصل الاجتماعي إلى ماكنة إعلانية هائلة تحفز فيها الناس على الشراء، وهذه الحملات الترويجية تخاطب الناس وفق عقولهم، فكل فئة عمرية لها محتوى إعلاني يتناسب معها، وهناك ما يخص الشباب ويخاطب ذائقتهم ويحرك احتياجاتهم.

حتى تحولت وسائل الإعلام وخصوصا مواقع التواصل الاجتماعي إلى ساحة إعلانية استهلاكية مفتوحة لجرّ الشباب نحو نزعة التسوق، ومخاطبة غرائزهم وشهواتهم، من خلال السلع البراقة والمحتويات المثيرة، فتدفع بالشباب إلى ثورة هائلة من الاستهلاك غير المنظم وغير الخاضع لمعادلة الحاجة الفعلية التي يحتاجها الشباب، فيستهلك أكثر مما يحتاج، ويغالي في قضية الشراء والاقبال المجنون على اقتناء السلع المختلفة.

⭐ الشاب هو أول المسؤولين عن حماية نفسه من ثقافة الاستهلاك المخادع، وهو أول من عليه التصدي لأكاذيب الماكنة الإعلانية عبر مواقع التواصل الاجتماعي و وسائل الإعلام الأخرى

وبدلا من ان تكون مواقع التواصل منصة للتثقيف وزيادة الوعي الشبابي، تحولت من قبل هذه الشركات التي تمتلك ماكنات إعلانية وإعلامية ضخمة، تروّج لمنتجاتها بألف طريقة وطريقة، وبما يؤثر بشكل كبير وغير عادل على أذواق وأفكار الشباب، بحيث يدفعهم نحو الشراء والاستهلاك الشكلي المريض، وهو أخطر أنواع الاستهلاك حين يشتري الشاب ما لا يحتاجه لمجرد تأثره بالإعلان والتسويق التجاري المضلِّل.

هذه النزعة الاستهلاكية الخطيرة تقف وراءها جهات تبحث عن النفع الاقتصادي بغض النظر عن الأضرار التي تلحقها بالبشر أو بالطبيعة، لأن الهدف الأول لديها هو الربح وبأي طريقة كانت، إذ لا مبادئ إنسانية تمنعهم ولا قوانين، لأنهم هم الذين يتحكمون بالقوانين التجارية على مستوى العالم، لهذا يجب أن يتنبّه الشباب إلى أن الحماية الأكبر والأهم هي الحماية الذاتية أولا.

فالشاب هو أول المسؤولين عن حماية نفسه من ثقافة الاستهلاك المخادع، وهو أول من عليه التصدي لأكاذيب الماكنة الإعلانية عبر مواقع التواصل الاجتماعي و وسائل الإعلام الأخرى، وهذا التصدي يحصل بالوعي الشبابي الذي يوازي هذه الأكاذيب ويتفوق عليها بالكشف عنها والتصدي لها، ومن ثم الذهاب نحو الاستهلاك الرصين المتوازن. ليس المطلوب من الشاب أن يحرم نفسه مما يحتاجه من السلع المختلفة حتى الترفيهية منها هي استحقاق إنساني له، لكن من المهم أن لا ينجرف وراء النمط الاستهلاكي الشكلي أو السطحي وبعضهم يسمونه بالاستهلاك الكمالي، والمهم في هذه المسألة أن يكون الشباب في قمة الوعي لمواجهة وكشف الموجات الإعلانية المغرضة التي تريد أن تستدرجهم إلى الإسراف والتبذير دونما حاجة حقيقية لهذا الاستهلاك.

عن المؤلف

حسين علي حسين/ ماجستير إدارة أعمال

اترك تعليقا