فکر و تنمیة

كيف تصنع فرصتك بنفسك؟

نقرأ أو نسمع أحيانا أقوالا كثيرة عن صناعة الفرص في حياة الإنسان، فما المقصود بالفرصة؟ ولماذا يحتاجها الإنسان في حياته؟ و كيف يتمكن الإنسان من صناعة فرصته بجهد ذاتي فردي؟ وهل يمكنه ذلك فعلا؟

تبدأ عملية البحث عن الفرص الجيدة مع بداية مرحلة الشباب، هكذا يقول بعض العارفين بشؤون الحياة، ولكن مع تقدم البشرية في المجالات المختلفة، خصوصا الصناعة والتكنولوجية والمعلوماتية، بدأ التركيز على حصد الفرص في مراحل مبكرة من حياة الإنسان، أي في طفولته، حيث يسعى الأبوان أو أولياء الأمور إلى استثمار الفرص المتاحة للطفل بحسب القدرات والمواهب التي قد تظهر عنده مبكرا.

⭐ الطفل بطبيعة الحال لا يستطيع استثمار فرصته بنفسه، لأنه يعيش طفولته وهو في طور تنمية مهاراته المختلفة، اللغوية و العملية و العلمية وغيرها، أما في مرحلة الشباب فالأمر يختلف في هذه الحالة

الطفل بطبيعة الحال لا يستطيع استثمار فرصته بنفسه، لأنه يعيش طفولته وهو في طور تنمية مهاراته المختلفة، اللغوية و العملية و العلمية وغيرها، أما في مرحلة الشباب فالأمر يختلف في هذه الحالة، حيث يكون الشاب في حالة وعي ومعرفة، ويمكنه اكتساب المهارات والخبرات المختلفة من خلال الملاحظة والمعايشة والتجريب المستمر، فضلا عن كسب المعلومات المختلفة من خلال القراءة، أو المشاهدة، ومن ثم التجريب الذاتي.

الركيزة الأخيرة، وهي التجريب الذاتي تعد من أهم ما يحتاجه الشاب في حياته لكي يصنع فرصته بنفسه، والتجريب الذاتي يقوم على ما يلي:

  • أولا: دقة الملاحظة

وهذه النقطة تتطلب من الشاب أن يختار العمل أو التجربة أو المنتَج الذي ينوي تجريبه، فإذا كان سلعة معينة مادية، عليه أن يعرف تفاصيلها جيدا، ومن ثم معايشة الشخص الذي يقوم بصناعتها، ويتابع خطوات الصنع خطوة خطوة، ويدقق في هذا كثيرا، ولا يتردد من توجيه الأسئلة إلى الشخص الصانع حول المفاصل الغامضة أو غير المفهومة في صناعة هذه السلعة أو تلك، حتى تكون مهمة اكتسابه للمعلومات ليست صعبة ولا معقدة.

  • ثانيا: ما فائدة السلعة؟

لا يمكن للشاب أن يقتل وقته وجهده في تعلّم صناعة سلعة لا يعرف ما هي قيمتها، وإلى أي مدى يحتاجها الناس، وما هي درجة الإقبال عليها، بمعنى على الشاب قبل أن يقرر اسثمار وقته وجهده في تعلّم إنتاج هذه السلعة أو تلك، سواء كانت مادية أو غيرها، فإنه قبل ذلك عليه أن يدرس جيدا هذه السلعة، وما هي سعة الآفاق المفتوحة أمام ترويجها.

  • ثالثا: توافر الاستعداد المسبق للتجريب

يستطيع الشاب، أي شاب، أن يحدد بنفسه مدى قدراته ومؤهلاته على الدخول في هذا المجال أو ذاك، إذ يجب أن يتوفر لديه الاستعداد المسبق للتجريب، بمعنى يجب أن لا يكون هناك تعارض من أي نوع كان، بين مؤهلات ومواهب الشاب، وبين المجال التجريبي الذي ينوي الدخول فيه، وهذه المعرفة هي التي تصنع الاستعداد المسبق للشاب كي يخوض هذه التجربة أو يتركها لغيره من الشباب.

⭐ من أهم أركان التجريب والتعلّم هو الصبر، وهذا يعني أن الشاب الذي يقرر الدخول في هذا المجال التجريبي أو ذاك، عليه أن يتحلّى بأكبر قدر ممكن من الصبر

  • رابعا: الفائدة المادية

إن الشاب في هذه المرحلة يبدأ مرحلة البناء بكل أنواعه، البناء الشخصي، والبناء الفكري، والبناء الديني الذاتي، والبناء العملي أيضا، ولهذا حين يدخل في عملية التجريب بهذا المجال أو ذاك، لابد أن يعرف مسبقا سقف الفائدة التي يمكن أن يجنيها من هذه التجربة أو تلك، وليس في صالح الشاب أن تكون النتائج مجهولة لديه، وهذه العملية تشبه تقريبا الجدوى الاقتصادية في إنشاء مشروع معين.

  • خامسا: عدم الإسراع في قطف الثمار

من أهم أركان التجريب والتعلّم هو الصبر، وهذا يعني أن الشاب الذي يقرر الدخول في هذا المجال التجريبي أو ذاك، عليه أن يتحلّى بأكبر قدر ممكن من الصبر، لأن الأخير يساعد الشاب في تحقيق أهداف مهمة في حياته ومنها، إنه يستطيع إتقان التجربة بشكل أفضل مما لو كان متعجلا أو غير صبور، كذلك يتعلم التركيز والجودة بعيدا عن التسرّع، وكذلك يمكنه بناء مشروع مهم من تجريبه في هذا المجال أو ذاك لأنه تعلّم الصبر جيدا. بهذه الطريقة المتسلسلة و الواضحة، يستطيع الشاب أن يصنع فرصته بنفسه، وكذلك يستطيع الاستمرار في التطور، وتحقيق التنمية الإنتاجية المستدامة، سواء في مشاريعه الفردية، أو في نقل تجاربه إلى غيره من الشباب، أصدقاء أو زملاء أو أقارب، فالمهم أن ينجح في صناعة فرصته بنفسه، ولا بأس في أن ينقل تجربة النجاح هذه إلى غيره من الشباب المتطلعين إلى إنجاز فرصهم بأنفسهم.

عن المؤلف

حسين علي حسين/ ماجستير إدارة أعمال

اترك تعليقا