بيئة وصحة عامة

جدري القرود ومخاوف انتشاره

هو مرض فايروسي حيواني المنشأ ينتقل من الحيوانات إلى البشر، مستوطن في غرب ووسط أفريقيا، وينتشر في عوائل الحيوانات البرية ويظهر بصورة دورية ليؤثر على البشر والحيوانات  البرية وخاصة القوارض.

تعد فايروسات جدري القرود في حوض نهر الكونغو شديدة الضراوة، حيث تقدر معدلات الوفيات البشرية أثناء المرض في أجزاء من إفريقيا بحوالي 10٪، تُلاحظ الوفيات أحيانًا عند الأطفال الصغار، والأفراد المعرضين بالإصابة الجرثومية الثانوية أو المضاعفات النادرة مثل التهاب الدماغ، والأشخاص الذين يعانون من نقص المناعة.

تم تسجيل  جدري القرود كحالات فردية في حيوانات برية حول العالم خلال الفترات الماضية، وقد ظهرت الحالات البشرية دائمًا وتقريبًا في إفريقيا، لكن انتشار المرض بشكل كبير كان في  نيجيريا في 2017-2018 نتيجة  لبعض الحالات من  المسافرين إلى أوروبا وآسيا، وحدثت حالة واحدة في الولايات المتحدة في عام 2003 مرتبطًا بانتقال الفياروس بين الحيوانات الأليفة الغريبة ومن الحيوانات المستأنسة، ويمكن أن يساعد التشخيص الفوري لجدري القرود المستورد في منع ظهور هذا المرض خارج .

  • الاسباب والمضيف للفايروس

المسبب لمرض  جدرى القرود هو  فايروس جدري القرود، وهو  من عائلة  فايروس الجدري، أما المضيف او الخازن للمرض فهو غير مؤكد، ولكن يُعتقد أنه واحد أو أكثر من القوارض الأفريقية أو الثدييات الصغيرة؛ جنسان من السناجب الأفريقية، السناجب الحبل. السناجب الشمسية، وهي من بين أفضل المرشحين كمضيفي للمرض، وأنواع أخرى من القوارض الأفريقية .

  • وبائية المرض:

كُشِف لأول مرّة عن جدري القردة بين البشر في عام 1970 في جمهورية الكونغو الديمقراطية اصابة لصبي عمره تسع سنوات كان يعيش في منطقة استُؤصِل منها الجدري في عام 1968. واستمر تسجيل الحالات في المناطق الريفية في جمهورية الكونغو الديمقراطية، والتي اندلع فيها المرض في عامي 1996 و1997.

📌 كُشِف لأول مرّة عن جدري القردة بين البشر في عام 1970 في جمهورية الكونغو الديمقراطية اصابة لصبي عمره تسع سنوات كان يعيش في منطقة استُؤصِل منها الجدري في عام 1968

 وأُبلغ عام 2003 عن وقوع حالات مؤكّدة من جدري القردة في  الولايات المتحدة الأمريكية، مما يشير إلى أنها أولى الحالات المُبلّغ عنها للإصابة بالمرض خارج نطاق القارة الأفريقية، المصابين به كانوا قد خالطوا كلاب البراري الأليفة.و في عام 2005 في السودان وانتشارأخرى للمرض بجمهورية أفريقيا الوسطى في الفترة الواقعة بين آب وتشرين الأول 2016.

  • انتقال المرض:

الفايروس موجودة في الآفات الجلدية ومعظم أو كل الإفرازات مثل؛ البول والبراز وافرازات الفم  والأنف والملتحمة في الحيوانات، وتشمل طرق الانتقال الاستنشاق والاتصال  المباشر مع  شقوق الجلد وابتلاع الأنسجة المصابة.

 يمكن لكلاب البراري المصابة تجريبياً طرح فيروسات جدري القرود حتى 21 يومًا بعد الاصابة، و بعض الحيوانات الصغيرة  مثل الفئران  قد تحمل هذا الفيروس لبضعة أسابيع أو أشهر. وفي أنسجة وبول وبراز حيوان الزغبية (نوع من القوارض) لمدة 6 أشهر على الأقل .

مرض جدري القرود

يمكن أن يصاب البشر بالعدوى عن طريق لدغات الحيوانات، أو الاستنشاق أثناء الاتصال الوثيق، أو عن طريق الاتصال المباشر مع الآفات أو الدم أو سوائل الجسم، و في إفريقيا؛ نتيجة التعامل مع الحيوانات البرية وإعدادها وأكلها، او عن طريق الاتصال الجنسي في حالات قليلة، اذا كانت هناك آفات على الأعضاء التناسلية، او  العدوى عبر المشيمة وانتقال العدوى من شخص إلى آخر، وفي الولايات المتحدة، حدثت معظم الحالات بين الأشخاص الذين كانوا على اتصال مباشر وثيق مع كلاب البراري نتيجة  خدوش وعضات أو من خلال جروح مفتوحة، فتم عزل الفيروس من البشر لمدة تصل إلى 18 يوماً بعد ظهور الطفح الجلدي، وتبين أن قشور الجرب أثناء التعافي تحتوي على كميات كبيرة من الفيروسات المعدية.

  • علامات المرض واعراضه:

تتراوح فترات الحضانة في الحيوانات المصابة من ثلاثة أيام إلى حوالي أسبوعين في معظم الحالات ويمكن ان تتراوح بين 5-21 يوم، وقد تصل  الحضانة (11 إلى 18 يومًا) في كلاب البراري .

أما في الانسان، جدري القرود يشبه الجدري البشري، مع ظهور طفح جلدي ولكن الأعراض بشكل عام أكثر اعتدالًا، وعلى عكس الجدري، عادةً ما تتضخم الغدد الليمفاوية – وإن لم يكن دائمًا-.

 وفي أغلب الأحيان يبدأ المرض بأعراض تشبه أعراض الأنفلونزا والتي قد تشمل الشعور بالضيق والحمى والقشعريرة والصداع والتهاب الحلق وآلام العضلات وآلام الظهر والتعب والغثيان والقيء والسعال الجاف، مع احتمال أن يكون تضخم العقد اللمفية موضعيًا أو معممًا.

يصاب معظم المرضى بطفح جلدي بعد يوم إلى عدة أيام من بدء الشعور بالمرض، على الرغم من وجود حالات لاحظ فيها المرضى بعض الآفات الجلدية، على سبيل المثال، في موقع عضة حيوان أو خدش، أو في الفخذ، قبل وقت قصير من الشعور مريض.

 عادة ما تتركز الآفات الجلدية على الأطراف، بما في ذلك الراحتان والأخمص، ولكن يمكن رؤيتها أيضًا على الرأس والجذع، وكذلك الأغشية المخاطية والأعضاء التناسلية، وهي تختلف في العدد من أقل من 25 إلى أكثر من مائة كما هو الحال في الحيوانات.

عادة ما تبدأ الآفات الجلدية على شكل لطاخات وحطاطات، والتي تتطور إلى حويصلات وبثور، وتشكل قشور ثم تتساقط في النهاية.

في الولايات المتحدة، كانت بعض البثور حمراء بارزة لم يتم ملاحظة مثل هذه البثور في الحالات الأفريقية، ربما لأن معظم الأشخاص المصابين لديهم بشرة داكنة، عادة ما تختفي الآفات الجلدية في غضون 14 إلى 21 يومًا.

 ومن النادر حدوث تندب شديد، كما يظهر في مرض الجدري. فيما يعاني بعض المرضى أيضًا من أعراض بصرية تشمل التهاب الملتحمة، أو في حالات نادرة التهاب القرنية أو تقرح القرنية، او مضاعفات الجهاز التنفسي بما في ذلك الالتهاب الرئوي القصبي واضطرابات التخثر، وحالات نادرة أخرى؛ من التهاب الدماغ أو فشل العديد من الأعضاء.

 يمكن أن تحدث عدوى جرثومية ثانوية، وقد تؤدي إلى تعفن الدم وقد تجهض المرأة الحامل أو تلد جنيناً مصاباً بالعدوى، أو يكون هنالك جنيناً مصاب في الرحم ميتاً،  مع آفات جلدية لطاخية حطاطية جلدية وتأثر كبدي شديد، ويتعافى معظم المرضى في غضون 2-4 أسابيع، ولكن من الممكن حدوث حالات وفاة، خاصةً عند الأشخاص المصابين في  حوض الكونغو أو الأفراد المصابين بنقص المناعة .

📌 للحد من خطر انتقال العدوى من إنسان إلى آخر ينبغي تجنّب المخالطة الحميمة للمصابين بالعدوى

أما في القرود تكون طفح جلدي، والذي يبدأ كحطاطات جلدية صغيرة تتطور إلى بثور، ثم تتقشر، وقد تترك ندبات صغيرة عند تساقط القشور.

الآفة النموذجية لجدري القرود لها مركز أحمر، نخر، محاط بتضخم البشرة، يختلف عدد الآفات من عدد قليل من البثور الفردية إلى آفات ممتدة تلتئم، تؤثر أحيانًا على الجسم بالكامل، ولكنها قد تكون أكثر شيوعًا على الوجه .

في كلاب البراري، قد تشمل العلامات السريرية الحمى، والاكتئاب، وفقدان الشهية، والتهاب الجفن والملتحمة، غالبًا العلامة الأولية، وعلامات الجهاز التنفسي؛ إفرازات الأنف، والعطس، أو السعال، وضيق التنفس، والإسهال، والآفات الجلدية المشابهة لتلك الموجودة في القرود، وتقرحات الفم. شوهد اعتلال العقد اللمفية في البراري المصابة بشكل طبيعي في حيوانات اخرى مثل القوارض  توجد علامات تنفسية ولاتوجد أفات جلدية.

  • علاج او لقاح:

لا توجد أيّة أدوية أو لقاحات مُحدّدة  لجدري القردة، ولكن ثبت في الماضي أن التطعيم ضد الجدري ناجع بنسبة 85% في الوقاية من جدري القردة، غير أن هذا اللقاح لم يعد موجود بعد أن أُوقِف التطعيم به في أعقاب السيطرة على مرض الجدري من العالم.

  • الوقاية:

أما الوقاية من هذا المرض، بالامكان اتخاذ الاجراءات الاحترازية التالية:

1 -كإجراء وقائي روتيني، يجب الحذر عند تعامل مع القرود أو الحيوانات الأخرى التي قد تكون مضيفة لفيروس جدري القردة، كاستخدام معدات الحماية الشخصية (PPE) أثناء الاتصال بالحيوانات المشتبه في إصابتها، وعند ملامسة الحيوانات المريضة، أو ملامسة أنسجتها الحاملة للعدوى، اوأثناء عملية ذبحها. كما ينبغي الحرص على غسل اليدين بانتظام عقب الاعتناء بهم أو زيارتهم ويجب على أي شخص كان على اتصال بمرض جدري القرود المشتبه فيه، إبلاغ السلطات الصحية.

2- إن عزل المرضى المصابين والتدابير الجيدة لمكافحة العدوى مفيدة في منع انتقال العدوى من شخص لآخر و استخدام التطعيم، ويجب على الأفراد المصابين أيضًا الحد من اتصالهم بأي حيوان أليف، وخاصة الأنواع المعروفة بأنها معرضة لهذا الفيروس.

3 -تقييد عمليات نقل الحيوانات البرية الصغيرة والقردة في محاولة لمنع انتشار الفيروس اثناء الوباء.

4 -عزل الحيوانات المصابة عن السليمة وحجرها، وحجر كافة الحيوانات التي تعرضت للحيوانات المصابة وحجرها 30 يوما للتأكد من خلوها من المرض .

5 -للحد من خطر انتقال العدوى من إنسان إلى آخر ينبغي تجنّب المخالطة الحميمة للمصابين بالعدوى .

6-  وللحد من خطر انتقال المرض من الحيوانات إلى البشر ينبغي أن تركّز الجهود المبذولة للوقاية من انتقال الفايروس في البلدان المستوطنة فيها المرض على طهي اللحوم بشكل جيّد قبل أكلها.

عن المؤلف

د. فؤادة عادل كاظم/ ماجستير امراض مشتركة

اترك تعليقا