فکر و تنمیة

الاستبداد محرقة الشعوب: ما مداده وكيف يقوِّض؟

وانت تتعامل مع زملائك في العمل، اهل بيتك، اصدقاءك، وسائر البشر وصنوفهم المختلفة تجد منهم من يحاول ان يكون كعبه هو الاعلى من بين الجميع وان كان لا يمتلك ما يجعله كذلك، يهفو صوب فرض الارادة بالقوة فيكون المنطق في عداد خبر كان. هذه الرغبة في التفرد وبسط النفوذ تعرف بـ(الاستبداد)، فماهو؟

وهل يكتسبه الانسان ام انه مغروس فيه غريزياً؟

 ولماذا تزداد معدلاته في مجتمعات معينة بينما ترتفع في المجتمعات الاخرى؟

 وماهي محفزات استفحاله؟

 وكيف يمكن الحد من خطره واثاره؟

ما هو الاستبداد؟

يُعرّف علم النفس الاستبداد على انه: “السلوك الذي يتضمن مظاهر فرض إرادة الفرد ليس عن طريق الحجة ولكن بالقوة، ومظهر العدوان واستخدام الانتقام والإذلال والعنف اللفظي والبدني”، المشكلة هي أن استراتيجية السلوك في هذه لا تسهم في إقامة علاقات متناغمة لكونها لم تخضع لقواعد ولا محددات وبالتالي تتعقد عملية العلاج.

يُعرّف علم النفس الاستبداد على انه: “السلوك الذي يتضمن مظاهر فرض إرادة الفرد ليس عن طريق الحجة ولكن بالقوة، ومظهر العدوان واستخدام الانتقام والإذلال والعنف اللفظي والبدني”

الاستبداد هو انسكاب الرغبة في ابداء القوة على شخصية الانسان فتبدو شخصية مستبدة، وهذا السلوك يعد مكتسباً لا موروثاً، يتجلى بالقوة والرغبة بتحقيق متطلبات الشخصية بغض النظر عن آراء واحتياجات الآخرين عن طريق طلب طاعة ثابتة وكاملة.

نفسياً يحدث الاستبداد بدافع الأنا ونموها الباهظ والذي يدفع الفرد في نهاية الامر الى فقدان السيطرة على تصرفاته وحينها تخضع جميع الأعمال حصراً إلى المجال العاطفي، بمعنى تفرض العاطفة قوتها على العقل وتسير الانسان بطريقة غير متعقلة ولا متوازنة اطلاقاً.

 ماهي مظاهر الاستبداد؟

في الاسرة يتجلى مظهر الاستبداد بالعنف النفسي والجسدي عندما تصبح كل الأساليب ذات صلة لتحقيق سلطتها الخاصة، ودائما ما يحدث الاستبداد الاسري ان صح اطلاق التسمية عليه حينما لا يعي الشخص المستبد( الاب، الام، الاخ ، الزوج..)، الحدود والحريات الشخصية للآخرين، فينظر الفرد هنا الى من هم تحت رعايته على انهم ملك له وله كل الحق بالتصرف بهم وتوجيههم حسب مايريد، ومثل هذا الاعتقاد يجعل العائلة في نظر المستبد بأنهم ادوات للتنفيذ وعليهم الامتثال الكامل لأفكاره حول الحياة، ولكن أيضا كيف ينبغي أن يتصرف الشخص الآخر ويشعر.

سلوك الاستبداد على انواعه يؤدي الى صراعات وفي جميع المجالات، مما يجبر الضحايا على تقديم فروض الطاعة او انهم يصمتون ويتكيفون كتعبير عن العجز الذي يواجهونه

وفي نطاق العمل يظهر الاستبداد على صور انسان بغطاء حيوان يحاول السيطرة الكاملة على من حوله ارضاءً لغطرسته وحباً بالتجبر وبسط النفوذ، وللتنويه ان رغبة الانسان في الاستبداد في اطار العمل لا تقف عند حدود المسؤولين فقد رأينا الكثير من العاملين يحاول ان يكون له الصدى الاول والسطوة الكبرى من بين العاملين معه، اذن هي رغبة مرضية ناتجة عن عقد نفسية تتحول الى ممارسة سلوكية فيما بعد.

سلوك الاستبداد على انواعه يؤدي الى صراعات وفي جميع المجالات، مما يجبر الضحايا على تقديم فروض الطاعة او انهم يصمتون ويتكيفون كتعبير عن العجز الذي يواجهونه، ومثل سلوكية الصمت وعدم المقاومة تمثل بيئة خصبة لنمو الاستبداد وانتشاره وبالتالي يصبح ظاهرة مجتمعية.

  أسباب الاستبداد

  1. اول الاسباب التي تدفع الانسان الى ان يكون مستبداً هو ان الوالدين لم يسمعوا لحاجات الطفل وهم  يريدون فقط طاعة غير مشروطة مما يدفع الاطفال بعد بلوغ القوة الى اخذ حقوقهم بالقوة والقوة هي اداة الاستبداد.
  2. يتشكل الاستبداد من دون وعي كرغبة في الانتقام من الآخرين بسبب الإهانات التي تعرض لها يوماً حين ما كان ضعيفاً.
  3. الطاعة العمياء التي يقدمها البسطاء من الناس عبر التملق و المجاملة الفارغة هي من تصنع طغاة مستبدين.

باختصار هذه الاسباب الثلاثة هي التي تجعل الانسان مستبداً وتتفرع منهما اسباب اخرى فرعية.

كيف نعالج المشكلة؟

لمعالجة مشكلة الاستبداد  المستشرية في مجتمعاتنا بصورة عامة والعربية بوجه اخص لابد من القيام بما يلي:

  1. لابد من توفير الرعاية النفسية الكاملة للطفل ووضعه بدائرة الاهتمام والتقدير والابتعاد عن تحقيره والانتقاص منه، او تجاهل مطالب نموه السليم سواء نفسياً او جسمانياً وبالتالي لن يجد عذراً لأن يكون مستبداً على فرض عدم وجود دواعي للفعل.
  2. الابتعاد عن اهانة الضعيف من الناس وتسخيفه او السخرية منه لكون الامر سيعود بالمجتمع بالمضرة، اذا ان المُهان حين يتمكن سيَهين وبذا تصبح سلوكية متوارثة في المجتمع.
  3. لابد من رفض الاستبداد والوقوف بوجه المستبدين وان كان استبداهم ناتج من ردة فعل فهذا لا يعني الصمت امامهم والانصياع لأوامرهم، لان ذلك سيجعلهم وحوش فتاكة لا يقوى احد على ردعهم ولات حين مندم.

عن المؤلف

عزيز ملا هذال/ ماجستير علم النفس

اترك تعليقا