بصائر

كيف يجب أن نكون؟

كل إنسان في هذه الدنيا توجد عنده فجوة، بينما يضمره وبينما يظهره، بين ظاهره وباطنه، ولكن الناس يختلفون في هذه  الفجوة، فبعض الناس فجوتهم واسعة جدا، وهؤلاء هم المنافقون، وبعضهم يعيشون ازدواجية الشخصية في ظروف معينة.

وربما هذه من حكمة الحياة، لانه إذا كان كل شيء ظاهرا لما تمت فلسفة الحياة وهي الفتنة والابتلاء، وحديث الرسول الأكرم، صلى الله عليه وآله، يشير الى هذه الحقيقة: “لو تكاشفتم لما تدافنتم”، فلو كل إنسان كُشف له ما يبطنه الآخرين، لحدث نوع من التجافي بين الناس ويصل بهم الحال الى أنهم لا يدفنون بعض!

إذن فبعض الناس يخلتف باطنهم عن ظاهرهم، حتى يصل البعض الى عدم القدرة على الجمع بينهما، “لا يزال العبد  يكذب حتى يكتب كذابا”، فماذا نفعل حتى نكون من المتقين الذين تضايقت هذه الفجوة بين هذين الأمرين؟

هناك طريقتان:

الطريقة الأولى: أن نعرف أن هناك يوماً مشهودا تبلى فيه السرائر، يقول الله ـ تعالى ـ:  {فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ}، والأرض في ذلك اليوم تتكلم، {يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا}، فالأرض تشهد على صاحبها؛ إن خيراً فخير، وإن شراً فشر، وحتى جلد الإنسان يتكلم وينطق {حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}.

وحين يعرف الإنسان أن يوم القيامة هو يوم الكشف عن كل خباياه، ستكون حياته مختلفة تماما، وبعيدة عن الازواجية النفاقية، ونحن نقرأ في المناجاة الشعبانية: ” إِلهِي قَدْ سَتَرْتَ عَلَيَّ ذُنُوباً فِي الدُّنْيا وَأَنا أَحْوَجُ إِلى سَتْرِها عَلَيَّ مِنْكَ فِي الأخرى إِذْ لَمْ تُظْهِرْها لاَحَدٍ مِنْ عِبادِكَ الصّالِحِينَ فَلا تَفْضَحْنِي يَوْمَ القِيامَةِ عَلَى رؤوسِ الاَشْهادِ”، وحين نستحضر ذلك اليوم كلما ردمنا الفجوة بين ما نقول وبين ما نعتقد.

الطريقة الثانية: الاستفادة من الشرع المقدس في جميع مفاصل حياتنا، المتمثل بآيات الله، وكلام النبي، وأهل بيته، صلوات الله عليهم، فالتعاليم الدينية لم تهمل أي جزئية في حياة الإنسان، فجاءت التعاليم كيف ننام، وكيف نمشي، ومتى نتكلم، ومتى نسكت..، ومئات القضايا التي احاط بها الدين وشملها كلامه.

إذا اشترى احدنا جاهزا الكترونيا، فإن الشركة المصنعة ترقف معه بروشور في كيفية التعامل مع هذا الجهاز، فالله تعالى الذي خلق هذا الكون، وخلق هذه الحياة المعقدة ألم يطعِ بروشور للتعامل مع الطبيعة من حولنا، ألم يضع لنا برنامجا نسير عليه؟

إن الله قد وضعَ لنا برنامجا، وهو: القرآن الكريم، وكلام النبي وأهل بيته، صلوات الله عليهم، وكلما التزمنا بهذا البرنامح، كلما ابتعدنا عن الحاجة الى الازدواجية، التي تتمثل في الحالة النفاقية، فما دامت حياة الإنسان مستقيمة، ويسير ضمن خارطة واضحة، فما الداعي الى النفاق؟

عن المؤلف

هيأة التحرير

اترك تعليقا