بصائر

القيم سور المجتمع من الإنحراف*

القيم سور المجتمع، فالمجتمع الذي تضعف عنده القيم، يهتز مع أول عارضة وجانحة تقف في طريقه، ثم يتلاشى مع الضغوط الخارجية، بينما المجتمع الذي يحمل القيم، تجده في زيادة من التكامل والتماسك والتلاحم كلما عصفت بهم الطوارئ.

والمجتمع الإنساني الذي نسعى لصنعه، يجب أن نكرّس القيم فيه، ونضاعف الجهد من أجل ترسيخها، لكي لا تتآكل هذه القيم بسبب الظروف الطارئة، فبعد حرب صفين رفع الإمام علي، عليه السلام يده وقال: “اللهم إن حرمتنا النصر؛ فاعصمنا من الفتنة”، فليس بالضرورة أن ينتصر الإنسان في كل معركة، وليس بالضرورة أن تربح كل صفقة، وليس أيضا بالضرورة أن تنجح في كل خطوة، لأن الحياة سجال.

 

الإنسان الذي يعيش ضمن مجتمع ملتزم بالعهد، فهو يعيش راحة البال، ومطمئن النفس

 

لكن من الضروري جداً إذا خسرت المعركة ان تتماسك، وإذا خسرت الصفقة أن تستعد لصفقة جديدة، وإذا أصبت بضعف في أمر ما لا بد أن تقوّي نفسك، وهذه الضرورة تـأتي عبرالقيم، وهذه القيم على نمطين:

النمط الأول: ما يرتبط بشخصية الإنسان، فهذه الشخصية يجب أن تكون غير هلوعة، فلا جزع ولا منع لدى هذه الشخصية، فهي شخصية ثابتة، فالمؤمن صبور وشكور، لا تهزه المشاكل، لأنه يتمتع بقوة إردة، وقوة الإرادة متأتية من الإرتباط بالله سبحانه وتعالى، وارتباط ـ المؤمن ـ بالله يجعله دائما أقوى من الظروف المحيطة.

النمط الآخر: فهو ما يرتبط بعلاقة الناس بعضهم بالبعض، وأهم هذه العلاقة هي الوفاء بالعهد، وهذه الصفة يجتمع كل الناس على الإشادة بها، فقد تتساهل بعض المجتمعات في بعض القيم، لكن هذه القيمة الأخلاقية المهمة هي محط إشادة من الجميع.

 

أبسط دليل على ان القوانين والأجهزة الأمينة على كثيرتها لا تحد من الجريمة، هو ما نشاهده في الدول الغربية؛ خصوصا في الولايات المتحدة الأمريكية من جرائم شبه يومية، من الاغتصاب الى القتل الى النهب وغيرها

 

والمجتمع الذي يملك الوفاء بالعهد، يتماز ببعض الصفات:

  • تعامل ابناء هذا المجتمع فيما بين أفراده يكون تعامل بإنسيابية، فالمشتري يثق بالبائع، والفرد يثق بالآخرين وهم يثقون به، أما المجتمع الذي يعيش على الحيلة والمكر لا ينمو أبدا، ولا يجد الطريق الى التكامل، ويصعب عليه الاستمرار في الحياة.
  • الإنسان الذي يعيش ضمن مجتمع ملتزم بالعهد، فهو يعيش راحة البال، ومطمئن النفس.
  • ومن مميزات هذا المجتمع، أنه أبعد المجتمعات عن الجريمة. جاء في أحد التقارير لبرفسور (فرنسي) قوله: أن 98% من روادع الجريمة ليست مرتبطة بالأمن وما يتعلق به كأجهزة الشرطة، وإنما ترتبط بتعامل الناس فيما بينهم.

وأبسط دليل على ان القوانين والأجهزة الأمينة على كثيرتها لا تحد من الجريمة، هو ما نشاهده في الدول الغربية؛ خصوصا في الولايات المتحدة الأمريكية من جرائم شبه يومية، من الاغتصاب الى القتل الى النهب وغيرها.

  • ومن أبعاد العهد أيضا، هو ضبط العلاقة الجنسية، فهذه العلاقة في الإسلام هي علاقة مقنّنة، في ضمن تشريع معين، فليس من حق أي احد أن يعتدي على نساء الآخرين، او يتحرش بهنَّ.

إن المجتمع غير الهلع، والذي يصمد أمام التحديات والعواصف يتمتع بعدة خصائص، كما تبينه الآيات الكريمة من سورة المعارج:

يقول تعالى: {إِنَّ الإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً * إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً * وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً}. وهذه الخصائص هي:

  • {إِلاَّ الْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاتِهِمْ دَائِمُونَ}، فالمصلي لا يصيبه الهلع والجزع.
  • {وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ}. فهم يعطون من أموالهم، ليحققوا التوزان المالي والمعيشي في المجتمع، بإعطاء الأموال للطبقة المسحوقة.
  • {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ}. وهم الحافظون لشهوتهم، ولا يشبعونها إلا من طرقها الشرعية.

————————-

  • مقتبس من محاضرة لسماحة المرجع المدرسي

عن المؤلف

هيأة التحرير

اترك تعليقا